حكومة «إنقاذ وطني» في صنعاء: ترتيبٌ للصف الداخلي

في توقيت تهيمن عليه التحركات الدبلوماسية لاستئناف المسار السياسي، أبصرت «حكومة صنعاء» النور أخيراً، مع إعلان الحليفين اليمنيين، «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» تشكيلتها، «لترتيب الصف الداخلي وللاستمرار في مواجهة العدوان»

أعلنت حركة «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» من صنعاء، مساء أمس، تشكيلة حكومة جديدة، كان الحليفان قد أكدا قبل أشهر اعتزام تشكيلها، إلا أنها لم تبصر النور إلا الآن، في إجراء قد ينعكس ضغطاً على المساعي الدبلوماسية الجارية حالياً إلى استئناف المفاوضات.

 

وفي خطوةٍ طال انتظارها في صنعاء والمحافظات التي يسيطر عليها «أنصار الله» و«المؤتمر»، أقرّ المجلس السياسي الأعلى تشكيل حكومة «إنقاذ وطني» برئاسة عبد العزيز بن حبتور من حزب «المؤتمر» الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وأكد الاجتماع الذي ترأسه رئيس المجلس الأعلى صالح الصماد، أن مهمة الحكومة التي جاء تشكيلها في ظروف صعبة يأتي في الأساس لمواجهة العدوان اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً. وتضمنت الحكومة المؤلفة من 42 وزيراً ووزيرة، شخصيات من حزب «المؤتمر» ومن «أنصار الله» إلى جانب شخصيات متحالفة معهما. وتسلم «المؤتمر»، فضلاً عن رئاسة الحكومة، وزارتي الداخلية والخارجية، أما «أنصار الله» فتسلمت حقيبتي الدفاع والمالية.

 


 

وفي تعليق على إعلان الحكومة، قال عضو المجلس السياسي في حركة «أنصار الله» ضيف الله الشامي، إن هذه الخطوة كانت استحقاقاً ضرورياً، وقد تأخر جداً لإعطاء الأمم المتحدة فرصة للحل السياسي وتشكيل سلطة لكنها ماطلت وأعطت العدوان فرصاً ليمارس القتل والتدمير. وتابع الشامي في حديثٍ إلى «الأخبار» (علي جاحز)، أنّ تشكيل الحكومة في مرحلة دقيقة وأوضاع اقتصادية صعبة كهذه، «يُعد مَغْرَماً وليس مغنماً»، وهو ترتيب للصف الداخلي فقط. وعن اعتراف الخارج بهذه الحكومة، قال الشامي: «لا نعول على اعتراف الخارج، بل فقط من وقف مع الشعب اليمني من الأطراف الخارجية»، مضيفاً أن تشكيل الحكومة قبل موعد انطلاق المشاورات يعبِّر عن عدم ثقة في نجاحها بسبب التجارب السابقة، «فالمجتمع الدولي ليس جاداً». وعن الشخصيات المشكلة للحكومة، قال: «حاولنا في التشكيلة أن نمثل جميع الأطراف الوطنية، وجئنا بوجوه جديدة ونظيفة وتمثل الشعب».

في هذا الوقت، لا تزال الاتصالات واللقاءات الرامية إلى إعادة تفعيل المسار السياسي جارية، ولا سيما بين مبعوث الأمم المتحدة وفريق الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي. وفيما من المقرر أن يزور ولد الشيخ هادي وحكومته في عدن، حيث وصل الرئيس المستقيل قبل يومين في «زيارة» تستمر عشرة أيام قبل عودته إلى مقرّ إقامته في الرياض، قال نائب وزير حقوق الإنسان في حكومته، محمد عسكر، إن الحكومة ستسلم المسؤول الدولي اعتراضات على خطته الأخيرة للسلام، تتمحور حول رفض نقل صلاحيات هادي إلى نائب رئيس جديد يُسمّى بتوافق الأطراف، وأيضاً مدة بقاء الرئيس الحالي في الحكم لمدة عام، كذلك تمسك بطلب انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» من جميع المدن وتسليم السلاح إلى الدولة، وهو ما تضمنته خطة ولد الشيخ الأخيرة التي تسلمها طرفا الصراع.

وفيما تضع التطورات السياسية الأخيرة استئناف المفاوضات على المحكّ، جاءت أخيراً تصريحات إيرانية حول الملف اليمني اتسمت بنبرةٍ تصعيدية، حين قال رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، محمد حسين باقري، إن إيران قد تسعى لإنشاء قواعد بحرية في اليمن. لكنّ الردّ اليمني أتى سريعاً على تصريحات باقري، وبأسلوب هو الأول في مستواه للحركة اليمنية تجاه طهران، إذ قال صالح الصماد إن «اليمنيين سيواجهون بعنفوان كل من يحاول انتهاك سيادة اليمن تحت شعارات الدفاع عنه».
 
وأضاف الصماد في حديثٍ إلى وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ»، أن «اليمنيين سيدفنون كل من انتهك سيادتهم، مهما كانت المبررات عاجلاً أو آجلاً وسيأتي اليوم الذي تتحرر فيه كل ذرة من جغرافيا اليمن من آل سعود وحلفائهم وأربابهم الأميركيين».

وقال الصماد إنه «لا منة لأي طرف على الشعب اليمني، فالصديق خذلنا قبل العدو واستغل قضيتنا لمصالحه الخاصة قبل أن يتحرك بإنسانيته». واختتم تصريحه، قائلاً: «مهما كان حجم التآمر والعدوان، فإن ذلك لا يعني أن تراب اليمن ومياهه الإقليمية أصبحت مستباحة لمن هب ودب ليتباهى أي طرف صديق أو عدو، متواطئ أو محايد، قوي أو ضعيف». على الصعيد نفسه، استنكر القيادي في جماعة أنصار الله وعضو الوفد المفاوض، مهدي المشّاط، التصريحات التي أطلقها رئيس هيئة الأركان الإيراني. وقال المشّاط، عبر موقع «فايسبوك»، إن على المسؤول الإيراني، أن «يعيد قراءة تاريخ اليمن». وأكد المشاط «أنه لو عرف باقري أن اليمن عبر التاريخ مقبرة الغزاة ما نبس ببنت شفة». ميدانياً، شهدت الجبهات الحدودية تصعيداً في اليومين الماضيين، حيث استهدفت القوات اليمنية بـ 12 صاروخاً مقر لشركة «بن لادن»، للمقاولات في منطقة نجران.

(الأخبار)

آخر الأخبار