على صفيح ساخن تعيش مدينة عدن هذه الأيام. المدينة، التي تتخذ منها حكومة الهارب عبدربه منصور هادي «عاصمة مؤقتة» لها، تعاني الأمرّين المدينة منذ وطأت قوات هادي المدعومة من العدوان السعودي الأمريكي ارضها، فقد وصلت انقطاعات التيار الكهربائي فيها إلى 20 ساعة يومياً، بعد أن أثبتت حكومة الهارب فشلها في إنهاء مشكلة الكهرباء بالحلول الجزئية، وهو ما ضاعف معاناة المواطنين نتيجة ارتفاع درجات الحرارة التي تقترب من 40 درجة مئوية، وأثّر سلباً على حياتهم وسير أعمالهم.
مشكلة الكهرباء المتفاقمة في عدن ناتجة من مشكلات عدة، أهمها عجز التوليد، نتيجة قِدَم المحطات وافتقار بعضها للصيانة، بالإضافة إلى الربط العشوائي وفقدان الطاقة، وتزويد المحافظات المجاورة بالطاقة من عدن.
وعود عرقوبية
وكان رئيس وزراء الحكومة الموالية للعدوان في عدن أحمد عبيد بن دغر، قد وعد بتحسّن كبير للكهرباء قبل شهر رمضان، ووجه بصيانة محطات التوليد ورفع طاقتها التوليدية إلى 210 ميجاوات، إضافة إلى تبشير المواطنون بدخول المحطة القطرية (بقوة 60 ميجاوات) إلى الخدمة. لكن كل الوعود بإصلاح المنظومة الكهربائية واجتثاث مشكلة الإنطفاءات المزمنة من جذورها لا تزال حبراً على ورق، ولم يُلمس لها أثر على أرض الواقع، فلم يطرأ أي تحسّن على الخدمة الكهربائية الكسيحة، بل إن الأزمة تزداد تفاقماً وسوءاً مع مرور الأيام، وهو ما أشعل مواقع التواصل الإجتماعي بالسخرية من وعد رئيس الوزراء بـ«صيف بارد».
ونشر موقع (العربي) تقريراً أورد فيه معاناة المواطنين من واقع الخدمات السيء الذي تعيشه المدينة. يقول المواطن ناصر سعيد إن «ما يحزنني أن كل الوعود التي صرّحت بها الحكومة كانت أشبه بوعود عرقوبية، ولم تتحقق واحدة منها، حتى الستين ميجا التي تردّدت على لسان كل مواطن بعدن أصبحت سراباً الآن، كيف لنا أن نتحمّل هذا الوضع ونحن نشاهد الناس تموت أمامنا والحكومة لا تدري أين هذا الشعب وشغلها الشاغل السفر من دولة إلى دولة أخرى».
لا حياة لمن تنادي
وعبّر المواطنون عن استيائهم من تضاعف الإنقطاعات المتكررة للكهرباء، في ظل هذا الصيف الحار والقاتل، ودخول شهر رمضان، ناهيك عن تفشي وباء الكوليرا، فباتت الكهرباء ضرورة ملحّة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تنطفئ لأكثر من مرة في أقل من 5-10 دقائق، ما يؤدي إلى تلف المعدات الكهربائية.
يقول المواطن مازن محمد: لقد «سئمنا من أعذار وحجج إدارة الكهرباء إزاء ما يحدث من تدهور ممنهج للمنظومة الكهربائية، مرات كثيرة ناشدنا وصرخنا وكتبنا، ولكن لا حياة لمن تنادي». ويرى المواطن سيف الحاج أن مشكلة الكهرباء في مدينة عدن تحتاج إلى «معجزة»، فخلال الفترة الماضية توسع البناء العمراني ولكن هذا التوسع لم يواكبه أي توسّع في قطاع الكهرباء، بل رافقته انقطاعات متكررة وحمولة زائدة على الشبكة العامة وخروج كثير من المولدات عن العمل والجاهزية.
الزحف إلى معاشيق
وأعلن ناشطون مدنيون عن حملة شعبية للزحف إلى موقع إقامة حكومة هادي في القصر الجمهوري بمنطقة معاشيق، في 15 رمضان، ونصب مخيمات للاعتصام، في محاولة للضغط على الحكومة لتوفير الخدمات الضرورية.
وقال رئيس حملة الزحف إلى معاشيق، حسين حنشي، إن «الإنقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي عن مدينة عدن، بلغت حدّاً لا يطاق، ووصلت إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم الواحد، في وقت تشهد فيه المدينة ارتفاعاً في درجات الحرارة وزيادةً في معدّلات الرطوبة، كما تضاعفت معاناة الناس مع انتشار الأمراض والأوبئة في غياب الجهد الصحي، وأدّى ذلك إلى وفاة العشرات بمرض الكوليرا».