«سيفرورلد»: الاستثمار الكبير للغرب لمكافحة الإرهاب في اليمن لم يأت أكله

رأت منظمة «سيفرورلد» العالمية، التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها، وتعمل من أجل منع الصراع وبناء الحياة الآمنة على مستوى العالم، أن الاستثمار الكبير للغرب لمكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في اليمن، منذ ظهور التهديدات الإرهابية الخطيرة في هذا البلد في العام 2000، والذي شمل إلى جانب العمل العسكري المباشر، اغتيال المقاتلين الرئيسيين، ودعم الحكومات اليمنية المتعاقبة لمحاربة الإرهابيين أو محاكمتهم أو معاقبتهم، ودعم بناء مؤسسات الدولة، لم يأت أكله، مشيرة إلى أن هذه الدولة بقيت هشة.


وأشارت «سيفرورلد»، إلى أن النهج الغربي في اليمن، انعكس في خطاب داخلي على المجتمعات الغربية، عرّف فيه اليمن أنه (تهديد) في المقام الأول، كونها يستضيف تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» والمجموعات الخطيرة الأخرى، التي يجب هزيمتها بأي ثمن، من خلال دعم جهود دولهم فيها.
وبيّنت مؤسسة «سيفرورلد»، في ورقة تحليلية قدمتها الأسبوع المنصرم، نهج الجهات الفاعلة الخارجية تجاه اليمن، وآثارها على ديناميكيات النزاع من منظور بناء السلام، وأكدت المنظمة من خلالها على أن جهود مكافحة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار، وبناء الدولة في اليمن، كان لها آثار سلبية كبيرة، وأسهمت بشكل ملحوظ في إذكاء الصراعات الداخلية وتعميق الانقسام المجتمعي، ولفتت المنظمة، إلى أن خوف الغرب من تهديد الإرهاب وعدم الاستقرار في اليمن، جعلهم يكثفون من دعمهم للقيادة «الاستبدادية».


ولفتت المنظمة العالمية، إلى أن المقاتلين المسلحين في اليمن، يستمدون القوة من الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي ونقص المياه والموارد الأخرى، وغياب الخدمات وما إلى ذلك، موضحة أن تقديم المساعدات العسكرية والإنسانية، عبر هياكل الدولة المقسمة والنخب، عززت من قيام نظام فاسد وجهاز أمني مسيئ، وأن ذلك، قد سمح للنخب بالاحتفاظ بروابط المحسوبية، وقللت من حوافزهم لدعم التغيير، الذي يسمح لليمن بمعالجة الظلم وتوفير الأمن وسبل العيش والخدمات والموارد.


وشددت «سيفرورلد»، على أن الدعم الخارجي للجهات الفاعلة، يحتاج إلى مزيد من التفكير بعناية، من أجل تجنب تعزيز الديناميات السلبية، وتوفير حوافز ذات مغزى، وظهور حكم أكثر شمولاً وإنصافاً واستجابة وخضوعاً للمساءلة. وأكدت على وجوب أن تكون المساعدة مباشرة إلى الشعب اليمني، من خلال الجهات الفاعلة غير الحكومية، والمؤسسات التي تعارض العنف السياسي وتلتزم بالمصالح العامة. 


كما قدمت «سيفرورلد» في ورقتها التحليلية، جملة من التوصيات في سبيل المعالجة المستقبلية، الواجب على الغرب اتباعها لتعزيز الاستقرار في اليمن وصنع السلام، وبيّنت أن في مقدمتها تقديم خدمات فعالة للإصلاح ومعالجة الفساد، وتطبيق العقوبات على جميع الذين يستفيدون من الفساد الكبير، فضلاً عن بذل المزيد من الجهود المتضافرة لوقف تدفق الموارد إلى جميع الذين يستخدمون العنف كاستراتيجية سياسية، والضغط من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة وعادلة، والتعامل مع مجموعة أوسع من الجهات الفاعلة خارج صنعاء، بما في ذلك في الجنوب. 


وأشارت «سيفرورلد»، إلى أنه في حال رغبت الجهات الفاعلة الغربية في مواصلة دعم التدخلات العنيفة في اليمن، يجب عليها أن تلتزم بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ولاسيما من خلال بذل المزيد من الجهود لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين، وتحمل المسؤولية عن الأعمال غير القانونية، مؤكدة على أنه عاجلاً أو آجلاً، سوف تضطر كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى الاعتراف بأن مصالحهما تعتمد على تحقيق سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط، وأن تحقيق ذلك سيكون مستحيلاً دون تغيير جذري لسياساتهما وتحالفاتهما في المنطقة.


وختمت «سيفرورلد» تحيليلها، بالتأكيد على أن التعامل مع اليمن، كمجرد ساحة قتال في صراعات ونزاعات جغرافية سياسية أوسع، سواء ضد «القاعدة» في الحرب على الإرهاب أو ضد إيران في سياق صراعات السلطة بين دول الخليج كان خاطئاً، ومشددة على أن اقتراب اليمن من وجهة نظر محددة سلفا بأن «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» و«أنصار الله»، هم المفسدين الذين يجب هزيمتم وإزاحتهم بأي ثمن، وتجاهل الديناميات داخل البلد، يضمن الفشل في تحقيق الأهداف العسكرية والأمنية وصنع السلام، ويؤدي بشكل فعال إلى تفاقم الصراعات وتعميق عدم الاستقرار.

آخر الأخبار