خاص | شياطين لا تصفد في رمضان

احمد فؤاد - كاتب عربي مصري | في شهر الخير، شهر رمضان المبارك، لا تصفد كل الشياطين، هناك من الأنس شياطين تنفلت من كل عقال، وتحوّل العالم حولها إلى جحيم كامل، يطوف حول الجنون والشر كركن مركزي، ويلبي للموت، ويسبح للدجالين الجدد على مرأى أنهار الدماء الطاهرة الذكية.
تمر المملكة السعودية في هذه اللحظة بأزمات ثلاث، وكلها تتغذى وتكبر بارتباطها ببعضها، حرب اليمن، وحرب أسعار البترول، وحرب ثالثة لتبييض صورتها في الغرب، واختار المفتون بالوهم بن سلمان أن يخوض حروبه كلها في وقت واحد، بما يراه من دعم لا ينفد من حليفه القوي دونالد ترمب.
قرر بن سلمان شراء الصورة بالمال، عن طريق شراء نادٍ إنجليزي عريق لكرة القدم، نيوكاسل يونايتد، علّه ينجح في انقاذ النادي المتعثر بشدة، وإيجاد دعم شعبي في إحدى بلدان الغرب لصورته المهتزة، والمقابل المدفوع -300 مليون جنيه إسترليني- لا يقارن بالرغبة المحمومة لتبييض وجهه وصورة نظامه الدموي.
في اليمن الصامد للسنة السادسة من عدوان آل سعود، تُرك قرار استكمال الحرب الغبية للصف الثاني الشيطاني من أعوان بن سلمان، مع انشغال الصف الأعلى بتحقيق نزوات الأمير في تملك نادٍ إنجليزي لكرة القدم، وغرق البقية في حسابات الاقتصاد الذي يوشك على أزمة لا سابق لها مع انهيار أسعار البترول، للحد الذي وصلت فيه لرقم سالب، للمرة الأولى في تاريخ التبادل العالمي.
الانهيار الكامل والشامل هو العنوان المناسب للمرحلة، من تراجع مستمر خلال الشهور الأخيرة في معركة اليمن، إلى افتقاد آل سعود للمورد الأهم، الضامن للحفاظ على الأسرة أولًا ثم الدولة من تقلبات وعواصف العالم، وهي كثيرة لا تتوقف.
اختار آل سعود البدء مع الحل الوحيد في اليمن، إعلان بوقف القتال، ودعوى انتشار فيروس كورونا المستجد تبدو حجة مقنعة لهم ولأزلامهم، سرعان ما يتلقفها إعلامهم ليشيد بـ "إنسانية" بن سلمان وبن زايد، لكن الحقيقة تحتاج لأكثر من الاستماع لقنوات اعتادت التسبيح بحمد القاتل وتلبيس الحق بالباطل.
لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن إنسانية زائفة، محض كذبة جديدة، عارية إلا من أسباب أنانية مفضوحة.
التراجع الذي شهده العام الأخير للسعوديين وتحالفهم الشيطاني في اليمن، يكفي وحده كسبب لوقف إطلاق النار، فقدت السعودية وتوابعها المحليين "المرتزقة" محافظات نهم والجوف، ومأرب، ورسم تقدم الجيش الوطني واللجان الشعبية خارطة جديدة تمامًا في الفضاء اليمني، وأثبت البندقية اليمنية قدرتها على الحسم والتقدم والتحرير، وصدق رهانها على الناس الذين ضجوا من تصرفات مرتزقة السعودية والإمارات في المناطق اليمنية.
بالإضافة للتراجع، أو بالتزامن معه، بدأت الميليشيات الممولة سعوديًا وإماراتيًا، في التفكك والانحلال، التكوين والاعتماد على المال وحده لا يصنع هوية ولا يمنح قدرة على الصمود، مجرد ميليشيات تقاتل لأجل الذهب، لكنها أحرص الناس على أن لا تقتل دونه.
وبغياب ما يعتبرونه رئيسًا، مقيمًا في فنادق الرياض، فقد نفد البخار تمامًا من قاطرة آل سعود، وبات العنوان المعلن حرب عدوانية ضد اليمن، وفقدت كلمة الشرعية التي كانت متكأ للتدخل كل معنى، وانقلاب الإعلام الغربي ضد المملكة وصبيانها في اليمن، ومع مرور الوقت تزداد حدة التقارير والتصريحات، وهذه كلها كانت خطوطًا حمراء للعائلة السعودية، التي تحرص على صورتها في الإعلام الغربي أشد الحرص، وتحاول شراء الأقلام بكل السبل، منذ عشرات السنوات، فقد أصبح الاستمرار في القصف المستمر للمدنيين مستحيلًا، بكل حساب.
التوجه السعودي إلى تأجيل ملف الحرب على اليمن، ليس ذهابًا إلى سلام، فلن يلبث السعوديين أن يعيدوا الكرة وقتما يكون الوقت مناسبًا لهم، لتحطيم الإرادة اليمنية، وإنزال العقاب بالجيش والشعب، من وقفوا في وجه تحقيق أحلام السيطرة والزعامة الإقليمية لابن سلمان، وحطموا مبكرًا مشروع الدولة العظمى المسيطرة على الجزيرة العربية بالكامل.

 

خاص | راصد اليمن

آخر الأخبار