«كارنيغي»: المعضلة السعودية والإماراتية بعد صالح

رأت مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي، أن مقتل الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، مثّل فقط هزة في التصوّرات، ولم يغيّر كثيراً في أسس النزاع في اليمن، بما في ذلك السياسات السعودية والإماراتية في البلاد، مشيرة إلى أنهما افتقرتا إلى الاستراتيجية المتماسكة والأهداف المحددة، واتفقتا قبل مقتل صالح فقط حول التكتيكات.
وبيّنت «كارنيغي»، أن الإمارات كانت تعتبر أن «صالح» هو الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يحافظ على تماسك الدولة اليمنية في شكل من الأشكال، مرجحة أن يواجه السعوديون والإماراتيون في غيابه، صعوبات جمّة في الحد من سيطرة «أنصار الله» على الأراضي شمال اليمن، وفي تحقيق ذلك بوتيرة سريعة ومن دون مزيد من التكاليف الأمنية والاقتصادية والسياسية.
وأوضحت «كارنيغي»، أنه وفي حين أن الإماراتيين لا يرون خيارات أخرى كثيرة في الحلفاء اليمنيين، يُظهر السعوديون استعداداً للنظر في التحالف مع مجموعة من الفرقاء، خاصة «حزب الإصلاح»، إخوان اليمن، على الرغم من أن الإماراتيين لايشاركوهم نفس المشاعر، ويعارضون بشدة أي مظهر من مظاهر الإسلام السياسي.
ولفتت «كارنيغي»، إلى أنه في الوقت الذي يدعم السعوديون خصمَين في القتال اليمني: أحمد علي صالح وعلي محسن، فإن والإمارات منقسمة بين فريقَين أيضاً، ففي حين تدعم قوات أحمد علي في الشمال، تقدّم المؤازرة لمجموعة مختلفة من المقاتلين اليمنيين في الجنوب، وأضحت المؤسسة أنه وعلى الرغم من كره الإماراتيين للإسلام السياسي، إلا أنهم بدأوا يتقبّلون بعض هذه القوات الجنوبية سلفية الانتماء، لكن شريطة أن يتّبعو السلفية «القويمة»، أي من النوع المتجذّر عميقاً في الأعراف الاجتماعية الإماراتية، في المقابل، قالت المؤسسة إن السعوديين أظهروا أيضاً استعداداً لركوب موجة الحماسة التي تبديها الإمارات حالياً لدعم أحمد صالح، على الرغم من أنهم يدعمون رسمياً علي محسن لمنصب الرئيس، وينظرون إليه منذ سنوات، كزعيم يمني وبديل محتمل وأكثر قدرة على إدارة الروابط القوية بين الإسلاميين والقبائل.
وذهبت «كارنيغي» إلى توقع إمكانية أن يعمد محمد بن سلمان، والذي وصفته «بالمحبَط بسبب استمرار الحرب»، إلى التخلّي عن السعي السعودي الدائم إلى العثور على حليف يمني موثوق يتمتع بالقدرات اللازمة، وأن يلجأ بدلاً من ذلك، إلى الاستعانة بقوات الحرس الوطني السعودي، لمحاولة إخضاع «أنصار الله» واجتياح محافظة صعدة اليمنية الواقعة عند حدود المملكة، والتي تشكّل معقل الحركة، ولكنها عادت لاستبعاد تلك الفرضية، باعتبار أن السعوديين يأملون أن يتمكّن اليمنيون من القيام بالأمر بأنفسهم، مرجحة أن يقتصر دور الحرس الوطني السعودي، على القيام بتوغّلات محدودة من أجل فرض الأمن عند الحدود.
وختمت «كارنيغي» تحليلها بالتأكيد على أن السياسات السعودية والإماراتية في اليمن، لازالت تعاني من التناقضات الذاتية، وأن هناك تباعدٌ بين البلدَين في ما يتعلق بالوسائل والأهداف، وأنه وفي الوقت الذي يبدو فيه السعوديون التزاما بوحدة اليمن، طالما أن هذا الخيار قابلاً للحياه، يبدو الموقف الإماراتي لا يزال محاطاً بالتردد، مشيرة إلى أن الدولتين الخليجيتين المتحالفتَين، لم تتوصّلا بعد إلى أجوبة عن كيف سيتم «تحرير» اليمن؟ مَن سيحرّره، ومَن سيتولّى مقاليد السلطة؟

آخر الأخبار