إيهاب شوقي - كاتب عربي مصري | بات معلوماً لكل ذي عقل ان تحالف العدوان على اليمن يعرقل المفاوضات السياسية وربما يرجع ذلك لانعدام السياسة والرؤية والرغبة في حلول من نوع الاذعان لا التفاوض السياسي.
وبات معلوماً ايضاً لكل ذي عقل ان ادعاءات العدوان بأن المقاومة اليمنية هي من تعرقل التفاوض، هو نوع من الكوميديا السخيفة والاستهزاء بالعقول، وهو نوع يمكن ان يوجد في بيئة تنفق الاموال على الاعلام وعلى المنظمات وتحتكر الخصومة ومنصة القضاء عبر الشراء، وتريد ان تنتزع الضحكات البائسة على النوع الكوميدي الفاشل الذي تقدمه من خلال شراء الجماهير او افساد وعيهم واذواقهم!
يراهن تحالف العدوان على استسلام المقاومة اليمنية تحت ضغط الحصار والدماء النازفة والقتل لا عن طريق القصف فقط، ولكن عبر التجويع وانتشار الامراض، ولا يريد ان يقتنع بالحقيقة الراسخة الواضحة الجلية التي عنوانها ان المقاومة لا تستسلم وانها عندما تخير بين السلة والذلة فردها هو "هيهات منا الذلة".
وفي علوم السياسة، هناك نظريتان أساسيتان للتفاوض وهما باختصار :
1/ النظرية الكلاسيكية: وهي التي يتخذ فيها كل طرف مفاوض موقفا معينا ويدافع عنه، وقد يتمسك الأطراف بمواقفهم المتعارضة فيفشل التفاوض، أو قد يبدءوا في تقديم التنازلات والوصول إلى اتفاق في منتصف الطريق عن طريق اقتسام موضوع التفاوض وهذا النوع من التفاوض بالرغم من انتشاره إلا أنه لا يساعد على الوصول إلى اتفاق يرضي الأطراف المتفاوضة أو ابرام اتفاق طويل المدى.
2/ النظرية المعتمدة على مصالح الأطراف المعنية : وهي تعتمد على مصالح الأطراف المعنية كأساس للوصول إلى حلول خلاقة تحقق بها كل الأطراف الفائدة القصوى .
وبالنظر الى الحالة اليمنية، فإن هناك ثوابت للمقاومة لا تتمكن من التفاوض عليها وهي المتعلقة بالسيادة والتحرر الوطني، وبالتالي فهي غير مدرجة بجدول اعمال المفاوضات، بينما العدوان لا يرضى بان تكون السيادة محل تفاوض ايضا ، و يريد ان ينزعها من جدول اعمال المفاوضات ايضا، ولكن بطريقة عكسية، حيث يريد نزعها من الاصلاء لصالح الوكلاء له، ثم بدء التفاوض، وهنا تبتعد المفاوضات عن النظرية الثانية لان المصالح متعارضة بالكلية، بل وهناك مصالح لا تخضع للتفاوض لانها ثوابت وطنية.
بقيت هنا النظرية الاولى الكلاسيكية، والتي يتمسك فيها الاطراف بمواقفهم بشكل يعرض التفاوض للفشل، او الوصول لحل وسط ولو بشكل ينهي هذا العدوان بحلول مرحلية متدرجة.
واذا تأملنا مواقف الاطراف فإننا نجد العدوان يعرقل التفاوض، وهو ما يمكن ارجاعه لعدة اسباب من خلال التأمل والتحليل:
اولا: الموقف التفاوضي للعدوان ضعيف رغم امتلاك كافة الامكانيات العسكرية والتمويلية والدعم الدولي بنوعيه، المباشر المشارك والسلبي الصامت، وذلك بفضل صمود المقاومة الاسطوري وفشل العدوان في تحقيق اي نصر استراتيجي او حتى تكتيكي، الا ان تكون اهداف العدوان هي القتل لمجرد القتل!
ثانيا: لا يستطيع العدوان استيعاب سنة كونية راسخة، مفادها ان المقاومة لا تستسلم وخاصة ان كانت منطلقة من عقيدة راسخة، ولا يستطيع العدوان ايضا استيعاب فشله الذريع رغم كل ما انفقه على القصف والحصار وشراء الذمم، بما فيها ذمم مؤسسات دولية كبرى!
ثالثا: يريد العدوان الايحاء بانه يتفاوض لتخفيف الضغط الاخلاقي وتحسبا لانفجار دولي لا يستطيع تحمل فقدان المصداقية الدولية مع الامتداد الزمني للفشل، رغم علم تحالف العدوان وخاصة السعودية والامارات، انهما يلعبان معركة صفرية ووجودية ولا حل وسط لديهما.
ومن هنا يمكننا تلخيص الوضع، بأن العدوان يناور بالتفاوض لكسب الوقت لعله يحقق اي هدف يحفظ به ماء الوجه او الحاق المزيد من الخسائر والدمار باليمن بغية استسلام المقاومة او انفجار الوضع الشعبي، وهو غير جاد في التفاوض لانتفاء الحلول الوسط لديه، بينما المقاومة تتخذ كافة الاساليب وتبطل جميع الذرائع، حيث تحارب بيد وتمارس السياسة بالاخرى من منطلق "وان جنحوا للسلم" دون تفريط في الثوابت ودون التنازل عن السيادة الوطنية والعزة والكرامة.
والمحصلة هي استمرار المعركة ولا بديل سوى المقاومة، والوقت الذي يراهن عليه العدوان سينقلب وبالا عليه، وتخبرنا الشواهد بذلك.
(راصد اليمن / خاص)