عمر البشير.. لا طال عنب اليمن ولا بلح الشام!

خسر البيع الرئيس السوداني عمر البشير، فلا طال عنب اليمن ولا بلح الشام، ولم يحصد سوى الخيبة والندامة، وهو الذي كان مصنفًا كواحد من الزعماء العرب القلائل الذين رفضوا مشروع الهيمنة الأمريكية، على الرغم من إدراجه في القائمة المطلوبة لمحكمة الجنايات الدولية وفرض عقوبات إقتصادية على الخرطوم على خلفية ما أسموه إيواء الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عقدين من الزمن.

وعلى أحرّ من الجمر، ترقّب البشير قرار العفو عنه ورفع العقوبات عن بلاده الموعود به سعوديًا مقابل قطع علاقته بإيران ومحور المقاومة إضافة إلى مشاركته الفاعلة في العدوان على اليمن كعمود ارتكاز بقيادة السعودية وإشراف أمريكي قبل أن يفاجأ بتمديد الرئيس الاميركي دونالد ترامب لثلاثة أشهر، الفترة الاختبارية التي قررها سلفه باراك أوباما قبل احتمال رفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة على السودان كما أعلنت وزارة الخارجية في صورة من صور التوظيف والابتزاز الأمريكي لأدواتها في المنطقة.

المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية قالت في بيان إن العقوبات ستُرفع بالكامل اذا واصلت الحكومة السودانية أعمالها الايجابية ولاسيما الحفاظ على وقف الاعمال العدائية في مناطق نزاع في السودان، وتحسين وصول المساعدات الانسانية إضافة إلى إبقاء تعاون الخرطوم مع واشنطن لمعالجة النزاعات الإقليمية وما أسمته التهديد الإرهابي، على حدّ زعمها، وهذا هو مربط الفرس والذي يكشف بما لا يدع مجالًا للشكّ الحاجة والرغبة الأمريكية في إبقاء الجيش السوداني في اليمن ليُقاتل بالنيابة عنها وعن عربان الخليج، فضلًا عن كون هذا القرار رغبة سعودية في الضغط على البشير للإذعان لها، وإعلان قطيعته مع قطر خصوصًا أنه اتخذ موقف الحياد من هذه الأزمة.

وكما يُقال من يهن يسهل الهوان عليه، ترك عمر البشير جرحًا غائرًا في جسد الشعب اليمني وجريمة حرب لا تسقط بالتقادم، هذا عدا جريمته بحق شعبه وجنوده السودانيين الذين باعهم في سوق النخاسة السعودي الإماراتي بثمن بخس، وهذا ما يعزز من حقيقة سجله القاتم في مجال حقوق الإنسان كما أسياده الخليجيين الذين يحملون عليه تخندقه خلف الموقف المحايد من القطيعة مع قطر، على الرغم من إرساله المئات من جنوده إلى محارق الموت في اليمن إرضاء للسعودية وأملًا في أن تصفح عنه واشنطن.


وما لم يكن في حسبان البشير الذي يجد نفسه محاطًا بعلاقات يشوبها التوتر مع مصر وانعدام الثقة مع الجانب السعودي الإماراتي، هو أن يجد نفسه مرغمًا على الكذب والتسويف لمداراة فضيحة القتل الذريع الذي تلقته قواته المشاركة في العمليات العسكرية في اليمن، ولاسيما عقب التصعيد الأخير في صحراء ميدي المتاخمة لمدينة جيزان المحتلة سعوديا.

وعلى خطى السعودية، ونظرًا لأن معظم قتلى محاولات الزحف الفاشلة المتكررة على "ميدي" بالتحديد من الجيش السوداني، تمّ دفن المقاتلين اليمنيين في الصحراء بعد أن بدأت جثثهم بالتحلّل دون أن تبدي السعودية أو السودان أي اهتمام بحالهم ما كان من البشير إلا أن قام بزيارة متلفزة إلى البقيع في المدينة المنورة، زاعمًا بأن قتلى جنوده دفنوا في هذا المكان المقدس بجوار النبي وآله الطاهرين، ظنًا منه بأن العاطفة التي تحكم الشعب السوداني كغيره من الشعوب العربية ستنطلي على أسرهم لجهة ضمانة عدم المطالبة بجثثهم ومعرفة مصير أبنائهم المحتوم الذين قتلوا في معركة ليست معركتهم، ومقابل المال ونزوات الحاكم الظالم.

وللمخدوعين في البشير تابعوا مقاطع الفيديو على يوتيوب ستجدون  بعض جثث قتلى الجيش السوداني ملقاة في العراء وهي تتحلّل.. وكأنها جثث مشردين لا أهل لهم ولا وطن ولا حتى كرامة وأنى لهم ذلك.

والسؤال الذي يفرض نفسه، هو كيف للنظام السعودي الذي لا يأبه بجثث جنوده وضباطه أن يهتم بالجيش السوداني الذي مثّل النموذج الأرخص مع الأسف الشديد بقبوله أن يكون رأس حربة ضد الشعب اليمني المسلم والمسالم؟

 

(إسماعيل المحاقري - العهد)

آخر الأخبار