عامان من العدوان: الاقتصاد مستهدف والخسائر فادحة

(خاص راصد اليمن - طالب الحسني)
 

بالحد الادنى، كانت اليمن تعيش حالة متوسطة اقتصادياً على المستوى الفردي، لكنها لم تكن قادرة على مواجهة اي ازمة اقتصادية حتى ولو كانت طارئة لاكثر من نصف عام، من هذه الجزئية سيتضح حجم الأضرار التي سببها العدوان طوال عامين من عدوانه الشامل على البلاد.

نسبة البطالة في اليمن كانت تتراوح بين بين 20% - 25%  فيما يعيش 40-50 % من السكان من ذوي الدخل المحدود تحت خط الفقر، هذه النسب كانت مُسجّلة حتى العام 2010- 2011 عندما كانت تعيش اليمن حالة طبيعية، بمؤسسات الدولة القائمة ولو شبه الهشة، لكن مع وجود على  الاقل حركة تجارية واقتصادية وزراعية متوازنة.

هذا المستوى المحدود من الاقتصاد الوطني  في الظروف الطبيعية لم يعد موجودا من الليلة التي اطلق العدوان السعودي الامريكي اول غاراته على  العاصمة صنعاء ليلة السابع والعشرين من مارس 2015 وما بعدها.

 التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة المالية اليمنية   حتى نهاية 2016  تؤكد ان استمرار العدوان والحصار تسبب في انخفاض الناتج المحلي إلى  34.8 %   بينما وصلت نسبة السكان  الذين يعيشون تحت خط الفقر من نحو 62% عام 2014  إلى ما يقارب 85% عام 2016، وارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 52%  بينما خسر القطاع الخاص قرابة 400 مليار ريال.

هذه النسب كانت نتيجة تدمير العديد من الوحدات الانتاجية الأساسية والكبيرة وتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية في قطاع البناء والتشييد والمناجم والصناعة والزراعة وغيرها، بالإضافة إلى تخفيض العديد من الوحدات الاقتصادية إنتاجها وخروج جزء كبير من السكان والوحدات الانتاجية من التكليف الضريبي، ما أدى إلى انخفاض مجمل الوعاء الإيرادي بنسبة لا تقل عن 40% مقارنة بعام 2014.

التقارير الرسمية التي تطرّقت إلى خسائر الدولة  وصلت إلى ارقام مهولة في كل شي تقريبا، فبلغت نسبة التدمير التي طالت أغلب مؤسسات الدولة 90-100%، وخرجت  كل الموانئ اليمنية عن الخدمة باستثناء ميناء الحديدة الذي لا يزال يتعرض هو الاخر لتهديد،  أي ميناء واحد لازال يعمل من اصل ستة موانئ ( ميناء عدن، ميناء الحديدة، ميناء المكلا، ميناء المخاء، ميناء الصليف، وميناء نشطون).

حقول النفط كلها باتت خارج سيطرة العاصمة صنعاء، وهذا يعني مقارنة بالاعوام السابقة أن 70% من الايرادات التي تمول ميزانية الدولة لم تعد موجودة خلال العامين التي تعيش فيها البلاد حربا كونية، وحين تم رصد ميزانية لعام 2016 كانت هذه الميزانية تعتمد على ما بقي من خزينة الدولة في البنك المركزي اليمني وبعض ما يصل إلى هذه الخزينة من الضرائب وبعض الايرادات المحدودة، لكن حتى هذا الجانب المحدود تم استهدافه من خلال قرار نقل البنك المركزي وتعطيله وتواطئ البنك الدولي، رغم تحذيراته السابقة وتمنعه من الاستجابة لقرارات هادي. هذا الاجراء تسبب في انقطاع رواتب مليون ومئتين موظف في القطاعات الحكومية.

التحذيرات الدولية من حدوث مجاعة خلال الاشهر الثلاثة القادمة إذا لم يكن هناك تلافي للوضع الانساني في اليمن، ربما تكون دقيقة جدا، وخاصة مع استمرار تشديد الحصار واستهداف ومحاولة الوصول إلى تعطيل ميناء الحديدة، الشريان الوحيد الذي لا يزال يخفف نوعاً ما من الوصول إلى انهيار تام للوضع الانساني في اليمن، ومع هذه التخوفات  والتحذيرات الكثيرة من الامم المتحدة والمجتمع الدولي وعشرات المنظمات الانسانية، إلا أنه ليس هناك اجراءات حقيقية حتى الان لتلافي هذا الانحدار.

 

 

آخر الأخبار