منذ قرابة ثلاث سنوات سيطرت دولة الإمارات العربية المتحدة على مدينة عدن ومينائها الإستراتيجي في جنوب اليمن، وكان دخول القوات الإماراتية تحت غطاء "قوات عبد ربه منصور هادي" والتحالف السعودي الداعم له، ومنذ اليوم الأول عمدت دولة الإمارات إلى ترتيب وتقوية نفوذها في عدن وتحديدا الميناء عبر بناء وتمويل ودعم ميليشيا خاصة أطلقت عليها حزام الأمان حول عدن ويقودها عيدروس الزبيدي، الذي اعترف يوم أمس الثلاثاء بسقوط معسكر جبل الحديد أكبر المعسكرات التي تقودها جماعة الإمارات بيد القوات الموالية لهادي.
مصادر يمنية مطلعة قالت في حديث لـ "موقع العهد الأخباري" أن "الإمارات تعمل وفق أجندة خاصة تتلخص بالسيطرة على الموانئ والجزر اليمنية"، وقالت المصادر أن "الإمارات حافظت على علاقات ودّية مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وفور وصول قواتها إلى عدن إستجلبت اليها بقايا الحزب الإشتراكي، وأعضاء الحراك الجنوبي الداعمين لتقسيم اليمن".
وأضافت المصادر أن "الإمارات إستغلت حاجة الناس والفقراء خصوصا لتجنيدهم وعرضت عليهم رواتب مغرية للخدمة تحت أمرتها"، موضحة:"عليكم أن تتصوروا رجلا فقيرا تأتي إليه وتعرض عليه معاشا ودخلاً شهرياً وهو لا يملك قوت يومه ماذا يفعل سوى تلقف الفرصة؟".
المصادر قالت أن "الولايات المتحدة الأمريكية سلمت الإمارات العربية المتحدة ملف السيطرة على الموانئ الاستراتيجية والجزر المهمة المطلة على باب المندب وعلى طرق التجارة البحرية ونقل النفط على مداخل الخليج العربي"، وقالت المصادر أنه "بموجب هذا التوكيل الأمريكي استأجرت دولة الإمارات ميناء عصب الأريتري على البحر الأحمر لمدة تسعة وتسعون عاماً، وبنت فيه قاعدة عسكرية، كما تبني الإمارات مرفأ في الصومال، وسيطرت على جزيرة سقطرى اليمنية الاستراتيجية وجزيرة ميون اليمنية ايضاً عند باب المندب، وهي تفرض سيطرتها على ميناء عدن أيضا ما يكمل دورة السيطرة التي يسعى إليها الأمريكي على باب المندب والتي سوف تجعله مستقلا عن الإعتماد مستقبلا على مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران عسكريا".
وتشير المصادر اليمينة إلى ان "الخطة الأمريكية السعودية الإماراتيه تقضي بالسيطرة على اليمن وتمرير خطوط انابيب نفط من السعودية الى باب المندب عبر الأراضي اليمنية، ما يجعلهم بعيدين عن النفوذ الإيراني في مضيق هرمز".
الخلاف الاماراتي القطري
المصادر اليمنية تقول ان "أحد أهم أسباب الخلاف بين الإمارات وقطر يكمن في هذا السعي الإماراتي للسيطرة على الموانئ المطلة على باب المندب ما يفقد قطر أهمية ميناء الدوحة الذي وسعته بشكل كبير ليصبح أهم من ميناء دبي الإماراتي، كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل من هذا الجانب على عزل قطر وجعل عملية تصدير الغاز القطري الى العالم تحت سيطرة الإمارات جغرافيا ولوجيستيا وبالتالي إضعاف دولة قطر".
وتشير المصادر الى أن هناك اسباب أخرى للخلاف الاماراتي القطري منها "وجود الشيخ يوسف القرضاوي في الدوحة، للضغط على الإمارات والسعودية عبر فتاوى له يدافع فيها عن قطر في وجه السعودية والإمارات بل وصلت به الأمور الى إصدار تصريحات تشبه الفتوى انتقد فيها الإمارات وحكامها، ما جعل الأخيرة تصدر بحقه مذكرة اعتقال دولية قبل عدة سنوات، ويتولى ضاحي خلفان تميم قائد شرطة دبي السابق مهمة مهاجمة قطر وحكامها على حسابه في موقع التواصل الإجتماعي تويتر".
ابن زايد وابن سلمان
و تؤكد المصادر وجود "اتفاق بين ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول تقسيم اليمن"، وتشير إلى ان "السعوديين لم يكونوا على توافق مع الإماراتيين على هذا الموضوع عند بداية الهجوم العسكري على اليمن غير أن التورط السعودي في حرب اليمن واستمرار الحرب أكثر من ألف يوم وهو الذي توقع أنها ستستمر أسبوعين على اكثر تقدير أثر على موقفه"، وتضيف المصادر ان "السعوديين لا يهمهم تقسيم اليمن حالياً، وإن لم يجاهروا بهذا الأمر وتكشف أن السفير السعودي في اليمن زار مؤخرا ميناء عدن وقدم تقريرا للقيادة السعودية حول الميناء والسيطرة الإماراتية عليه ولكن دون أن تحرك السعودية ساكنا في هذا الأمر".
وتضيف المصادر اليمنية أن "محمد بن سلمان يواجه مشكلة كبيرة مع بعض القوى من اليمنيين الشماليين ومنهم حزب الإصلاح ورجالات القبائل وهؤلاء يرفضون رفضا قاطعا تقسيم اليمن وإنفصال الجنوب عن الشمال وتتميز هذه الفئة من الناس بقوة الشكيمة في المواجهات العسكرية ولديهم تدريب قوي وهم مصرون على قتال الحراك الجنوبي".
في السياق تبدو السعودية في مأزق مع رئيس الجمهورية والحكومة الشرعية التي تدعيها متمثلة بعبد ربه منصور هادي الذي لا يذهب الى عدن في الجنوب وغير مسموح له الذهاب إلى حضرموت في الشمال وبالتالي "ليس له أية قيمة شعبية وشرعية" ومن المعروف أن السعودية شنت عدوانها العسكري على اليمن بحجة إعادة الشرعية اليمنية التي تدعيها ورئيسا عبد ربه منصور هادي.
وسيطرت القوات التابعة للحراك الجنوبي المدعومة إماراتيا يوم الثلاثاء الماضي على مدينة عدن بعد معارك عنيفة استمرت يومين وما زال رئيس الحكومة التابعة لعبد ربه هادي منصور محاصرا في المربع الرئاسي في عدن.
(نضال حمادة - العهد)