إيهاب شوقي - كاتب مصري | في الذكرى الرابعة للعدوان الغاشم الفاشل على اليمن، لا يسعنا هنا الا أن نقول وباطمئنان، أن اليمن بخير وأحرار اليمن يكتبون تاريخا جديدا، ويمهدون ليمن جديد يليق بالمقام اليمني من حيث الحضارة والموقع والموارد، والأهم، من حيث أصالة الإنسان اليمني وطبعه الكريم الأبي.
لن نذكر هنا احصاءات السنوات الاربع وعدد الضحايا والمرضى، والخسائر المادية، وربما نكتفي فقط بتقدير للأمم المتحدة يقول أن 80٪ من سكان اليمن البالغ عددهم 24 مليون نسمة بحاجة إلى المساعدة الإنسانية و 10 ملايين على وشك المجاعة.
وهذا الذكر فقط لبيان بشاعة العدوان وخسته، ولكن موضع الشاهد هنا، هو المحصلة السياسية والاستراتيجية وكذلك مآلات الأوضاع وما ترتب عنها من تدشين لما هو قادم، وفي ذلك يمكننا القاء الضوء على ما يلي:
1- المحصلة السياسية:
تقول التقارير الأمريكية، أن السعودية حرصت دوما على تعميق الثقة وتبادل المصالح مع الحزبين الرئيسيين الأمريكيين، الديمقراطي والجمهوري، لضمان متانة العلاقة ورسوخها مع أي نظام يصل للحكم، واليوم هي في أسوأ مراحل علاقتها مع الحزب الديمقراطي، ويعمق من هذه الهوة خلاف الحزب الديمقراطي مع ترامب والنكايات المتبادلة بينهما، ولأن ترامب ألقى بثقله وراء السعودية وابن سلمان، فإن مستقبل العلاقات مع الحزب الديمقراطي مظلمة.
كما يمكننا إضافة أن مستقبل العلاقات مع ترامب نفسه غير مضمونة كلما زاد الفشل والثمن المدفوع من انتهاك الشرعية الدولية والصمت على جرائم الحرب دون تحقيق أية انجازات استراتيجية أو حتى سياسية.
أي أن المحصلة السياسية هي فشل سعودي وعزلة دولية تجلت في المؤتمرات الدولية الأخيرة، والتي اتخذت في بعض الأوقات عنوان جريمة مقتل الصحفي عدنان خاشقجي، الا انها اقترنت دوما بالفشل في اليمن، وكلنا يرى الضغوط على الادارة الامريكية والبريطانية في قضايا تصدير الأسلحة، اضافة الى قرارات عدد من الدول بشأن تصدير السلاح الى السعودية، وهو بالطبع نتاج السمعة السيئة التي ترتبت على الفشل وعلى صمود المقاومة والشعب اليمني.
2- المحصلة الميدانية:
تقول التقارير وخاصة الغربية، "أنه في أجزاء من الجنوب ، سيطر السعوديون سيطرة قوية إلى حد ما، كما هو الحال في محافظة المهرة على طول الحدود العمانية ، حيث يشاع أنهم يفكرون في بناء خط أنابيب للنفط إلى المحيط الهندي، وقد جلبوا رجال الدين الوهابيين. في مناطق أخرى، مثل عدن، اتخذ السعوديون مقعدًا خلفيًا إلى أبو ظبي، التي بنت شبكة من الميليشيات المحلية أكثر ولاءً للإمارات من هادي".
فهل نعتبر هذا انجازا لو سلمنا بصحته، وخاصة مع اعتراف الرياض مؤخرا أن أكثر من 70،000 "قذيفة" ضربت المملكة في السنوات الأربع الماضية؟
ان السيطرة على اليمن الموحد لم تحدث، والعاصمة تحت سيطرة المقاومة، وحتى محاولات تقسيم اليمن الى شمال وجنوب متعثرة بفعل تضارب مصالح معسكر العدوان، وبفعل السيطرات الجزئية على المحافظات من قبل العدوان والقوى التابعة له، فلا توجد سيطرة كاملة يمكن عمل كيانات تقسيمية عليها، الا اذا ارتأى العدوان العودة الى نمط المحميات الاستعمارية التي قامت على انقاض المخاليف والسلطنات ابان الغزو البريطاني!
3- وفيما يخص محصلة الوضع وتراكماته وتأثيرها على المستقبل، يمكن تلخيصها في سقوط هيبة السعودية والامارات وامريكا وكل القوى الاستعمارية، وتنامي الروح الثورية والمقاومة في اليمن، وتعمق الايمان بخيار المقاومة ونجاحه، وكذلك سقوط الاقنعة عن شخصيات وقوى سياسية واحزاب، بعد عملية الفرز التي ترتبت على العدوان، والتي كشفت المرتزقة.
هناك اذن تغير مرتقب لخريطة القوى السياسية بعد محطة الفرز الكبرى التي دشنها العدوان، وهناك تغير لموازين القوى الاقليمية، ولثقل اليمن في الميزان، حيث اصبحت اليمن جزءا من محور المقاومة، ورقما صعبا في موازين القوى لدى امريكا والصهاينة.
تجربة الصمود اليمنية طيلة الأربعة أعوام الماضية، ستلهم ايضا الدول المستضعفة وسترفع أسهم الخيار المقاوم، ولعل معسكر العدوان أدرك جيدا حجم الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه، وان لم يدرك بعد، فلا توجد فرصة لتدارك سقوط هذا المعسكر، أولا، كتحالف، وثانيا، كدول داخل التحالف ستسقط وتتفكك انظمتها.
ان الذكرى رغم ما بها من الام، الا انها مدعاة للفخر ومواصلة الصمود والمقاومة، ولعل ذكرى العدوان أصبحت تاريخا مؤلما لمعسكر العدوان، حيث تذكره بتاريخ التورط وبداية رحلة السقوط.
(خاص | راصد اليمن)