خاص | مطلوب 100 مليار دولار

للتاريخ أبواب متعددة، ومداخل كثيرة، لا يرى الطغاة من أبوابه إلا باب القادة، يرغبون دائمًا وأبدًا اليه، ولو حبوًا فوق جثث شعوبهم، وشعوب أخرى قادها حظها العاثر أن تكون هدفًا لأطماعهم.
محمد بن سلمان رغب في دخول التاريخ كفاتح وقائد عسكري، من بوابة مخضبة بدماء ألوف وملايين الضحايا اليمنيين الأبرياء، خطط لعدوانه مستعينًا بأحدث ما في ترسانات العالم من أسلحة، وفتح خزانة آل سعود على مصراعيها لشراء الولاءات والذمم الخربة، ودمر اليمن، لكنه لم ينتصر.
درس التاريخ يتجدد، لا انتصار سيحوزه فاشل أرعن.
انقلبت حرب اليمن من تمنيات كاذبة بنصر سريع، أراده "بن سلمان"، وحوارييه ممن يرونه مكافئًا لـ"نابليون"، إلى لعنة تضرب قلب السعودية بشدة، وتتسبب في نزيف هائل كل يوم، حتى طالت الأسرة المالكة بنيرانها، وفرضت التقشف على أكبر اقتصاد عربي، وجعلت مسؤوليه في حيرة لتوفير موارد تكفي المغامرات.
مشهد القبض على مليارديرات آل سعود لم يكن بعيدًا عن شظايا قنابل اليمن، فالأمير يبدد بسرعة غير مسبوقة ثروات الخزانة السعودية، في شراء السلاح والرضا الغربي، فصفقات السلاح الضخمة مع الولايات المتحدة وأوروبا تتمثل أهم أهدافها في شراء لوبي قوي لمنع أي إدانة للحرب الوحشية على الشعب اليمني.
الأمم المتحدة واحدة من ساحات عديدة تبدد فيها الأموال السعودية، لمنع صدور أي قرار أممي يمس شرعية الحملة على اليمن، رغم خروج صحف غربية عديدة، بعد تقارير منظمة الصحة العالمية، التي أخرجت مأساة اليمن بعد سنوات ثلاث إلى بؤرة اهتمام عالمي، يتزايد يومًا بعد الأخر.
بعد جرد الحسابات، اكتشف الأمير أنه إما الانسحاب من اليمن، بكل ما يحمله من اعتراف بالهزيمة، وإما الاستمرار في الحرب، بحثًا عن مكسب يبرر كل المصروفات الهائلة، على حملة اقترن بها الفشل منذ اليوم الأول، والأهم أنها ستحمل مع وقفها رصاص اليمن المنتقم إلى المدن السعودية، فهل ينسى اليمنيون ثأرهم مع طائرات السعودية والإمارات، والتي تحمل يوميًا الموت إلى أطفالهم ومدنهم.
لكن من أين يأتي بن سلمان بالمزيد من المليارات للصرف على حملته العسكرية، الإجابة كانت في طرح شركة "أرامكو" عملاق البترول السعودي في البورصات الدولية.
الطرح الأولي سيوفر طبقًا لخطط خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، نحو 100 مليار دولار، مقابل 5% فقط من أسهم "أرامكو"، وهو مبلغ يكفي للاستمرار في توفير متطلبات الحرب في اليمن.
لكن البورصات العالمية لا تدار برغبات "بن سلمان"، فالشركة لا بد أن تستوفي العديد من المتطلبات، وعلى رأسها التوافق مع قواعد الشفافية والإفصاح اللازمين للتداول العالمي، وهو ما لا ينطبق بأي شكل على "أرامكو"،التي تدار على طريقة "الملكيات الخاصة".
الحل كان في "استيراد" من يهيئ عملية الطرح للبورصات العالمية، السيدة سارة جماز السحيمي، رئيسة سوق المال السعودية، خريجة هارفارد، والعاملة سابقًا في عدد من صناديق إدارة الأصول العالمية، مثل مجموعة سامبا المالية، وشركة جدوى للاستثمار، وشركة الأهلي المالية.
لكن الخطوات الهادفة لطرح "أرامكو" متعثرة منذ ما يقرب من العام، وكان الحل الأقرب لذهنية "بن سلمان" هو الاستيلاء بالقوة على الـ100 مليار دولار المطلوبة من الأمراء والمليارديرات السعوديين، وهو الرقم ذاته الذي أعلنته هيئة مكافحة الفساد كمستهدف من الأمراء والشخصيات الموقوفة.
اليمن تحول بعد ثلاث سنوات ونيف من مفعول به إلى فاعل أصيل في معادلة القوة بشبه الجزيرة العربية، ويكاد أن يتحول إلى رقم مهم على الساحة العربية، وهو يستحق ذلك، فقد قدم من التضحيات ما لا يحصى كثرة، وأجبر دول "عاصفة الحزم سابقًا" إلى اتخاذ موقف دفاعي عند الحد السعودي الجنوبي، وكتب الصاروخ إلى الرياض فاتحة عهد جديد، عنوانه "الردع"..
النصر لليمن وشعبها العظيم.

 

راصد اليمن - خاص | 

أحمد فؤاد - كاتب عربي مصري

آخر الأخبار