عندما قرر التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ان يعتدي على اليمن منذ الف يوم ، لم يكن يتخيل ابدا انه يدخل في مستنقع خطر ، وبان اعتدائه سوف يكلفه غاليا في اقتصاده وفي معنوياته و في مكانة جيشه وقدراته العسكرية والمادية الضخمة، وقد اعتبر حينها ان هذا البلد الفقير لن يستطيع مواجهة تحالفا واسعا من دول كبيرة وغنية وصاحبة نفوذ ، وسوف يستسلم فورا قبل ان تبدأ المعركة ، فقط حين يعلم ما ينتظره من حزم ومن قدرات ومن اكانيات ، ولكن ...
لم تجرِ رياحُ العدوان كما تشتهي سفينةُ المعتدي ، فاليمن قاتل و واجه و صمد و انتصر ، و ما زالوا غير مصدقين .
اليمن كبّدَهم خسائر ضخمة على أبواب تعز والمخا و ميدي و مأرب و نهم و الجوف والمتون والحديدة وغيرها ...وما زالوا غير مدركين فشلهم .
رجال اليمن قارعوهم داخل حدودهم ، وفي مواقعهم المحصنة باحدث التجهيزات والقدرات العسكرية ، واجهوهم و اسروا ضباطهم وجنودهم بعد ان سحبوهم من احدث الاليات والمدرعات المتطورة ، وبعد ان سيطروا على مراكزهم باسلحة وبتجهيزات متواضعة وبسيطة ، وما زالوا مذهولين غير واعين ...
اليمن طوّر صواريخ باليستية و صنّع أخرى استراتيجية وهم ما زالوا يستوردون الاحذية والقبعات والقمصان والسراويل العسكرية والقنابل الدخانية التي يصنّعها اطفال اليمن .
القوة الصاروخية في اليمن حددت أهدافا على مسافات تجاوزت مئات الكيلومترات ، و استهدفت صواريخها بنجاح عواصمهم وقصورهم التي يكيدون منها مكائدهم وعدوانهم على اليمن ، وهم ما زالوا مستغربين ضائعين ، يبحثون عن كبش محرقة او عن مخرج لفشلهم ، ويتهمون إيران و حزب الله بتنفيذ هذه الاستهدافات الصاروخية .
الف يوم واليمن يقاتل في الميدان الواسع صامدا ثابتا عنيدا ، و يفاوض عند الحاجة من الند للند ، و يضع منهجية مدروسة تحفظ كرامة أبنائه و تضحيات شهدائه ، و هم ما زالوا يتكلمون عن إعادة شرعية جوفاء ، هم بأنفسهم جوفوها و جردوها من كل شيء ، و وضعوها تحت الإقامة الجبرية ... و ما بقي منها من منظرٍ او مضمونٍ أجهزت عليه فصائلهم الوفية ( داعش والقاعدة ) في عدن و لحج و المكلّلا و زنجبار وحضرموت و غيرها .
الف يوم واليمن ينزف و أطفاله يحرقون ونساؤه يتمزقن و شبابه يحرقون ، و هم يستحضرون الامم المتحدة و مجلس الأمن و حلفاءهم تجار " الأسلحة والدم " لاحالة انصار الله وإيران و حزب الله على محاكم " العدل " الدولية، بسبب صاروخ أصاب قاعدة عسكرية تنطلق منها كل دقيقة على مدى الف يوم غارة جوية تقتل و تدمرو تحرق و تعربد في اليمن .
الف يوم وقادة معركة الدفاع عن اليمن يديرون المواجهة في الميدان بمهنية عالية متميزة ، وكأنهم خاضوا آلاف الحروب وتابعوا آلاف الدورات العسكرية في ارقى المعاهد العالمية ، و هم كانوا يفاجئون المعتدين ورعاتهم من الدول الكبرى بخطط لا يضعها الا عباقرة في العلم العسكري والاستراتيجي ، و بمناورات لافتة في الهجوم والدفاع والاختراق والسيطرة والتغطية .
الف يوم وقيادة الجيش واللجان الشعبية متماسكة في ادارة المدافعة والقتال في ظل ظروف صعبة وقاسية من الضغط العسكري ، والذي كان يمارسه تحالف مدعوم من عشرات الدول ، وبتجهيزات وقدرات ضخمة ومُدَمِرة .
الف يوم وقادة انصار الله في اليمن متنبهون على كل ما يحاك ويخطط من مؤامرات و دسائس ، ومثلما كانوا يركزون على الميدان ونجحوا في تحقيق انتصاراته ، كانوا في نفس الوقت يركزون على الامن القومي والوطني المهدد من اختراقات كانت محسوبة دائما ، و بقدر ما كانت نظرة هؤلاء القادة ورؤيتهم الاستراتيجية في مكانها ، استطاعوا معالجة الاختراقات الامنية الخطيرة بسرعة قياسية ، وها هم اليوم يتابعون معركتهم في الدفاع عن اليمن وهم محصّنون داخليا الى ابعد الحدود .
واخيرا ... لقد اثبت ابطال اليمن المدافعين عنه في حرب شرسة لم يشهد التاريخ لمثلها ، انهم قادرون على الصمود في الفِ معركة من الفِ يوم ، ولقد اثبت قادة معركة الدفاع عن اليمن انهم خير قادة لخير ابطال .
(شارل أبي نادر- عميد متقاعد في الجيش اللبناني)