أكثر من شهر تقريباً أمضاها الفريق الأممي برئاسة باتريك كامييرت، في الحديدة، ولم يتم تنفيذ أي من بنود اتفاق السويد، فلا انسحاب تم ولا وقف إطلاق النار، ولا توريد الأموال إلى البنك المركزي فرع الحديدة.
الجميع حمّل كامييرت تبعات هذا الفشل، الأمر الذي دفع بالمبعوث الأممي مارتن جريفيث، إلى القيام بزيارة جديدة إلى صنعاء، انتهت بمغادرة غامضة هذه المرة، فلا تصريحات أطلقها ولا تعليق ولا شيء من هذا القبيل الذي اعتاد جريفيث على الإدلاء به في كل زيارة.
غادر جريفيث، بصحبة باتريك كامييرت، وتتضارب المعلومات بشأن استقالته، ففي الوقت الذي تقول معلومات إن كامييرت قدم طلب إعفائه من منصبه. قالت الأمم المتحدة، وعلى لسان المتحدث باسم المنظمة الدولية، إن «رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار بمدينة الحديدة، مستمر في عمله»، نافية صحة ما تداولته وسائل إعلام، بشأن «استقالة الرجل».
في حين تداولت معلومات عن تعيين الدنماركي مايكل لوليسغارد، خلفاً لباتريك كامييرت، وهو قائد قوات حفظ السلام في مالي، وعمل في العراق إبان الحرب.
وفي السياق، كشف عضو وفد «الإنقاذ» سليم مغلس، عن «عودة مرتقبة للجنرال كامييرت السبت القادم»، موجهاً نصيحة له بـ«انتزاع موافقة ولي العهد السعودي على تنفيذ اتفاق السويد قبل عودته إلى صنعاء، باعتباره صاحب القرار لدى طرف هادي وتحالف العدوان على اليمن».
الكاتب الصحافي، عبد الله صبري، وفي حديثه إلى «العربي» بشأن جولة جريفيث والتطورات التي تلتها، قال إنه «لم يرشح الكثير حتى الآن عن الزيارة الأخيرة للمبعوث الأممي، التي جاءت على إيقاع تصعيد عسكري كبير وغارات جوية عدوانية استهدفت العاصمة صنعاء بالتوازي مع فشل تنفيذ اتفاق السويد وتصاعد سخط الطرف الوطني ضد أداء الجنرال باتريك كاميرت في الحديدة».
وبحسب صبري، فإن «جريفيث غادر صنعاء مصطحباً معه الجنرال الهولندي مع أخبار تؤكد استقالة الأخير من مهمته، في خطوة من شأنها إنقاذ اتفاق السويد والدفع بتنفيذ قراري مجلس الأمن 2451 و2452 الأخيرين على أرض الواقع».
وكشف عن أن «الطرف الوطني حث المبعوث الأممي، على التسريع بإعلان الإطار السياسي للحل في اليمن، بحيث يمكن لطرف صنعاء المشاركة في جولة المفاوضات المزمعة في الكويت».
وتابع «بالنسبة للشعب اليمني فلا يزال ينتظر موقفاً حازماً للأمم المتحدة باتجاه التخفيف من المعاناة الإنسانية وفي مقدمها صرف مرتبات الموظفين ورفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي وإطلاق الأسرى والمعتقلين لدى مختلف الأطراف».
ويتساءل يمنيون عمّا إذا كانت المشكلة في كامييرت، أم في الأطراف اليمنية التي ظلت مستمرة بالتصعيد العسكري، خصوصاً من قبل «التحالف العربي» وبشكل واضح؟ وهل سيكون خلف كامييرت أقل تمسكاً بالاتفاق وتنفيذ بنوده؟
ويتوقع مراقبون أن مغادرة كامييرت، ستفتح الباب أمام تعقيدات وأزمات جديدة في الحديدة، ولن يحلّ المشكلة، بل ستشجع «الشرعية» على التلويح بالتصعيد.
وهناك من يرى أن مغادرة باتريك، جاءت بـ«ضغط» من «أنصار الله»، وأن الأمم المتحدة «متغافلة إن لم تكن متواطئة معهم»، وهو ما أشار إليه محمد السعدي، مندوب حكومة هادي لدى الأمم المتحدة.
في المحصّلة، تقول مصادر سياسية مطلعة، لـ«العربي؛ إن مارتن جريفيث «يحاول انتزاع مهلة لمراجعة الشرعية والتحالف العربي، وأنصار الله، بهدف التوصّل إلى تسوية ومعالجة الموقف المتأزم، مع إطلاق واشنطن رسائل تحذيرية للشرعية والتحالف، بعدم المجازفة بحملة عسكرية جديدة في الحديدة».
(معاذ منصر - العربي)