إسرائيل وباب المندب: المضيق سيقع بأيدينا (4/4)

قبيل حرب أكتوبر (1973م) كثّفت إسرائيل من تواجدها العسكري في باب المندب وسط صمت عربي ودعم أمريكي إثيوبي واضحين. 
وفي الوقت الذي كانت فيه تل أبيب تعيش حالة انتصار 1967م وتحتل شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية والجولان، كانت في المقابل الدول العربية، وعلى رأسها مصر وسوريا، تعد العدة للثأر واستعادة الأراضي المحتلة. 
وتؤكد أحداث ما قبل الحرب أن الكيان الصهيوني بدأ يصعد من خطابه تجاه الدول العربية فيما يتعلق بباب المندب، لاسيما بعد التحركات العربية (وأغلبها ذات طابع دبلوماسي) لمواجهة التواجد العسكري الإسرائيلي جنوب البحر الأحمر، إذ بدأت القاهرة وعواصم عربية بعقد مؤتمرات للبحر الأحمر والتحرك بالتوازي في الأمم المتحدة بهدف إدانة التحرك الإسرائيلي وتهديد حركة الملاحة.
تهديدات القادة الإسرائيليين
وإزاء هذه التحركات لم يتمالك القادة الصهاينة أنفسهم، فسرعان ما أدلوا بتصريحات نارية بدأت بتصريح أطلقه وزير الخارجية الإسرائيلية وقتها، آبا آيبان، الذي قال إن "أمن إسرائيل محدد ببقاء مخرجها الأمني الحر إلى البحر الأحمر وبأنها ستدافع عنه بأي ثمن". 
وإذا عدنا إلى ذلك الوقت، سنجد أن قناة السويس كانت مغلقة منذ حزيران 67م ولم يعد أمام الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالواردات والصادرات سوى ميناء إيلات المرتبط بباب المندب، ناهيك عن توسع التجارة الإسرائيلية مع بلدان شرق أفريقيا وتصدير الإسمنت والسلاح وغيره، واستيراد النفط وما تحتاجة دولة الكيان من شرق آسيا ومن إيران (أيام نظام الشاه) فكان البحر الأحمر يعد شريان حياة بالنسبة لتل أبيب. 
وقد أعقب تصريحات آيبان تصعيداً حاد اللهجة من قبل وزير المواصلات في الحكومة الإسرائيلية آنذاك، شيمون بيريز، حيث قال في مارس/ آذار 1973م، أي قبل الحرب بـ 5أشهر، إنه "لو تعرضت المواصلات البحرية الإسرائيلية لأي خطر فإن الرد سيكون بأقصى عنف". 
قائد سلاح البحرية الإسرائيلية: باب المندب سيقع بأيدينا 
لم يكن النظام الرسمي العربي قد اتخذ قرار الحرب بعد، إلا أن الكيان الصهيوني ما انفكّ يُصعّد من خطابه وتهديداته، فها هو قائد سلاح البحرية، بنيامين تيلم، يتحدث عن منطقة باب المندب والبحر الأحمر عموماً بالقول إن "سيطرة مصر على قناة السويس لا يضع بين يدها سوى مفتاح واحد فقط في البحر الأحمر، أما المفتاح الثاني والأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية فمن المحتمل أن يقع بين أيدينا". 
ومن خلال تفكيك مضامين هذا التصريح نجد أن المقصود بالمفتاح الثاني للبحر الأحمر والأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل هو باب المندب. 
وأشار بنيامين في يوم السلاح البحري (عيد البحرية الإسرائيلية) إلى أن سلاح البحرية الإسرائيلية يقف على أهبة الإستعداد منذ وقت، وأنه استعد لذلك عن طريق تعزيز قوته وبناء قاعدة واسعة في البحر الأحمر. 
ويضيف بالقول: إننا اتخذنا في هذه المنطقة (ويقصد البحر الأحمر) استعدادات جيدة ونحن على استعداد لمواجهة الإحتمالات المختلفة ومن ضمنها إغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة الإسرائيلية. 
القوة الإسرائيلية جنوب البحر الأحمر عام 1973م 
تشير الكثير من المصادر إلى تعزيز إسرائيل لقواتها البحرية بشكل عام، والقوات البحرية الموجودة في البحر الأحمر بشكل خاص، مستفيدةً من الدعم الأمريكي المعلن ومن الخبرات الغربية المتواجدة ضمن القوات الإسرائيلية في القواعد العسكرية بالجزر الواقعة في الجهة الغربية للبحر الأحمر. 
وكثفت القوات البحرية الإسرائيلية من دورياتها في البحر الأحمر من إيلات شمالاً وحتى باب المندب جنوباً، وذلك بالزوارق الحديثة والمزودة بأسلحة نوعية. 
وقد تشكلت القوة الإسرائيلية جنوب البحر الأحمر عام 1973م من: 
1- ستة زوارق هجومية فرنسية الصنع من نوع "شاوبورج" تحمل صواريخ بحر بحر من نوع "جبريائيل" مزودة بمدافع ذات تلقين أوتوماتيكي بقطر 76 ملم، بالإضافة إلى تركيب مدافع خفيفة بقطر 40 ملم. 
2- ستة زوارق صناعة إسرائيلية نوع ريشيف وكيشت مزودة بصواريخ بحر بحر.
3- زوارق من نوع دبور السريعة عدد 10.
4- مجموعة زوارق الإنزال المزودة بأجهزة خاصة والقادرة على الإبحار لمسافات كبيرة.
5- قوارب متفجرة سريعة موجهة باللاسلكي تعرف باسم "سمكة النار" صناعة أمريكية. 
6- سفينتان حربيتان من حاملات الطائرات صناعة أمريكية.
7- غواصتان صناعة بريطانية مزودة بصواريخ بحر بحر من نوع "بتاوس". 
8- زوارق نوع "رشاف" مزودة بصواريخ بعيدة المدى.

 

(عبدالله عامر/العربي)

آخر الأخبار