عوامل النصر في اليمن: الصبر والمقاومة والوحدة

في مقولة استراتيجيّة معروفة عن علاقة السياسة بالحرب، تعتبر أن الحرب ممارسة للسياسة في أساليب أخرى. وينقل عن الرئيس الفرنسي شارل ديغول أنه قال: يحتاج سيف الإسكندر إلى عقل أرسطو، أسوق هذين القولين، للنظر في النتائج السياسية لحرب آل سعود العدوانيّة على اليمن؟ في الإجابة على الإشكالية التالية بعد شهرين ونيّف من عاصفة الحزم ما الذي حققه آل سعود في اليمن من أهداف سياسيّة، وما سيخرج به مؤتمر جنيف، هل يمثّل صورة سياسية لتوازن الواقع العسكري في الميدان.

وهل يوجد في العالم المعاصر، جيش مدجج بأحدث أنواع السلاح، يقصف مدناً وقرى ودور عبادة، ومؤسسات اجتماعية واقتصادية، وبنى تحتية من مياه وكهرباء وصناعة وأسواق، وجسورا ومباني حكومية ومراكز دينية، وتراثية ضاربة في العمق ويقابله شعب صامد صابر محتسب مؤمن بعدالة قضيته، وقدرته على ردّ العدوان، وقواته تكمل واجبها في تحرير محافظات اليمن من سيطرة التكفيريين الإرهابيين، وتواجه، في حرب الأنصار من القبائل والعشائر، قوات سعودية متهالكة على الحدود بين البلدين، وكل ذلك في ظل يقظة للضمير الإنساني، عند كل شعوب العالم، للقول كفى عبثاً بمصائر الإنسانية، وكفى إمعاناً في القتل والتدمير المجانين.

هذا الوصف المشحون بالتعاطف والتضامن مع أهل اليمن الشجعان يفسر في لغة موازين القوى أن وقائع الميدان لا تشير إلى متغيرات عسكرية واضحة لصالح العدوان، على العكس إنما تشير إلى مكاسب عديدة، لمقاومة الشعب اليمني لهذا العدوان.

من المعروف، بعدما جربت جيوش الغرب الأميركي – الأوروبي، وجيش العدو الصهيوني، في إدارة الحرب النظيفة والتي تعني ممارسة الخطة الإستراتيجيّة التالية:

- استخدام كامل الطاقة في الحرب الهجومية، بصرف النظر عن أمرين:

1- قوة العدو النارية، ونوعية السلاح الذي بين يديه والذي يستخدمه.

2- تحرير استعمال كامل القوة في الحرب من القيود الأخلاقية يعني لا أخلاق في هذه الحرب.

ومعروف أن استخدام القوة في الحروب يختلف عن امتلاك القوة ويعني ذلك أن جيوشاً عديدة تملك قوة هائلة، لكن يوجد قيود على استخدام هذه القوة، منها ما يتعلق بطبيعة الحرب والقوى المشاركة فيها، والأحلاف العسكرية، وقواعد الاشتباك وأهداف الحرب، وبعدها التزام معايير أخلاقية معينة في الحروب.

- يتعين الهدف في الحرب النظيفة في:

أ‌- إنزال أكبر الخسائر في صفوف العدو.

ب‌- خفض نسبة الخسائر في صفوف الصديق حتى درجة تصغيرها، يعني جعلها صفراً، تقريباً. وهذا ما يستدعي استخدام كامل الطاقة أو القوة في الحرب.

- استخدام سلاح الطيران وللسلاح الصواريخ الذكية الاستراتيجيّة.

- إبقاء القوات البرية خارج المعركة ودخولها حين يلزم بواسطة قوات خاصة حسنة التدريب.

هذه القواعد في الحرب النظيفة لم تمارس منها السعودية سوى القصف الجوي المستمر على كل الأهداف، بما فيها الأهداف التي سبق لهذه القوات وقامت بقصفها.

يقابل استخدام الطيران الحربي والقصف العشوائي، عدم القدرة على استغلال نتائج هذا القصف في تحرك القوات الحليفة على الأرض، وعليه فقد استمرت هزائم كل من:

1) قوات عبد الهادي ربه الرئيس السابق المقيم في الرياض.

2) قوات تنظيم القاعدة وكذلك داعش الإرهابيين.

3) فشل محاولات كسب قوى جديدة إلى ساحة القتال، في تشكيل ما يسمى بالجيش الوطني أو غير ذلك، ترعاه وتموّله السعودية وحلفاؤها...

إن القوات المعتدية، لم تستطع أن تدخل إلى مدينة أو قرية واحدة من محافظات اليمن، وليس عندها القدرة على الدخول البري، ولا الإنزال البحري أو الجوي، إلى درجة أن القوات السعودية غير قادرة على حماية الحدود، من هجمات المقاومة اليمنية.

مقابل هذه الاستراتيجية العدوانية استراتيجيّة مقابله، يصح إطلاق تسمية "الصبر الإستراتيجي والمقاومة المقتدرة، الوحدة الوطنية، والقدرة على تقديم وتحمّل مزيد من التضحيات، وعليه فإن الصمود والصبر الاستراتيجي حقق نتائج مذهلة على الصعيد العسكري، يستحق أن يكون موضع درس من قبل الخبراء العسكريين الإستراتيجيين، أما النتائج السياسية، فإنه للبحث صلة.

 (د.طراد حمادة/موقع العهد)

آخر الأخبار