وفي الوقت الذي يستدعي إقرار أي موازنة عامة للدولة وفقاً للقانون الموافقة عليها من قبل الحكومة وإحالتها إلى البرلمان ومناقشتها بنداً بنداً، ومن ثم التصويت عليها، الأمر المتعذر حالياً، أكد مصدر في وزارة المالية لـ«الأخبار» أن الظروف الحالية التي تمر بها البلاد تستدعي العمل بموازنة العام ما قبل الماضي بأثر رجعي وفق القانون المالي. وكانت الحكومة المستقيلة برئاسة خالد بحاح قد أقرّت منتصف كانون الثاني، العام الماضي، تمديد العمل بالموازنة العامة للعام 2014 نظراً إلى حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد. واستند حينها وزير المالية محمد منصور في قرار تمديد العمل بالموازنة السابقة إلى نص المادة 88 من الدستور الذي يتيح للحكومة العمل بموازنة العام المنقضي بأثر رجعي.
وعلى الرغم من تقدير عجز الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2014 بـ 679 ملياراً و264 مليون ريا،ل أي ما يزيد على 3 مليارات دولار، إلا أن ارتفاع العجز كان بسبب ارتفاع فاتورة استيراد المشتقات النفطية وارتفاع فاتورة الكهرباء المشتراة التي تتجاوز الـ 5 مليارات دولار، ولم تتحدث الحكومة المستقيلة مطلع العام الماضي عن أي تقديرات لارتفاع العجز السنوي، إلا أنها استبعدت «أي آثار سلبية لتقلّبات أسعار النفط على جانب الموارد من جهة والمصروفات». وأشار المصدر في وزارة المالية إلى أن «وزارة المالية أعدت مصفوفة معالجات وتدابير من أجل إصلاح الاختلالات التي سببها العدوان والحصار الاقتصادي على الوطن وتوقف الكثير من الإيرادات الحيوية».
وأضاف المصدر أن «فريقاً من خبراء الوزارة يعملون على إعداد الخطط الكفيلة لمواجهة التحديات والصعوبات والتي من شأنها تحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي».
في السياق ذاته، أكد القائم بأعمال وزير المالية، مطهر العباسي، أن الاقتصاد اليمني انكمش العام الماضي بسبب العدوان والحصار بنسبة 36% بالسالب.
وبهدف توفير موارد مالية جديدة، اقترحت وزارة المالية فتح باب ترسيم السيارات غير المرسمة برسوم مخفوضة تتناسب مع الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن اليمني لتعويض العجز في إيرادات الجمارك نتيجة الحصار المفروض وإغلاق كل الموانئ البرية وتراجع الحركة الملاحية في الموانئ البحرية والجوية، وتم تشكيل لجنة إشرافية لوضع الترتيبات اللازمة لفتح باب الترسيم للسيارات ووسائل النقل والمعدات والآليات والذي من المتوقع أن يدر للدولة مئات المليارات من الريالات.
وأقرّت «اللجنة الثورية العليا» بدء عملية الترسيم من كانون الثاني على مرحلتين، على أن يتم فتح المرحلة الأولى لمدة شهر، تليها مرحلة أخرى وفق ما تقره لجان الترسيم المشكلة في العاصمة والمحافظات. ووفق المصادر، فإن التوجيهات تشمل تحسين التحصيل الضريبي لضرائب القيمة المضافة أو الضريبة العامة على المبيعات، وتحصيل الفاقد الضريبي لدى المؤسسات العامة والخاصة. ولتمويل الموازنة، تدرس الجهات الحكومية تجديد تراخيص شركات الهاتف النقال ومنح تراخيص جديدة للنطاق العريض اللاسلكي.
وخلال الأشهر الماضية، عقد القائمون على أعمال الحكومة لقاءات عدة وتم تشكيل لجنة متخصصة لدراسة الموضوع من قبل وزارة الاتصالات ووضع الآليات والسياسات لتجديد تراخيص الهاتف النقال ووضع آلية لتحديد القيمة الأولية للتراخيص والسعر السنوي للطيف الترددي بما يضمن تحسين قواعد المنافسة بين المشغلين وتفعيل الدور الرقابي والإشراف للوزارة على سوق الاتصالات.
في الاتجاه عينه، توقفت معظم النفقات الاستثمارية التي تمول من الموازنات المحلية للمحافظات. وللسبب ذاته، سعت السلطات المحلية إلى تحسين الدخل من خلال ضبط العديد من الموارد المشتركة بين السلطات المركزية والمحلية بموجب قانون السلطة المحلية رقم 40 لعام 2000 ورفع كفاءة التحصيل الضريبي وتحصيل الرسوم القانونية في مختلف المجالات لسد العجز الناتج من الحصار والعدوان في الموارد المحلية. كذلك أقرّت السلطات المحلية في أمانة العاصمة خفض رسوم غرامات المخالفات المرورية بنسبة 50% لتحسين مواردها المالية.