خاص | حذاء الزيدي في انتظار ولي العهد

أحمد فؤاد  - صحافي مصري | لا يتذكر المواطن العربي الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، إلا وقفز إلى ذهنه فورًا "حذاء" منتظر الزيدي، الصحفي العراقي الشجاع، الذي رشق به مجرم الحرب بوش في بغداد، كانت لحظة تمثل صفعة لإمبراطورية الشر، ولا تزال ردًا لجزء من الكرامة العراقية والعربية.
ليس من المنتظر أن يحدث ذلك مع ولي العهد محمد بن سلمان، خلال جولته العربية، التي أُعلن أنها تشمل كل من مصر وتونس وربما تشمل الجزائر، بخلاف الزيارات الخليجية، فالعلاقات التي تربط بين الأمير ونظامي الحكم في البلدين تضمن الحماية وإسباغ هالة من الأهمية على الزيارة.
الزيارات تأتي في وقت حُسن اختياره، كدعم لطموحات "ابن سلمان" نحو العرش السعودي، في وقت يواجه تحديات هائلة وضغوط متنامية، عبّر عنها تقرير "رويترز" الذي أكد وجود تحركات داخل الأسرة المالكة لاستبدال ولي العهد وإبعاده عن الإمساك بمقاليد الحكم، بل وصل التقرير إلى طرح أسماء بديلة، وذلك كله على خلفية قضية مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
لكن، ولأن الشعوب العربية لا تزال حية، وترى حجم الجريمة المرتكبة في اليمن، فإن أطرافًا فاعلة في كل من تونس ومصر والجزائر، بادرت إلى إعلان رفضها للزيارة، ولم تتوقف بياناتها عند الهجوم على ولي العهد، لتطال المملكة كلها برذاذ الهجوم، ما يمكن أن يندرج بسهولة تحت توصيف فضيحة سياسية منتظرة.
ونظرة واحدة على الإعلام العربي، تظهر بيانات متعاقبة، لقوى سياسية وشعبية، ترفض إتمام الزيارة، مثل تحرك محامو تونس لتقديم دعوى قضائية لمنع ولي العهد من زيارة تونس لفك عزلته، على خلفية جرائم الحرب في اليمن، وقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
ودعت جمعيات ومنظمات حقوقية إلى تنظيم وقفات احتجاجية خلال زيارة ابن سلمان، وأعرب سياسيون عن رفضهم القاطع لزيارة ولي العهد السعودي ووصفوها بالاستفزازية لبلد ما يزال يلتمس طريقه نحو الديمقراطية، واستنكر المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية زيارة ولي العهد المرتقبة، وقال في مداخلة إذاعية ''لا أهلا ولا سهلا بجلاد الشعب اليمني.. بمدمّر ومخرّب هذا البلد، لا أهلا ولا سهلا بمتزعّم التطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني".
أما في مصر، فقد بدأت الأحزاب القومية واليسارية حملاتها الشعبية، مستندة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لرفض الزيارة، وفي مقدمتها حزب الوفاق القومي، والحزب الشيوعي المصري، والحركة الوطنية لرفض التطبيع وعدد من الصحفيين، وأعلنوا رفضهم لتبييض سجل ابن سلمان، واستقباله في مصر.
وقال بيان اللجنة المصرية لمقاومة التطبيع: إن الزيارة "تأتى في مناخ سياسي تحاول فيه مملكة آل سعود، الصديقة للكيان الصهيوني، تحسين وضعها الإقليمي في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وإعادة تقديم أوراق اعتمادها كوكيل أساسي للولايات المتحدة، بعد أيام من تصريح بالغ الوضوح للرئيس الأميركي أكّد فيه أنه لولا السعودية حليفنا المقرّب لكان الكيان الصهيوني في ورطة كبيرة"، وأضاف البيان أن "التصريح أفلت من لسانه كشف به حقيقة دور المملكة، نتيجة ضغوط داخلية من البنتاجون والمخابرات والكونجرس وضغوط خارجية، جاءت جميعاً في غير صالح المملكة العاجزة، حالياً عن تلبية متطلبات وشروط الوكالة".
وفي الجزائر، أكد حزب حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، أن الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بلاده لا تخدم صورتها عربياً ودولياً، وتهدف فقط لستر نفسه، وقال رئيس الحزب خلال ندوة إن استقبال بن سلمان في هذه المرحلة لا يخدم في الحقيقة صورة الجزائر على المستوى العالمي أو العربي، هو استجاب للرئيس الأميركي دونالد ترامب بخفض أسعار البترول وهو يعلم أن هذا يضر بالجزائر.
نسى ولي العهد العاشق للصخب وأصوات القنابل أن للمال حدودًا، لن يتجاوزها، خصوصًا بإزاء شعوب تمتلك مخزونات حضارية هائلة، وترى في تمدد المملكة تراجعًا لبلدانها أولًا، وتهديدًا لوحدة عربية تغازل الوعي الجمعي لها، وتهديد للكرامة الوطنية، بحجم ما شاهدناه في تنازل النظام المصري عن جزيرتي تيران وصنافير.
باختصار فإن الزيارات التي رسم لها أن تدعم طموحات ولي العهد، يمكن ببساطة أن تتحول إلى رصاصة في قلب مساعيه لتولي السلطة، فالغباء السياسي الذي يغلف كل سيناريوهات مستشاريه لم يتغير، ويراهن على المجهول دائمًا، وهو خيار خاسر دومًا، من اليمن إلى خاشقجي، ومن مصر إلى الجزائر.

 

(خاص | راصد اليمن)

 

آخر الأخبار