الحرب على اليمن: أخطاء وخطايا وخيبات

فعلت السعودية ما عليها وقامت بـ"الواجب وأكثر" عندما أعلنت قيادتها العسكرية (بدون خجل) أن كل ما ادّعته المنظمات الانسانية الدولية (وبعضها لا يخفي ممالأته الرياض بسبب الحسابات المالية لا بسبب سواد أعين المسؤولين السعوديين) من وقوع انتهاكات في اليمن من قبل "قوات التحالف" إنما كانت "متوافقة مع أحكام القانون الدولي الإنساني".. بل إنها تبجّحت دون خوف من ملامة أن "ما تم التعامل معه يُعد أهدافا عسكرية مشروعة تحققُ ميزة عسكرية"، وتالياً، فإن كل ما قيل عن قصف سجن ومبنى مقابل له في محافظة حجة في 12 مايو/ أيار 2015 او ضرب مستشفى في مدينة حرض قرب الحدود السعودية في السابع من يوليو/ تموز 2015 ومخيم للنازحين في 30 مارس/ آذار 2015 لا يتنافى مع كونها أهدافاً مشروعة، ولا حاجة للاعتذار.

لكن المسؤولين السعوديين يعرفون أنه لا يصحّ ان يطلع التحقيق الذي طالما وعدوا بإجرائه كبديل عن لجنة تحقيق دولية، بدون "جائزة ترضية"، فأقروا بوقوع "خطأ تقني في الطائرة" (ليس أكثر يا جماعة!) أودى بحياة سبعة أشخاص خلال غارة على سوق في مدينة صعدة شمال اليمن في الثاني من مايو/ أيار 2015، واعدين بغسل هذا "الخطأ" بأموال النفط تعويضاً للضحايا الذين يصدف انهم لن يتمتعوا بهذه الهدية الملكية في قبورهم.

لا تكترث حكومة الرياض بكل ما يُقال عن عدوانها المستمر على اليمن منذ قرابة عامين، القدرات المالية توفر ميزة تفاضلية للسعودية تُسخَّر لشراء ذمم الحكومات الأجنبية والعربية والشركات على اختلافها ومنظمات دولية، وصولاً الى شراء المرتزقة من بلدان مختلفة ليقاتلوا بعناوين طائفية او عُروبية جاهلية لا فرق.

هل تبدو حرب اليمن ضرورة سعودية، وهل صار المجتمع الدولي عاجزاً عن اتخاذ خطوة حاسمة لوقفها، بعدما صار ثلث الشعب اليمني مهدداً بالمجاعة والفاقة الشديدة؟

الأمر المحسوم ان القيادة السعودية رهنت مستقبلها بنتيجة الحرب، وهذا رهان يضعها أمام تحدٍ قد لا تتمكن من الفوز فيه، بسبب طبيعة اليمن وقدرة أبنائه على تحمل شظف العيش من اجل الفوز بكرامتهم على الاقل.

وبالتالي، فإن الأخطاء السعودية القاتلة تتكرر، ومعها تتعاظم خطيئة التواطؤ الدولي الذي يبرر ضعفه بأنه يتحسب لخسارة التمويل السعودي في حال رفع الصوت ضد الحرب الجائرة على شعب اليمن، تماماً كما فعل بان كي مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة حين لحس حبر تقريره وتراجع عن لوم السعودية على انتهاكاتها في اليمن، معللاً موقفه بأن لا غنى عن التمويل السعودي لمنظمات الأمم المتحدة.

وهكذا، تصبح المعادلة: ما دام لديك المال يا طويل العمر وتبدي استعداداً لإنفاقه بسخاء، يمكنك ان تفعل ما تشاء بغير حساب. هذه المعادلة لن تطول، وثمة ما يؤكد أن حرب اليمن أصبحت عبئاً ثقيلاً على الجيش السعودي والمالية السعودية، وكما خابت توقعات الرياض بالقضاء على قدرات القوات اليمنية في الضربات الجوية الأولى فجر 26 مارس/ آذار 2015، وخابت لاحقاً في الوصول الى صنعاء لحصارها، فإنها ستواجه مصاعب جمّة في محاولاتها اليائسة لتحقيق انتصار واضح في اليمن.

 

(علي عبادي/موقع العهد)

آخر الأخبار