عربي- رأت «مجموعات الأزمات الدولية»، التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً لها، أن «معركة الحديدة وصلت نقطة اللاعودة»، لكنها في المقابل، أكدت على أن «هذه اللحظة هي الأخيرة التي من الممكن فيها للمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة أن تمنع القتال المدمر». وقالت المجموعة الدولية في آخر تقرير صادر عنها، أن «كل من الحوثيين، والتحالف الذي تقوده السعودية، يقولون إنهم يريدون تجنب معركة الميناء ومركز المدينة، لكن مواقفهم التفاوضية لا تزال متباعدة». وأوضحت «مجموعة الأزمات» أن الآمال تكمن الآن في المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، «لإيجاد إيجاد أرضية مشتركة»، وبيّنت أن غريفيث «يتمتع بفرصة حقيقية، وإن كانت محدودة للنجاح، بسبب ثلاثة ديناميكيات متقاربة». أولاً، انفتاح «أنصار الله» لأول مرة على تسليم «ميناء الحديدة» للأمم المتحدة لإدارته. ثانياً تفضيل الإمارات، التي تقود القوات العسكرية نيابة عن «التحالف» الذي تقوده السعودية، تجنب القتال في المناطق الحضرية. وثالثاً، القلق المتزايد ين أصحاب المصلحة الدوليين، من أن معركة ضارية للميناء والمدينة، يمكن أن تكون لها عواقب إنسانية مدمرة وطويلة الأجل. ونوهت «مجموعات الأزمات» إلى أن العثور على حلٍ، يعني «تجسير المواقف للأطراف المتنافسة»، مشددة وجوب أن «يضغط الحلفاء الدوليون، على كل من الحوثيين، والتحالف بقوة على كلا الطرفين، لتقديم تنازلات، والقبول تسوية تفاوضية للميناء والمدينة باعتبارها الخيار الأفضل والوحيد المسموح به، حيث الرهانات في انجاز ذلك تكاد تكون في أعلى مستواً لها». وأكدت المجموعة الدولية «على أن نجاح وساطة الأمم المتحدة في التوصل إلى حل مقبول للطرفين، سيحمي المصالح الحيوية لجميع الأطراف فيما يتعلق بالحديدة، كما أنه يمكن أن يكون أساساً التسوية ليس فقط للميناء، ولكن أيضاً للصراع الأوسع بين الحوثيين والتحالف»، مشيرة إلى أنه «يمكن للحديدة أن تبرهن على أنها بداية النهاية لحرب اليمن»، ولكنها حذرت في الوقت نفسه من أن «الفشل في إنجاز ذلك الاتفاق لن يؤدي إلى تقويض آفاق مثل هذه المحادثات فحسب، ولكنه قد يكون بداية لمرحلة جديدة أكثر تدميراً». وأشارت المجموعة الدولية إلى أن معظم المحللين العسكريين الذين يتابعون الحملة يقولون «إن الحوثيين لديهم فرصة ضئيلة للاحتفاظ بالميناء والمدينة إذا استمرت الحملة المدعومة من الإمارات، وأن الحوثيين أنفسهم يدركون هذا أيضاً»، مرجحة أن يكون ذلك هو «ما دفعهم لإبداء استعدادهم لتسليم السيطرة على الميناء إلى الأمم المتحدة، ومناقشة انسحاب جزئي من المدينة، بعد أن رفضوا مثل هذه الأفكار منذ عام مضى». وقالت «مجموعات الأزمات»، أنه «وعلى الرغم من أهمية ذلك الأمر، فأنه لم يرقَ إلى المستوى العام لقادة التحالف، الذين يريدون الاستفادة من من زخمهم العسكري من أجل إنسحاب كامل للحوثيين وتسليم الميناء والمدينة إلى قوات المقاومة الوطنية، مع توفير الممر الآمن للحوثيين إلى صنعاء»، لكنها عادت لتنوه إلى أن ذلك الطلب قد «يحمل شيئاً من المرونة، وذلك بعد أن أبلغ دبلوماسيون ومسؤولون لدى التحالف في المفاوضات الجارية خلف الكواليس، أن زعماء التحالف ألمحوا إلى أنهم قد يقبلون تسوية من أجل تجنب صراع طويل الأمد للميناء والمدينة». وشددت المجموعة الدولية على وجوب أن «يقوم المبعوث الأممي، بخطوة فورية، من خلال الإعلان عن حقيقة أن كلا الطرفين قالا له إن الصفقة ممكنة وأظهرا مرونة جديدة، ما من شأنه أن يحد من خطر أن يدعي أي طرف الآخر غير راغب في تقديم تنازلات، ويستخدم ذلك ذريعة لمنع المفاوضات». ونوهت إلى أن «إنجاز هذه التسوية يبقى قائماً طالما لم يبدأ الهجوم على المدينة»، موضحة إن ما تحاتجه الآن، «هو دعم دولي قوي لجهود جريفيث للتوصل إلى مثل هذا الحل الوسط، إلى جانب الضغط الدولي القوي على الجانبين لقبوله»، وذلك من خلال التالي: يجب أن يصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً يؤيد بشدة التسوية التفاوضية بشأن الحديدة تحت رعاية الأمم المتحدة وفقاً لمقترحات غريفيث. يجب على الولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة في الدعوة إلى صفقة من شأنها أن تمنع معركة المدينة والميناء. على الدول التي تدعم أو لديها خطوط اتصال مفتوحة مع «أنصار الله»، أن تضمن أن المجموعة تخضع لضغوط مستمرة للموافقة على حل وسط والتقيد بالتزاماتها في حالة توقيع الاتفاق صفقة. واعتبرت المجموعة الدولية أن «ما يحدث في الحديدة، يمكن أن يثبت صحة الشعار الذي دائماً ما يردده المجتمع الدولي أنه لا يوجد عسكري، ولكن فقط حل سياسي لحرب اليمن ، حتى مع استمرار الحرب بلا هوادة»، مختتمة تقريرها بالتأكيد على أن «الحديدة تمثل فرصة لمجلس الأمن الدولي لإثبات قدرته على متابعة الحلول التفاوضية للصراعات في وقت يتزايد فيه الشكوك حول فعاليته وفائدته، في حين إنها توفر للأطراف المتحاربة خروجاً مشرفاً، يحمي مصالحها الحيوية بعد سنوات من تعرضها للخطر بشكل متهور. سلطة الإمارات في اليمن كشف الباحث الأمريكي في سياسات الشرق الأوسط، والمساهم الرئيسي ومحرر كتاب السياسة الخارجية السعودية «الصراع والتعاون»، نيل بارتيك، عن أن التقدم الذي حققته القوات المدعومة من الإمارات «شجّع واشنطن على الموافقة على العملية العسكرية في الحديدة»، مبيناً أن هناك وجهة نظر مفادها أن «حلفاء الإماراتيين في اليمن يمكنهم الحصول على مزايا إستراتيجية، بالإضافة إلى سلطة أكبر على ما يأتي من وإلى الميناء». وأوضح الباحث الأمريكي، في مقابلة أجراها معه «مجلس العلاقات الدولية الأمريكي» (مركز بحثي)، أن «مقترح عملية الحديدة، ظهر لأول مرة في فبراير من العام 2017، بفكرة أكثر طموحاً من قبل الإماراتيين بأن يكون لهم تأثير على أجزاء من الشمال والجنوب، على خلاف ما ألمحوا به في العام 2016، إلى إمكانية سحب قواتهم من اليمن، حيث بدا الأمر آنذاك وكأنه متعلق بتحقيق نفوذ على أجزاء من الجنوب، من خلال زعماء الحرب وغيرهم من الزعماء المحليين». ونوه بارتيك إلى أن الإماراتيين، «بعد أن تحصلوا على حلفاء محليين في الجنوب، باتوا يريدون توسيع شبكة نفوذهم إلى الشمال، بمساعدة من الولايات المتحدة ،والمملكة العربية السعودية، وبدرجة أقل بريطانيا وفرنسا»، مبيناً أن ما «أعطاهم الأفضلية في ذلك، هو تواجد قواتهم الخاصة على الأرض لتقديم المشورة المباشرة لحلفائهم اليمنيين». وذهب الباحث الأمريكي إلى القول: «أعاد الزعيم الإماراتي الفعلي، الشيخ محمد بن زايد، إعادة تعريف القومية الإماراتية على أنها قوة عسكرية، ويسعى إلى التأثير الإقليمي، وتعزيز الردع ضد إيران حول شبه الجزيرة العربية، كما يوفر اليمن فرصة لدولة الإمارات العربية المتحدة لمحاربة التشدد الإسلامي، الذي يعتبرونه تهديداً وجودياً، حتى وإن كانت الإمارات العربية المتحدة لديها تقاليد ثقافية سلفية بحد ذاتها وتعمل مع المقاتلين السلفيين اليمنيين من أجل ميزة تكتيكية». وأشار بارتيك إلى أن السعودية «لا تريد أن تتعهد بإرسال قوات برية، لكنها في المقابل متوترة بشأن ما يحققه الإماراتيون من خلال وجودهم على الأرض، فضلاً عن قلقها من الدور المتزايد للإمارات في مجال الأمن البحري في البحر الأحمر وبحر العرب، وكذا الوجود العسكري الإماراتي في جزيرة سقطرى». وبيّن بارتيك أن القوات اليمنية التي تقاتل إلى جانب الإماراتيين، «تعتبر وجودهم مفيد لتحقيق طموحاتهم الخاصة في أجزاء من الجنوب، باعتبارهم اللاعبين الوحيدين الذين قد يساعدونهم على إزاحة الحوثيين، كما هو الحال في الحديدة»، لكنه أكد في المقابل على أن اليمنيين «الآخرين يشعرون بشكل مختلف تماماً، ويعملون مع الحوثيين على أنها أفضل فرصة لتقييد مثل هذه المخططات ومحاربة المقاتلين السنة أو القوات اليمنية الأخرى». وتوقع الباحث الأمريكي أن «ينجح المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، في إنجاز اتفاق مؤقت لإطلاق النار في الحديدة»، لكنه «استبعد نجاحه في إنجاز الطموحات الكبرى، التي تتمثل في تشكيل حكومة انتقالية وشاملة»، معتبراً تحقيق ذلك «بعيد المنال». وشدد بارتيك على أنه «لا ينبغى أن يكون الطموح أكثر من أن تكون البُنى السياسية في اليمن دائمة، ويمكن أن يكون لها قبول جماعي، باعتبار إن هذه المؤسسات لم تكن موجودة في التاريخ اليمني الحديث»، موضحاً أن «إنهاء القتال في جميع أنحاء اليمن سوف يتطلب مشاركة جميع أطراف النزاع في هذا النقاش، بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، اللذين هم أيضاً طرف في الصراع، كما أن إيران هي الأخرى، يجب أن تكون جزءاً من هذا النقاش، وأن تكون نتيجة تلك النقاشات، حكومة يلعب فيها الحوثيون دوراً مهماً». وكشف الباحث الأمريكي عن أنه «وبعد الحرب البرية التي خاضتها السعودية في 2009-2010 على الحدود اليمنية، ظهرت هناك أدلة على أنها اشتركت مع الحوثيين في الحديث عن ترتيبات أمن الحدود، حيث أن السعوديين هم في أضعف حالاتهم في تلك المناطق الحدودية»، مشدداً على وجوب أن «يكون الحوثيون جزءاً من ترتيبات الأمن القومي السعودي»، ومعتبرا أن ذلك من شأنه «إشراك إيران في النقاش، حتى لو كان لمشاركتهم في المحادثات أن تكون وراء الكواليس». وحذر من أن «الاستمرار في النظر إلى الحوثيين على أنهم وكيل أجنبي، يجعل من احتمال التوصل إلى حل في اليمن، بعيد المنال». ورأى الباحث الأمريكي في ختام حديثه أنه «في حال اندلع القتال حول منطقة ميناء الحديدة، فإنه لا يمكن أن تكون هناك ضمانات إنسانية، حيث أن سجل أداء السعوديين والإماراتيين ليس جيداً في تجنب الأهداف المدنية خلال ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف من الحرب الجوية، ما قد يتطلب إشراك قوات حفظ سلام دولية أو وجود دولي»، متوقعاً أن يكون هذا الترتيب «جزءاً من الضمانات التي من شأنها أن تشجع كلا من الحوثيين وخصومهم على قبول وقف إطلاق النار في الحديدة». التسوية هي الخيار الأمثل ومن جانبه، وضع «المجلس الأطلسي» (مؤسسة بحثية)، ثلاث نتائج محتملة للمعركة المستمرة من أجل الحديدة. «أولها، أن ينجح التحالف الذي تقوده السعودية في الإطاحة بالمقاتلين الحوثيين من المطار والميناء والمدينة. وثانيها، أن تنجح قوات الحوثي في إحباط الهجوم البري. وثالثها، أن يقبل الطرفان حلاً برعاية الأمم المتحدة، حيث يضعان المطار والميناء تحت قوة دولية للحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية». واعتبر «المجلس الأطلسي» أن النتيجة الثالثة هي «الخيار الأمثل، وذلك لكونها ستوفر الإغاثة للسكان المدنيين في الحديدة، وقد تكون بمثابة نقطة انطلاق محتملة لاتفاق سلام أوسع في البلد الذي مزقته الحرب». ورأى المجلس الأمريكي أن «التوازن الاستراتيجي في اليمن، لم يتغير كثيراً منذ أن تم إحراج الحوثيين من عدن ومعظم الجنوب خلال السنة الأولى من الحرب، كما أن التغيير الذي حدث منذ مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح من قبل الحوثيين، لم يكن له أهمية كبيرة أيضاً، في مقابل ذلك أكد على أن «فقدان الحوثيين للحديدة، يمكن أن يحدث فارقاً استراتيجياً، ولكنه شدد في المقابل على أنه «لن ينهي بالضرورة الحرب». واعتبر «المجلس الأطلسي» أن «الوصول إلى اتفاق سلام، على الرغم من صعوبته، يعد أمراً ممكناً في الواقع، ونتيجة حتمية لهذه الحرب اللاإنسانية»، مبيناً أن الخيار الأكثر منطقية هو «خفض الخسائر والانخراط في إجراء دبلوماسي شامل، وتقديم خيارات مبتكرة وحلول طويلة الأجل وتجنيد مجلس الأمن الدولي بكامله للقيام بهذا الجهد». ونوه المجلس الأمريكي إلى أن ذلك الأمر «قيل في السابق، ولكنه يستحق التكرار»، بأنه يمكن «التوصل إلى حل وسط بشأن الحديدة»، مشدداً على وجوب أن «يستخدم ذلك الحل كنقطة انطلاق نحو سلام شامل، يتمثل في نزاع سلاح جميع الميليشيات، وتغيير الحكومة الحالية إلى حكومة ائتلافية حقيقية، تتعامل مع جميع المظالم الإقليمية، في الشمال والجنوب، وتخطط مرة أخرى لإجراء انتخابات وطنية أخرى بعد فترة انتقالية مدتها سنتان، يتم فيها توجيه منظمات المجتمع المدني للمساعدة في إعادة تثقيف الناخبين، فضلاًً عن توفير الأمن للوكالات الإغاثة من أجل بدء بمهمة تقديم الإغاثة الإنسانية والمساعدة في تقليص التحديات الاقتصادية طويلة الأجل».