خاص | الكنز اليمني وفرص الخروج كقوة كبرى في المنطقة

لعل الباحث في الدراسات التاريخية وفي أصل أسماء البلدان وما تحمله هذه الأصول من دلالات، يجد أن من ضمن أسباب تسمية اليمن بهذا الاسم أنها بلاد اليُمن والبركة، أي بلاد الخير الكثير الذي لا ينقطع، وأيضاً بلاد البركة لأنها اشتهرت بإنتاج جميع المواد التي تستخدم في الطقوس الدينية القديمة مثل البخور واللبان... وغيرها قبل وبعد بناء الكعبة المشرفة، وأضيف سبب آخر هو وقوعها يمين الكعبة المشرفة.


وليس هنا مجال بحث تاريخي، وإنما الواقع والجغرافيا والجيولوجيا وكل الدراسات الحديثة تؤكد الثروات الهائلة في هذا البلد وبنظرة صغيرة على تقرير إقتصادي ملخص يمكن أن نلم بجانب مما نريد قوله.
يقول التقرير إن أرض اليمن تحتضن المعادن ، وهي من أهم الثروات المنسيّة، والمعادن لو استغلت بشكل كامل ، فهي كفيلة بتحقيق الرخاء وقلب معادلة الفقر والبؤس بين أفراد الشعب الفقير، ليصبح من أقوى وأغنى الشعوب، حيث يمتلك اليمن في أعماقه أكبر مخزون إحتياطي من الجرانيت والرخام على مستوى الشرق الأوسط بأسره، ويعد من أجود أنواع الرخام على مستوى العالم، حيث يمتاز بقوته وصلابته وتعدد ألوانه وأرضها خصبة بالمعادن الأخرى عالية النقاوة والمهمة من معادن البازلت واللفت والدولاميت، بالإضافة للمعدن الثمين (الذهب) والفضة، وبنسب مرتفعة جداً، هذا بالإضافة لمعادن مهمة واحتياطيات عالية من معادن الرصاص والزنك خاصة في مدن صنعاء وحضرموت وشبوة.


ومن المعادن الاخرى التيتانيوم والحديد والفناديون، أكشفت ببنسب عالية في محافظة مأرب، وصعدة، وصباح البيضا، ومورا، بالإضافة للجبس حيث يقدر احتياطي اليمن منه بـ4,6 بليون طن، وبنسبة نقاء تصل لـ97,5%، وتكتنز أراضي صنعاء وإب بصخور الترافرتين، كما تحتوي على إحتياطٍ عالٍ من معادن (الفلدسبار)، كما تنتشر (الأطيان الصناعية) في عدة مدنٍ ومحافظات من البلاد، وتشير دراسات إلى وجود (الرمال الزجاجيّة) فيها والتي تشكل ستة مليارات إحتياطي العالم في عدة مناطق هناك، بالإضافة لأحجار الجابر والجرانيت، والكوارتز وخام الزيولايت وصخور التف والاجنمبرايت.

 




وكشفت الدراسات عن وجود نسب عالية من خام الـ(أسكوريا) خام الخبث البركاني في مدن صنعاء وذمار، وأبين ومأرب وشبوة وعمران، بالإضافة الى أربعة ملايين متر مكعب من إحتياطي (الكاؤلين)، واحتياطيات عالية من صخور البرلايت، والبيوميس، والزجاج البصري لتوفر رمال السيليكا.

أملاك اليمن من احتياطي المعادن الخاصة بصناعات الأسمنت تخولها لتصبح من أول الدول في صناعة هذه المادة في الشرق الأوسط إن لم تكن الأول ، ويتميز هذا النوع من الإسمنت بمقاومته العالية للرطوبة، هذا بالإضافة للإحتياط العالي من الملح الصخري ليقدر بـ390 مليون متر مكعب.

قطاع التنقيب واستغلال معادن اليمن يعتبر طوق النجاة للإقتصاد هناك ان استغل على أكمل وجه، لكن لم يتم البحث والتنقيب إلا عن نسبةٍ لا تتجاوز ال10% هناك، ولو تم التنقيب عنها بشكل كامل بكل تأكيد ستتغير أحوال البلاد هناك لتصبح من أغنى الدول إقتصادياً. هذا جانب من الثروات ناهيك عن الثروة السمكية والنفط والاهم عن الانسان اليمني صاحب البأس والتحدي ورجل المواقف الصعبة.


إن الحصار المفروض على اليمن هو حصار مكتمل الاركان وفقا لكل التعريفات، فهو يشمل الحبس والمنع والتضييق والمقاطعة والإكراه ناهيك عن السرقة، وليس أدل على ذلك من فضيحة سرقة الأشجار النادرة من جزيرة سقطرى وعرضها بشوارع الإمارات!
نعم أصاب الاقتصاد اليمني الضعيف بالأساس رغم الثروات ضربات عنيفة وكل الإحصائيات تدل على بشاعة ما أصابه في جميع قطاعاته الصناعية والزراعية وقطاعات النقل والصيد والسياحة والكهرباء ومختلف القطاعات.
إلا أنها فرصة تاريخية لليمنيين الأحرار ليشكلوا نموذجاً تاريخياً لمقاومة الحصار والخروج منه كقوة اقتصادية كبرى.
ربما توقفت مشروعات اقتصادية ولم يستغل الاقتصاد اليمني موارده تاريخيا بفعل الخلافات والضغوط والنزاعات، ولكن على وقع ما يصيب اليمن اليوم وعلى وقع العدوان الذي يتعرضون له والمقاومة الصلبة التي أبداها اليمنيون وأوشكوا أن يحولوا جراحهم لنصر وفضيحة للمعتدين، فإن عليهم الالتفات لثرواتهم والبدء في تدشين قوتهم الاقتصادية التي تستغل الثروات التي شنت الحروب عليهم كي يظلوا في فقرهم ولا يشكلون تهديداً أو منافسة للأنظمة الباغية في جوارهم.

 




لعل تجارب عدة شعوب تحت الحصار تصبح ملهماً لليمن ولعلها تتبع اقتصاداً للحرب يكون فاتحة لاقتصاد تنموي مستقل بعيد عن اقتصادات التبعية التي تشكل أرقاماً وهمية للنمو بعيداً عن التنمية الحقيقية.
يعرف اقتصاد الحرب أكاديمياً بأنه مجموعة من إجراءات الطوارئ التي يتم اتخاذها من قِبل الدولة الحديثة لتعبئة اقتصادها للإنتاج خلال فترة الحرب. ويصف فيليب لو بيلون اقتصاد الحرب بأنه "نظام إنتاج الموارد وتعبئتها وتخصيصها لدعم المجهود الحربي".
 وتقول التقارير إن العديد من الدول تقوم بزيادة درجة التخطيط في اقتصاداتها خلال الحروب؛ وفي الكثير من الحالات يشمل هذا الترشيد، وفي بعض الحالات يشمل التجنيد لأغراض مدنية، مثل منظمة الجيش النسائي للقيام بالأعمال الزراعية (Women's Land Army) وبيفين بويز (Bevin Boys) في المملكة المتحدة في الحرب العالمية الثانية.


إنها دعوة لليمنيين لاستغلال العدوان لتدشين اقتصاد حرب كمقدمة لاقتصاد مستقبلي مستقل، وأن يضيف المقاومن والذين يتحملون ما لا يتحمله إلا بشر من نوعية صلبة وعزيزة بنداً جديداً لتضحياتهم ومجهوداتهم، وهو هذا البند وتخصيص فئات من المجاهين لهذا الغرض.
وستخرج اليمن من هذا العدوان قوة جديدة في المنطقة وستكون مصداقاً بمشيئة الله للقول الأثير "رُبّ ضرة نافعة".

 

راصد اليمن - خاص | 

إيهاب شوقي - صحافي مصري

آخر الأخبار