الحديدة واختبار السلام: «الشرعية» توكل الهدنة لـ«عسكريين مغتربين»

الحديدة، العنوان الأبرز في تطورات الأزمة اليمنية والملف العسكري والسياسي معاً هذه المرة. وبقدر ما أثبتت الحديدة قدراً كبيراً من الصمود أمام اجتياحها وانتهاء قوات «التحالف العربي» طوال الفترات الماضية بالسيطرة عليها وعلى مينائها الحيوي ومنافذها البحرية الهامة، يبدو أنها ستخضع لتحدٍ جديد، إما السلام وإما الحرب.
منذ الساعات الأولى من بعد منتصف ليل الثلاثاء، موعد بدء الهدنة، تمر الأطراف اليمنية بمرحلة اختبار حقيقي في مسألة التزامها بوقف إطلاق النار والبدء بالانسحاب من المواقع العسكرية المحددة في نصّ الاتفاق الذي لم يتم التوقيع عليه حتى اللحظة، وهي ميناء الحديدة ورأس عيسى والصليف.
وفي الساعات الأولى لم تلتزم الأطراف بالهدنة. فالأطراف، وبعد تبادلها الاتهامات بالخرق، عادت إلى وقف إطلاق النار خلال الساعات الماضية. وهدوء حذر تعيشها الحديدة في الوقت الذي تتحدث فيه المعلومات عن وصول اللجنة الدولية المكلفة بالإشراف على وقف إطلاق النار اليوم الأربعاء، وبمشاركة أعضاء من الطرفين، وستبدأ هذه اللجنة المشتركة بالإشراف على وقف إطلاق النار أولاً والانسحاب من المواقع ثانياً، وسيتم رفع التقارير بشأن ذلك.
مصادر عسكرية مطلعة، تفيد بأن الالتزام بوقف إطلاق النار يفترض أن يتم خلال هذا الأسبوع، والأسبوع الذي يليه، وتحديداً الأسبوع الأول من يناير المقبل عملية الانسحاب من الحديدة ورأس عيسى والصليف. فيما تقول «الشرعية» إنها سلمت الأمم المتحدة خلال الساعات الماضية قائمة بأسماء أعضائها الذين سيشاركون في مراقبة وقف إطلاق النار والإشراف على الانسحاب وإعادة الانتشار. في المقابل تتحدث المعلومات عن تسليم طرف «أنصار الله» قائمة بأسماء أعضائها أيضاً.
هادي منقطع عن الواقع
وكان الرئيس عبدربه منصور هادي، قام بتوجيه أوامر بوقف إطلاق النار إلى قائد المنطقة الرابعة قائد محور الحديدة، وبحسب مصادر سياسية وعسكرية في «الشرعية»، فإن «الرئيس هادي لم يعد يدرك تماماً بالواقع العسكري ومن يخاطب، لدرجة أن توجيهه أتى إلى قائد المنطقة الرابعة، في حين أن المعني بالأمر هو قائد المنطقة الخامسة، حيث أن لواء الحديدة يتبع المنطقة الخامسة بما في ذلك لواء حجة وميدي». وكشفت المصادر عن أن «القائد العسكري الذي خاطبه هادي لا وجود له على أرض المعركة والواقع العسكري، وأنه في القاهرة منذ فترة».
وأوضحت المصادر، وفي حديثها مع «العربي»، أن «الألوية التي تقاتل في الساحل الغربي لا تخضع لحكومة هادي ولا لتوجيهات وزير دفاعها، وأن جميع الألوية التي تقاتل لا تعترف بالشرعية وتتلقى توجيهاتها من طرف اخر، بما في ذلك مرتباتها التي تدفع من جهات أخرى وليس من قبل حكومة هادي». 
مصادر عسكرية ميدانية  في الحديدة، وفي حديثها مع «العربي»، أوضحت أن «قوات العمالقة وغيرها من القوات الأخرى معروفة من تتبع، وطوال الفترات الماضية لم تتلق أي توجيهات من الشرعية أو سبق لها وأن عملت بأي توجيهات عسكرية، فالشرعية حاضرة في الإعلام فقط، وعبر خالد اليماني، أما عسكرياً فلا حضور لها ولا قرار». 
... و«الشرعية» لا تملك الأرض
ومن هذا المنطلق، وطبقاً للمصادر العسكرية، فإن «الشرعية لن تتمكن من التحكم بقرارها أو تلتزم بما تقوله وتدعيه، وأن الظروف العسكرية قد تسلك مسار آخر، وبحسب ما سيقرره المتحكمين بالملف العسكري والقوات العسكرية على الأرض».
ولذا، فإنه من المتوقع أن «تعمل هذه القيادة العسكرية التي تقود القوات في الساحل الغربي وتعطي التوجيهات أوامر أخرى متعلقة بالخرق وإفشال الهدنة، وبإيعاز من التحالف العربي، ولكن في حال التنسيق بين التحالف والأمم المتحدة هو الأساس وليس الشرعية فإن الأمور قد تأخذ منحى نحو السلام والاتفاق».
وتلفت مصادر سياسية وعسكرية، إلى أن «الشرعية إذا لم يكن لها قرار في إطار المفاوضات والموافقة والرفض على المقترحات أو الاتفاقات فكيف سيكون لها قرار في اطار المعركة وعلى الأرض والذي لا تعلم عنه شيئاً، ولذا فإن حدثت هدنة والتزام أو حدثت خروقات وتجاوزات فإن الشرعية ليست صاحبة القرار والمبعوث الأممي يدرك ذلك جيداً».
وعلى مستوى الأرض والواقع الجديد الذي يتشكل، أفادت مصادر عسكرية ميدانية، بأن «التحضير والحشد العسكري يجري من قبل الأطراف، وأن حسابات الحرب تتم أكثر من حسابات السلام والهدنات». وما بين هذا وذاك تظل الأنظار متّجهة صوب الحديدة، والبعض يترقب ويتوقع حرباً أكثر من توقعه سلام.

 

(معاذ منصر - العربي)

آخر الأخبار