خاص | أبطال وشهداء.. أرض اليمن لم تعقم بعد

احمد فؤاد - كاتب عربي مصري | تصنع الجماهير أساطيرها الخاصة، من نبض أمانيها وصور أحلامها الجميلة، تنفخ فيهم من روحها، وتدفعهم للمقدمة، ترى في إمكاناتهم وتصميمهم وإيمانهم الحل لكل نواقصها، تتعلق بابتساماتهم وتذوب مع دموعهم، الشعب الألماني في عز خسائر الحرب العالمية الأولى، والحصار المفروض عليه، لم يكن يرى أو يسمع سوى أخبار انتصارات البارون الأحمر، مانفريد فون ريشتهوفن، الطيار الأكثر شهرة في التاريخ الإنساني المعروف، والرجل الذي تعلقت به أفئدة كل الألمان في السنوات الأربع للحرب العالمية الأولى، وبموته خلال معركة جوية في 21 إبريل 1918، جرت المشاهد كئيبة حتى استسلام ألمانيا المذل للحلفاء.
استسلمت ألمانيا، أو بالأدق وقع ممثلو الحكومة الألمانية المؤقتة استسلامهم المهين في قطار المارشال الفرنسي "فوشيه"، قائد قوات الحلفاء، لتكتمل مشاهد القصة ودلالاتها.
جرت الهزيمة رغم إنه عند وقف إطلاق النار كانت القوات الألمانية تحتل جزءاً من بلجيكا وفرنسا، ولم تدخل قوات الحلفاء الأراضي الألمانية.. بغياب الإيمان بالنصر حدثت الهزيمة، وجاء السقوط مروعًا من علٍ.
في دورس الحرب كان البطل أو القائد، هو تيمة القدرة التي تعز على الجماعة، ومضاد العجز الذي يرفلون فيه، النجاح وملامسة سماء المجد والإنجاز، رجل المستحيل غير القابل للهزيمة.
الدرس الذي ينقص العالم العربي، الذي يخوض معارك الحرب الحديثة بعقلية فارس على جواد، يتغنى بالسيف والرمح في مواجهة الطائرة والصاروخ، يقود الناقة أمام الدبابة، ثم عندما يستشهد، يقف لقرون باكيًا على الشهداء، مجترًا قصائد البكاء وملاحم البطولة والحلم الجميل الموؤد، ثم يدبج المزيد من قصائد النعي ومن مقالات التمجيد.
لقرون طويلة ظلت الأمة –كلها- واقفة عند مرحلة تقديم الشهداء، وهي مرحلة نبيلة بلا شك، لكنها لا تصنع أي مستقبل، وحدهم الأبطال المنتصرون، الأحياء، قادرون على كتابة التاريخ والعبور بشعوبهم للقادم.
اليمن وحده بدأ الدرس الجديد، ولادة من أضلع العدم، ومخاض استمر لسنوات خمس، أمام حرب كونية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، احتشد فيها العالم –إلا قليل- رغبة في تدمير هذا البلد، وكسر إيمان أهله، وسرقة موقعه من أصحابه الأصليين، لكنهم لم يجدوا هنودًا حمرًا آخرين، بل وجدوا أرواح من بدر وكربلاء، وإيمان يليق بأهل السماء لا الأرض.
معرض الصناعات الدفاعية اليمني، المبهج العظيم، الذي انطلق على تسميات شهداء معارك الأرض الطيبة، وأنبل زهرات الشعب الكريم، قال إن اليمن مصمم على منح الشعوب العربية الدرس كاملًا، لم يتوقف يمني واحد للبكاء على مصائبهم المتتالية، من الشهيد الرئيس صالح الصماد، مرورًا بالسيد إبراهيم، شقيق السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الشهداء كانوا بعد ارتقائهم كما كانوا في حياتهم، شعلة للإيمان وهدى على طريق النصر، ومشاعل للكرامة والبطولة.
كان الشهيد على موعد مع الكرامة الإلهية، وكان المقاتلون على موعدهم مع البطولة والانتصار.
وموعد الانتصار تجدد الأسبوع الماضي، مع الكشف عن معرض أسلحة الشهيد المهندس المهرم، وأحدث المنظومات المضادة للطيران، والتي ستحول سماء اليمن إلى مغامرة قاتلة لطائرات العدوان وطياريه، كما هي الأرض اليمنية أمام جيوشه ومرتزقته، ستكون سماء صنعاء وصعدة مثل أرض ومياه الحديدة، مقابر للمعتدين.
وهذا ليس تحليلًا يخاصم الواقع أو يتجاوز الإمكانيات، بل ترجمة أمينة لكلمات معدودة جاءت على لسان وزير الدفاع اليمني، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، "عام 2020 هو عام الانتصارات العظيمة بإذن الله، وهو عام التطوير والارتقاء بأسلحة توازن الردع الإستراتيجية، هو عام الدفاع الجوي وسيأتي اليوم الذي تصبح فيه سماء اليمن محرمة على طيران العدوان".
ومنذ أيام خرجت بشرى المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، بإسقاط مقاتلة توريندو، بريطانية الصنع، فوق سماء الجوف، بتقنية صاروخية متقدمة.
اليمن يقدم الدرس، بالدم والفداء، درس تاريخنا العربي الأهم والأنبل، لمن ألقى السمع وهو شهيد، لن تنهزم دولة قد اتخذت المقاومة سلاحًا والإيمان راية.. الإيمان يمان والحكمة يمانية، فها هي الحكمة تأتي من اليمن مقرونة بأروع انتصار عربي في وجه جحافل الطامعين.

 

راصد اليمن | خاص 

آخر الأخبار