هافينغتون بوست: كيف تساعد السياسة الأمريكية القاعدة في اليمن؟

تساءلت صحيفة «هافينغتون بوست» عن الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة إلى دعم الحليف الرئيسي لتنظيم «القاعدة» في اليمن، مشيرة إلى دور المملكة العربية السعودية في مساندة التنظيمات المتطرفة هناك، في حربها ضد «أنصار الله».


واستندت الصحيفة إلى بعض التقارير الإعلامية للحديث عن روابط الرياض، بعبد المجيد الزنداني، أحد «الدعاة المخضرمين المؤيدين لتنظيم القاعدة»، والذي كان بمثابة «المرشد الروحي» لمؤسس التنظيم المتطرف، أسامة بن لادن، مشيرة إلى أن الزنداني ينشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي من داخل الأراضي السعودية، لإبداء تأييده لعمليات «التحالف» الذي تقوده المملكة في اليمن، باعتباره «واحداً من خمس شخصيات يمنية على الأقل مصنفة إرهابية»، أيدت التدخل العسكري في اليمن ضد «جماعة الحوثي». ورغم كون الداعية اليمني مدرجاً على لوائح الإرهاب الأمريكية منذ العام 2004، على خلفية إدانته بتجنيد عناصر لصالح الجماعات المتشددة، وبشراء الأسلحة لصالحها، إلا أن «علاقات وطيدة» تجمع الزنداني برجال دين كبار في المملكة، ومسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، من بينهم أحد المستشارين العاملين في الديوان الملكي.


وفي ظل الحرب الدامية التي تعصف باليمن منذ مارس 2015، أوضحت «هافينغتون بوست» أن المعاناة والفوضى التي نجمت عنها، إلى جانب تقلب مشهد التحالفات، هيأت الأرضية «المثلى» لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» كي ينشط، ويوسع نطاق سيطرته في البلاد. فقد اكتسب التنظيم «جاذبية» على وقع تنامي موجة الاستياء في أوساط المواطنين اليمنيين من العمليات العسكرية التي تتولاها كل من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة هناك. ووفق تقرير لـ«مجموعة الأزمات الدولية»، فقد أصبح الفرع اليمني للتنظيم المتشدد «أقوى من أي وقت مضى»، مستفيداً من «تفشي الحالة الطائفية»، والفراغ الأمني، مع تحول اليمن إلى «دولة فاشلة»، وانتعاش «اقتصاد الحرب» فيه.


وأشارت الصحيفة في تقرير بعنوان: «كيف تساعد السياسة الأمريكية تنظيم القاعدة في اليمن؟»، إلى أن تعقيدات الأزمة اليمنية بالنسبة لواشنطن لا ترتبط بكون «القاعدة» تهديداً للأمن القومي الأمريكي وحسب، بل بكون الأساس القانوني للقيام بعمليات عسكرية أمريكية في اليمن ينحصر في إطار محاربة التنظيم الإرهابي، وليس مساندة حلفاء (واشنطن)، الداعمين بدورهم لـ«القاعدة»، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية، لافتاً إلى ارتفاع الأصوات القلقة داخل الكونغرس جراء استمرار الأزمة الإنسانية هناك، وغياب آفاق حلها في الأمد المنظور.


وبحسب «هافينغتون بوست»، فإن التطور الملفت والغريب في حرب «تشهد تقلباً في التحالفات بصورة لا متناهية»، تمثل في انضمام مقاتلي تنظيم «القاعدة» إلى جانب قوات «التحالف»، في المعارك الرامية لاستعادة تعز من أيدي «الحوثيين». فقد جاء في أحد التسجيلات العائدة لزعيم «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، قاسم الريمي، في ربيع العام الجاري، أن المعركة ضد «الحوثيين» تجمعهم بسائر المسلمين والتنظيمات الإسلامية بمختلف أشكالها. وبحسب الصحيفة، فإن الريمي، الذي وضعت الولايات المتحدة مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار لقاء رأسه، يتلقى الأموال والأسلحة «بانتظام»، من قبل دول «التحالف» السعودي، المدعوم أمريكياً. ومن مفارقات حرب اليمن أيضاً، أن أحد زعماء القبائل في البلاد، وقبيل ساعات من مقتله بغارة أمريكية، كان يعمل على ترتيب مسألة انضواء أفراد قبيلته تحت لواء قوات «التحالف» في مواجهة «الحوثيين»، وذلك لقاء مبلغ يناهز 60 ألف دولار.


ومن منظور «هافينغتون بوست»، يعد تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، أحد أكبر الفائزين من الحرب الأهلية، وفشل عملية الانتقال السياسي في اليمن. وأضافت الصحيفة أن استهداف قادة القبائل، المقربين من التنظيمات المتشددة، بالمزيد من القنابل، كما تميل إدارة ترامب، سوف يؤدي ببساطة إلى تفاقم معاناة المدنيين اليمنيين، وتعزيز الأرضية السياسية التي يستند إليها تنظيم «القاعدة». ووفق الصحيفة، فإن هناك سبيلاً واحداً لتجفيف منابع دعم التنظيم، يقوم على حث المجتمع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار في اليمن، واستقدام قوات أجنبية (لحفظ السلام)، جنباً إلى جنب مع تعزيز فرص التسوية السياسية بين سائر الأفرقاء اليمنيين، وتوفير المساعدات الغذائية والطبية للتخفيف من معاناة الشعب اليمني.

آخر الأخبار