إيهاب شوقي - كاتب عربي مصري | تبدو الاوضاع المتعلقة باليمن ومفاوضاته ووقف العدوان وانهاء الحرب، امورا متجمدة قياسا بملفات اخرى يسعى العالم عبر هيئاته المختلفة لتسويتها، رغم ان انعكاسات العدوان على الاوضاع الانسانية باليمن ربما تكون الأشد والاكثر وضوحا.
والمتابع لحركة الدبلوماسية الدولية، يجد نشاطا في الملف الليبي ويرى حراكا في الملف السوري ويرى اهتماما بتسويات ومقايضات هنا وهناك، بينما تكاد حتى اخبار اليمن ان تختفي من عناوين الصحف ووسائل الاعلام بسبب الجمود الذي اعترى ملفها!
وهنا نطرح سؤالين: الأول، هل هو جمود ام تأجيل؟
والثاني، هل يتعلق الجمود او التأجيل بأهمية الملف اليمني وهل يعكس تراجعا او انعداما للأهمية؟
وفيما يتعلق بالسؤال الاول، فإن الامر هو مزيج من الجمود والتأجيل، او بمعنى اصح، هو تأجيل بسبب الجمود.
وعن السؤال الثاني، فإن اهمية الملف لا يمكن انكارها، حيث تنبع من اهمية اليمن والصراع الدولي عليه، بل العكس هنا يمكن ان يقال، ان الجمود والتأجيل نابع من اهمية هذا الملف وخطورته وحساسيته.
ولمزيد من التوضيح يمكننا ان نقول هناك محاولة دولية للملمة الملفات المبعثرة والتي تمثل تغيرات جيواستراتيجية شكلت تغيرا بالتوازن الدولي، وتسعى الدول الكبرى لنظام تفاوض وتسويات اقرب للمقايضات عبر سلة تفاوض كبيرة.
بينما هكذا هو فكر الدول الكبرى والتي تشكل اطراف الصراع الدولي، فإن صراعات اقليمية تحديدا في منطقتنا، لا يمكن ان تدار بهذا الفكر، وهو ما يعرقل هكذا تسويات.
وهنا وللتوضيح، فلا بد من الحديث عن المعسكرات الاقليمية، فهناك معسكران تبلورا بوضوح، وهما معسكر التبعية، ومعسكر المقاومة.
وبينما يحمل معسكر التبعية بحكم تبعيته، منطق الدول الكبرى ورؤيتها الساعية الى المقايضات والمساومات، ورؤية الكثير من الصراعات على انها بالضرورة صراع بالوكالة.
فإن معسكر المقاومة يرى ان هناك امورا غير قابلة للتفاوض والمساومات والتنازلات، وهي ثوابت تتعلق بالكرامة والحقوق ورفض الهيمنة والذلة.
وهنا تأتي خصوصية الملف اليمني، حيث امريكا وتوابعها يظنون انه ملف قابل للمساومة باعتبار المقاومة اليمنية اداة ومحارب بالوكالة، بينما معسكر المقاومة ليس به ادوات، واحرار اليمن ومقاوموها يرونها قضية تحرر وطني.
هنا يعجز الامريكي والسعودي ومعسكر العدوان عن التعاطي مع الملف، وخاصة بعد محاولة التركيع وفشلها، وانتقال المقاومة اليمنية من الصمود الى الهجوم وايلام العدوان وتهديد مصالحه الحيوية، وهنا يتولد الجمود والتأجيل نتيجة العجز والفشل والكبر في الاعتراف بالهزيمة.
وبعد التطورات الاخيرة وحافة الهاوية بين محور المقاومة وامريكا ونذر الحرب الشاملة، فإن المقاومة اليمنية اتخذت وضعا دوليا جديدا، حيث ترتقي باليمن لتصبح دولة كبرى من دول محور المقاومة، بينما يشدها العملاء لتصبح تابعا صغيرا من اتباع العدو الصهيو امريكي.
وعلى الشعب اليمني التأمل في الوضع الاقليمي والدولي واختيار يمنهم الذي يبغون، والامور ليست قابلة للحياد في معركة صريحة وواضحة المعالم وخالية من الالتباسات.
راصد اليمن | خاص