بين «الإصلاح» و«العمالقة»: دروب الوازعية-موزع لم تعد سالكة!

إسماعيل أبو جلال - العربي- تقع مديريتي الوازعية وموزع في غرب وجنوب غرب محافظة تعز، وتطلان على السهل الساحلي الممتد من باب المندب إلى المخاء، ويعمل أغلب سكان المديريتين في الرعي والزراعة. ولأهميتهما الاستراتيجية، فقد أنشئ في سبعينيات القرن الماضي قاعدة «خالد بن الوليد» على مساحة واسعة من مديرية موزع، لتكون بثقل قاعدة «العند» في الجنوب – آنذاك - فيما تنتشر العديد من الموقع العسكرية في جبال مديرية الوازعية، الممتدة حتى محافظة لحج جنوباً. منذ بداية الحرب الأخيرة في اليمن 2015، استطاع «أنصار الله» واتباع الرئيس السابق علي عبدالله صالح تعزيز قواتهم في هذه المناطق، استعداداً لمواجهة قوات الجيش والمقاومة الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من «التحالف العربي». وشهدت المنطقة طيلة السنوات الماضية أشرس المعارك، التي استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة، بما فيها عشرات الألاف من الألغام، بهدف إعاقة القوات الموالية لحكومة هادي، وإلحاقها بأكبر قدر من الخسائر، وهي إلى جانب ذلك، كانت أحد الأسباب الرئيسية لنزوح أغلب سكان المديريتين، لتتصدر هذه المنطقة قائمة أعداد النازحين، منذ بداية الحرب، حتى اليوم. وعلى الرغم من إعلان حكومة هادي استعادة المديريتين في منتصف شهر مايو الماضي، إلا أن غالبية السكان ما زالوا غير قادرين على العودة إلى ديارهم وقراهم، وممارسة حياتهم الطبيعية، بسبب كثافة الألغام، التي لا تخلو منها الطرق والمنازل والمراعي والمزارع، الأمر الذي وضع السلطات المحلية في المديريتين أمام مسئولياتهما، وكان من الأولويات التي قامت بها؛ مطالبة المحافظ أمين محمود بسرعة التوجيه بإرسال فرق فنية من سلاح المهندسين في محور تعز، لنزع الألغام، إلا أن توجيهات المحافظ لم تجد مكاناً لها في التنفيذ. وأعاد مراقبون سبب عدم انصياع قيادة المحور للتوجيهات، إلى حالة الاحتقان بين قيادات المحور والمحافظ، فيما يرى آخرون أن غلبة الطابع الحزبي لدى قيادات في المحور، كانت هي السبب الرئيس، خاصة أن تحرير هاتين المديريتين (موزع، الوازعية)، تم بمعزل عن أي دور لحزب «الإصلاح»، وقد صارتا محسوبتين كإنجاز عسكري لصالح «ألوية العمالقة»، الموالية للإمارات. العودة وخذلان المحور منذ بداية المعارك في مديريتي الوازعية وموزع، استقبلت الأحياء الغربية والشمالية من مدينة عدن أكبر عدد من نازحي المديريتين، بالإضافة إلى مدينة الحوطة بمحافظة لحج، وفي لقاءات لـ«العربي» بأعداد منهم، عبَّروا عن قلقهم من التسرع في العودة إلى قراهم، التي انتهت فيها المعارك مؤخراً، كونها ما زالت تحوي عشرات الآلاف من الألغام والأجسام الغريبة، التي تهدد حياة الجميع، مشيرين إلى أن معظم من خاطروا بالعودة، نتيجة لضيق الحال في مناطق النزوح، وجدوا الموت في طريقهم. ويضيف النازحون أن «العديد من المركبات انفجرت بفعل الألغام وراح ضحيتها أعداد كبيرة من الأبرياء، أما الذين تمكنوا من الوصول إلى قراهم، فكثيراً ما تنفجر بهم الألغام في منازلهم، فيما آخرون يلقون حتفهم في مزارعهم أو في مناطق الرعي، لذلك عمد المشائخ والمسؤولين في المديريتين إلى تحذير جميع النازحين من التسرع بالعودة، باعتبار أن كافة المناطق مازالت غير آمنة. كما أصدروا عدة بيانات ناشدوا فيها حكومة هادي والمنظمات العربية والدولية إلى تحمل مسؤولياتها الإنسانية تجاه المواطنيين، والعمل على إعادة تطبيع الأوضاع، ليتمكن النازحون من العودة إلى منازلهم وقراهم. وكان قد واكب وضع الحالة الإنسانية في المديريتين اهتمام العديد من الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي، من أوساط صحفية وسياسية مختلفة، عبَّروا خلالها عن حجم المعاناة والمخاطر التي تهدد عودة النازحين إلى قراهم، وبعضهم سلط الضوء على امتناع قيادة محور تعز عن ارسال فرق فنية لنزع الألغام. إلى ذلك نشر الصحفي عبد الحكيم صبر، بتاريخ 28 مايو الماضي، وثيقة كان قد رفعها مدير مديرية الوازعية، أحمد عبده الظرافي إلى محافظ تعز أمين محمود، طالبه فيها بإرسال فريق متخصص لنزع الألغام والعبوات الناسفة. وفي تصريح لمدير المديرية عن العوائق التي حالت دون تنفيذ توجيهات المحافظ، قال إن «المعنيين في سلاح المهندسين التابعين لمحور تعز قد طالبوه بدفع مبلغ مليوني ريال، كمصاريف للفريق الفني»، مؤكداً أن هناك من نصحوه «بتجاوز توجيهات قائد المحور العميد خالد فاضل، والتحدث إلى مستشاره العميد عبده فرحان المخلافي، باعتبار أن كل قرارات المحور بيده»، في إشارة منهم إلى مدى سيطرة حزب «التجمع اليمني للإصلاح» على القرار العسكري في المحور، خاصة أن هذا المستشار ظهر عبر مختلف وسائل الاعلام التابعة والموالية للحزب، وهو يرأس اجتماعات قيادات الشعب وأركان وعمليات المحور، ويسير شؤونه بصلاحيات مفتوحة. «الإصلاح» و «ألوية العمالقة» لم يكن لحزب «الإصلاح» أي حضور عسكري في الحرب التي دارت في مديريتي الوازعية وموزع، بمحافظة تعز، وفي حديث لمسؤول لجنة متابعة النازحين من مديرية الوازعية، في مديرية المنصورة بعدن، الشيخ سعيد هدار إلى العربي، قال:«الإصلاحيون في مديريتنا كانوا موجودين بقلة قبل الحرب، وتحركاتهم قليلة، وبعد اندلاع المعارك اختفوا تماماً»، مؤكداً أنه «لم يكن لهم أي دور في المقاومة، لا في قيادتها، ولا ضمن المقاتلين». وفي تفسيره للأسباب التي جعلت قيادة محور تعز تعيق ارسال فرق فنية لنزع الألغام من المديريتين، قال: «السبب هو سيطرة حزب الإصلاح على قرارات المحور، وحسب ما جاءتنا من أخبار، أن جواب الإصلاحيين على كل من يريد معرفة الأسباب، بقولهم: إن المحور ليس لديه الإمكانيات وليس لديه التجهيزات الكافية، ولأن هذه المناطق قد تم تحريرها من قبل ألوية العمالقة الجنوبية، وهم لديهم كل الإمكانيات والأجهزة الفنية والخبراء في نزع الألغام، فلماذا لم يكملوا لينزعوا الألغام من قرانا؟»، مستغرباً من ذلك، بالقول «وكأن ألوية العمالقة خصماً لهم». يذكر أن حزب «الإصلاح»، ظل يضع «ألوية العمالقة» في صدارة الأخطار التي لا يؤمن عاقبتها، باعتبار أنها سلفية، وتحصل على دعم كبير من دولة الامارات التي تناصب «الاخوان المسلمين» العداء، لذلك لا يستبعد مراقبون، أن تظل مواقف القيادات الإصلاحية في محور تعز، بخصوص عملية نزع الألغام من مديريتي موزع والوازعية، نابعة من الخصومة لـ«ألوية العمالقة»، ظناً منها أنها بذلك تفضح الأهداف الإماراتية «التي لا هم لها سوى السيطرة على السواحل اليمنية، ولا تعنى بالحفاظ على حياة الانسان، ومساعدته على الاستقرار في المناطق التي صارت تحت سيطرة حكومة الرئيس هادي».

آخر الأخبار