إيهاب شوقي - كاتب عربي من مصر | في البداية ندعو كل قارئ يستخدم محرك بحث "جوجل" أن يكتب مصطلح "الحرب العبثية" في مستطيل البحث، ليرى ان كل النتائج تتحدث عن العدوان على اليمن، او ما يطلق عليه "حرب اليمن"، ليعرف القارئ ان هذا العدوان اصبح مرادفا للعبث.
وبكل تأكيد لم يكن ليصبح مرادفا للعبث، لولا المقاومة والصمود الاسطوري للمقاومة اليمنية.
ويعرف العبث بأنه مدرسة أدبية فكرية، تعبر عن حالة الصراع بين ميول الإنسان للبحث عن هدفه من الحياة وعدم مقدرته على فعل ذلك.
وبتطبيق ذلك على الحرب والعدوان العبثي، فالعبث هنا معبر عن ميول العدوان للبحث عن هدف السيطرة وتركيع الشعوب وتحقيق الأهداف الاستراتيجية الامريكية الصهيونية في البحر الاحمر وباب المندب وخطوط التجارة البحرية، وعدم المقدرة على ذلك رغم توافر الامكانيات التسليحية والمادية وتوفر المرتزقة والى جانب ذلك تواطؤ دولي يشكل سبة في جبين نظام عالمي، بل وسبة انسانية لجيل من البشر يصمت اغلبه عن ادانة هذا الانتهاك السافر للقيم الانسانية، الا ما قد ندر من الاحرار والشرفاء.
ومصطلح "عبثي"، وفقا للأكاديميين، لا يعني "غير ممكن منطقياً"، وإنَّما هو ما يتنافى مع المنطق، أو بالأحرى لا يحترم قواعده ولا يخضع لها.
وهذا دليل مضاف على عبثية العدوان لانه يتنافى مع منطق الكرامة والعزة والاباء، ولا يحترم قواعد التحرر الوطني وطبيعة المقاومة.
قد تكون حسابات العدوان خاطئة وقد يكون المعتدون تصوروا ان موازين القوى في صالحهم، ثم اكتشفوا ان صمود المقاومة وقوة الحق وبسالة الاحرار وعزتهم تتفوق على قوة التكنولوجيا والقوة التدميرية للأسلحة والعتاد والعدد وتواطؤعالمي غير مسبوق.
وفور الاكتشاف كان من الممكن التراجع ووصف الأمر بالفشل أوسوء تقدير الحسابات، الا ان التمادي والكبر، هو ما أدى الى وصف العدوان بالعبث لأنه تناقض مع المنطق القائل بانتصار الارادة والبسالة، والذي ايده الواقع واثبت صحته، فتحول الامر لمزيج من العبث والخيال والأوهام.
والوضع الراهن يقول ان لا اهداف للعدوان يمكن تحققها، وهو ما يقود الى قناعة مفادها ان القتل والدماء والتجويع والتخريب هي الاهداف الراهنة وهي خيارات العدوان وخططه البديلة!
جرائم الحرب المرتكبة وابادة الاطفال والنساء والاستهداف العمدي للمدنيين، هي ليست الجرائم الوحيدة، بل وليست العلة الانسانية الرئيسية، وانما هي تداعيات لجريمة كبرى اساسية، وهي العدوان على الدول المستقلة والشعوب الحرة لفرض امر سياسي واقع بالقوة، والاستهانة بالنفوس الحرة ودهس النخوة والوطنية تحت عجلات الكبر والبغي.
ما يحدث سيسجل في التاريخ كمرحلة مفصلية، لأن عدوان بهذا الحجم، وصمود بهذه الأسطورية، ليس ما بعده كما قبله، وسيشهد نهاية حقبة تاريخية تميزت بمقاربة تركيع الشعوب تحت نار القوة العسكرية والضغط الاقتصادي كخطة بديلة عن فرض حاكم تابع أو عميل ينفذ اجندة الاستعمار ويمثل مصالحه.
قالت المقاومة اليمنية لا لهذه المقاربة، لم ترض برئيس تابع وعميل، ولم ترض بالاستسلام لمنطق القوة والحصار.
ولا خيار للاستعمار سوى المغادرة وفقد مصالحه، وبالتالي تغير التوازنات وبدء حقبة جديدة، تندحر فيها ادوات الاستعمار والكيانات الوظيفية الخادمة له، ومنها وفي مقدمتها النظام السعودي، وهو ما بانت بشائره.
(راصد اليمن - خاص)