أسيران يمنيان يرويان مـآسـيهما في زنازيِن السعودية

روى الأسيران اليمنيان إبراهيم ونجم الدين المحاقري مأساتهما في زنازين السعودية، بعدما وقعا في قضبة الجيش السعودي، وتعرّضهما لشتى أنواع التعذيب.

الشقيقان يعانيان من مرض الكبد، ويقولان إنهما تعرضا للأسر في محافظة مأرب وتم بيعهما من قبل مَشَايخ مأرب للسعودية إِلَى أن قبعا في سجون آل سعود، الأَمْـر الذي أثار استغراب واستحقار كُلّ يمني حُر، إذ كيف لشيخ قبيلة ينتمي إِلَى أصل الحضارة مأرب يخون أبناءَ وطنه ويبيعهم إِلَى مملكة البغي.

ويسرد الشقيقان قصة أسرهما بالقول: "كنا مرابطين في منطقة الزور فانقطع علينا المدد من مواد غذائية وذخيرة؛ وذلك بسبب القصف والتمشيط بطائرات الأباتشي للعُـدْوَان السعودي الأَمريكي، وكان الضرب علينا عنيفاً جداً، والحمد لله لم يصبنا مكروه، وأَكْثَر جروح كانت بسبب مخلفات الأباتشي (المعابر الفارغة)، حيث كانت تتساقط علينا مثل المطر، فصمدنا بقوة الله وتم حصارنا بحوالي 10 دبابات (ابرامز) و15 مدرعة إمَـارَاتية، واستمر الحصار 5 أَيَّـام ثم انسحبنا إِلَى جوار معسكر كوفل، وكان ذلك بعد المغرب فتقدموا إلينا من كُلّ الجهات فلم نستطِع المقاومة بسبب نفاد الذخيرة وتم أسرنا في تأريخ 10/10/2015م".

وتابع الأسيران "وُجّهت تهم كثيرة لنا، وأول كلمة قالها المرتزقة: أَنْتُمْ روافض مجوس تقاتلون مع إيران. ثم عاهدونا بعهد الله أنهم لن يسلمونا للإمَـارَاتيين أَوْ للسعودية"، وأضافا "تم نقلنا إِلَى المبنى الحكومي لمدة ثلاثة أَيَّـام وبعدها نقلونا إِلَى صافر، وَفي لحظة نزولنا من سيارة النقل الكبيرة كان عددنا حوالي 40 أَسيراً من مواقعَ مختلفة، اندهشنا مما رأينا، كانت الدبابات والمدرعات حولنا بشكل دائري رغم أننا مكبلا الأيدي إِلَى الخلف، رأينا أَيْضاً امرأة ورجلاً إمَـارَاتياً نزلا من مدرعة معاً، مما يدل على ممارسة الفواحش والعياذ بالله، وتم بيعُنا هناك بـ600 ألف ريال سعودي على كُلّ فرد، أما المعاملة فكانت قاسيةً جداً حتى كدنا نفقد الوعي من شدة العطش، فقال أحد الأَسْـرَى لجندي "نشتي ماء" احنا عاطشين، فما كان من الإمَـارَاتي ألا أن وضع الأَسير منبطحاً على الأَرْض وقام بالتبول على وجهه وقال له “شرب يا مجوسي يا رافضي، ثم نقلونا إِلَى معسكر شرورة بباصات كبيرة لمدة 11ساعة ونحن مكبلو الأيدي مع تغطية أعيننا بدون ماء ولا طعام، وبعد ثلاثة أَيَّـام من وصولنا معسكر شرورة نقلونا بالطائرة إِلَى قاعدة خميس مشيط الجوية وفيها قاعدة (جبل الصخر) وهي قاعدة أَمريكية لصواريخ من نوع “كروز”، واستمر تحليقنا بالطائرة لحوالي أَرْبَع ساعات وكانوا يوهموننا أن المسافة بعيدة".

وعن المعاملة في سجن آل سعود، فيرويها الشقيقان بالقول: "كانت معاملتهم لنا في أول أسبوع معاملة جيدة وبعد الأسبوع الأول أحسسنا كأننا بين أيدي إسْرَائيْليين ولكن بلُغة عربية، كان هناك تعذيب بالكهرباء، وبالضرب بالعُصي القوية، والأسلاك الكهربائية، وتعذيب نفسي حيث كانوا بعض الأَيَّـام يقولونا لنا: بكرة "إعدام"، ولكنني أقول لهم: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ"، وبعد كلام الله كان الجندي يضربني بكل قوته إِلَى أن يتعب، وفي مرة من المرات استخدم شخصاً اعتقد أنه بنغالي أَوْ هندي استخدموه لضربي، ولكن هذا "عامل النظافة" قلبه رحيم فلم يستطِع ضربي أَكْثَر من ضربتين فقام الجندي السعودي بوضعه بجانبي وضربه معي".

وبالنسبة للطعام المقدَّم لهما، يصرّح المحاقري: "نحمد الله على النعمة ونشكره على فضائله، وجبة الصباح والمساء عبارة عن واحد رغيف وحبة جبن مثلث مع طاحونية وبعض الأحيان حبة زيتون، أما الغداء كان عبارة عن صحن صغير أرز وصحن مشكّل خضروات ولم نكن نأكل المشّكل كنا نأكل الخبز مع قارورة ماء سعة 330مل يعني بحجم قلص شاهي وبعض الأَيَّـام نأكل الرز بجانب الخبز وفي كُلّ جمعة حبتين إِلَى ثلاث حبات عنب أَوْ واحد موز لكل أَرْبَعة أَشْخَـاص، حصل معنا موقف مضحك ومبكٍ في نفس الوقت، كان معنا مجاهد من أبناء بني حشيش وهَذِهِ المنطقة مشهورة بزراعة العنب فكان يأخذ الحبة العنب وعيناه تدمعان ويضحك ويقول: في البلاد كنت بعد الغداء أكل عنقودي عنب نصف كيلو لوحدي".

وبحسب الأسيرين، وُضع نجم الدين المحاقري في زنزانة انفرادية، وهو يقول في هذا السياق "أولاً هناك فرق بين زنزانة وسجن انفرادي، السجن الانفرادي هو عبارة عن غرفة كأنها صندوق، ارتفاع وطول وعرض متر واحد فقط لا نوم وَلا تستطيع رفع يديك، حتى قضاء الحاجة تقضيها في مكانك، أما الزنزانة هي عبارة عن غرفة صغيرة فيها سرير ومرحاض مشترك".

ويواصل القول: "الطعام نحمد الله ونشكره، كنت مريضاً بالكبد وكانوا يتظاهرون بحسن النية تجاهي ويتعاطفون نحوي، وكانت وجبتي الصباح والليل نفس وجبتي العنابر الأُخْرَى، لكن الغداء في البداية عبارة عن كبسة وَواحد رغيف فكنت أرفض الكبسة واكتفي بالخبز والماء وبعد فترة كان الغداء بروست وواحد رغيف، أَيْضاً رفضت البروست واكتفيت بالخبز والماء، فكنت أشعر بالخمول وتراخي الجسم حتى وصلت إِلَى درجة عدم القدرة على تحريك أصابع يدي، ومن دون قصد مني ضغطت على قارورة الماء وهي مغلقة فلاحظت أن الماء يخرج من الجنب وقمت بالدهس عليها وكان يخرج أَكْثَر فأيقنت أنهم وضعوا مادة لا أعلم ما هي في الماء بواسطة حقنة، وعندما كنت أخرج إِلَى الحمام كنت اخبئ قارورة فارغة واقوم بتعبئتها من مياه الحمام وأعود إِلَى الزنزانة".

ويضيف المحاقري "طبعاً كان مرضي في بدايته وكان التعذيب قاسياً جداً، تعذيب بالضرب وتعذيب آخر هو الجلوس في الأَرْض دون أن يلمس ظهري الجدار وكانت الكاميرات تراقب إذا لمست الجدار يدخل العسكري ويضربني بعنف، والتعذيب بالبرودة كانوا يشغلون المكيفات إِلَى أقصى ما يمكن من برودة ويضعونني على السيراميك لمدة ساعتين أَوْ ثلاث ونصف جسمي الأعلى عار ويصبوا عليَّ ماء مثلجًا، مما أدى إِلَى اصابتي بمرض آخر “التهاب الرئة”، أَيْضاً التعذيب بالكهرباء وقبل أَوْ بعد التعذيب بالكهرباء يصلبونني مستقيماً لمدة أَرْبَع إِلَى خمس ساعات، وبعدها صلب الرأس على العقب يعني رأسي للأسفل وارجلي للأعلى، مما ادى هذا كله إِلَى اصابتي بالتهاب شديد في الكبد وفقر حاد في الدم وتم نقلي إِلَى المستشفى، وَخلال نقلي كنت على سرير الاسعاف وأثناء إخراجي من الزنزانة إِلَى سيارة الاسعاف كنت افتح عيني بشكل قليل جداً وعلى أساس أنني فاقد للوعي ورأيت شاشة عملاقة جداً مقسمة إِلَى مربعات صغيرة لمراقبة عنابر السجناء ورأيت أَيْضاً غرفة العمليات وعندما كنت في المستشفى كان هناك دكتوران وبينما هما يسألاني عن أمراضي كان سبعة جنود مسلحين بأحدث الأسلحة يدورون حولي. طبعاً هذا من رعبهم وخوفهم رغم أني مكبل الأيدي والأرجل وبعد حوالي خمسة أَيَّـام من العلاج في المستشفى رجعت إِلَى السجن مع المجاهدين الآخرين وقضيت حوالي أَرْبَعة أشهر على كرسي متحرك".

آخر الأخبار