هل يجدّد للسعودية في «مجلس حقوق الإنسان»؟

تحدّياتٌ كثيرة تقف اليوم في وجه السعوديّة. من جهة، هي مسؤولةٌ، باعتراف الأمم المتّحدة، عن مقتل آلاف المدنيين في حربها ضدّ اليمن، وبالتالي تتزايد عليها المساءلات الدوليّة، خصوصاً أنّها اليوم مع موعدٍ لتجديد عضويّتها لمدّة ثلاث سنوات في «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة. ومن جهة ثانية، تواجه قانون «جاستا» الأميركيّ. ومن جهةٍ ثالثة تعترضها الأزمات الاقتصاديّة والماليّة الداخليّة، التي تضعها أمام امتحانٍ صعب يُحدّد توجّهاتها في السنوات المقبلة.

أحدثُ مساءلات السعوديّة جاءت من بريطانيا التي طالبت فيها المعارضة، برئاسة «حزب العمّال»، الحكومة بوقف تسليح المملكة حتّى إجراء تحقيق بقيادة الأمم المتّحدة حول ما إذا كان «التحالف العربي» يخرق القانون الدّولي الإنساني في اليمن.

وبعد رفض رئيسة الوزراء البريطانيّة تيريزا ماي أمس الأوّل، ردّاً على رئيس «حزب العمّال» جيريمي كوربن، القول ما إذا كانت ستتخلّى عن دعم تجديد عضويّة السّعودية داخل «مجلس حقوق الإنسان»، خرج وزير الخارجيّة البريطاني بوريس جونسون، أمس، ليقول إنّ «دولاً أخرى ستكون مسرورة بتسليح السعوديّة» إذا أوقفت بريطانيا ذلك.

ورأى جونسون أنّ وقف المبيعات قد ينهي نفوذ بريطانيا الديبلوماسي في الصّراع بـ «جرّة قلم».

وتعرّضت الحكومة البريطانيّة في الأشهر الأخيرة إلى انتقاداتٍ كثيرة بسبب تقارير تفيد بأنّ السعوديّة تستخدم أسلحة بريطانية في حربها ضدّ اليمن. ودعا كلٌّ من «حزب العمال» و «الحزب الوطني الاسكتلندي» إلى إجراء تحقيقٍ مستقلّ تقوده الأمم المتّحدة وتعليق بيع الأسلحة خلال التحقيق.

وأوضحت وزيرة الخارجيّة في حكومة الظلّ إميلي ثورنباري أنّ المعارضة طلبت من الوزراء وقف الدّعم لـ «التحالف» حتى يتمّ تحديد ما إذا كان مسؤولاً عن خرق القانون الدّولي. وأشارت إلى أنّ مركزاً للقيادة، ومكانه الرياض، أدار خططاً بناءً على معلومات استخباريّة قويّة تحت إشراف خبراء بريطانيّين وأميركيّين، موضحةً أنّ «مركزاً آخر في جنوب السّعودية، نفّذ عملياتٍ ارتكزت في كثيرٍ من الأحيان على أدلّة ناقصة، وبناءً على ما يُسمّى بالأضرار الجانبية، وغالباً، بوجود عدد من الضّحايا المدنيّين».

وقالت «عندما نقول شيئاً عن روسيا وحلب، ولا نقول عن الرّياض واليمن، فإنّ ما يسمعه العالم هو النفاق والمعايير المزدوجة».
وعن موضوع الأسلحة، رأى جونسون أنّ على السعوديّة إجراء تحقيقاتها الخاصّة أوّلاً، معتبراً أنّ «الحكومة السعوديّة تعاملت مع المسألة بكثيرٍ من الجدّية».

واليوم، يتمّ تحديد ما إذا كان سيجري التجديد لعضوية السعودية في «مجلس حقوق الإنسان». وكانت السعودية تعرّضت لمطالباتٍ بتعليق عضويّتها بسبب انتهاكاتها الكبيرة في اليمن، على رأسهما منظّمتا «العفو الدولية» و «هيومن رايتس ووتش»، اللتان علّلتا سابقاً أسباب دعوتهما بأنّ «السعودية راكمت سجلاً مروّعاً لانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن خلال فترة عضويّتها في المجلس».

أميركيّاً، تتزايد الأصوات المحذّرة من مضاعفات قانون «جاستا» على علاقات واشنطن مع الرّياض. جاء ذلك أمس على لسان وزير الخزانة الأميركي جاك ليو الذي حذّر من مضاعفات القانون، الذي يتيح لعائلات ضحايا أحداث 11 أيلول مقاضاة السعودية، على مصالح بلاده مع دول الخليج.

واعتبر ليو، خلال اجتماعٍ مع نظرائه من دول «مجلس التعاون الخليجي» في الرياض، أنّ القانون «سيدخل تغييراتٍ واسعةً في القانون الدوليّ القائم منذ زمنٍ بخصوص الحصانة السياديّة، وفي حال تطبيق ذلك على نطاق عالمي، ستكون له مضاعفات على مصالحنا المشتركة».

وأكد، في بيان، أنّ إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي وضع بدايةً فيتو على القانون قبل أن يتجاوزه تصويتٌ جديدٌ للكونغرس، «أظهرت عزمها محاسبة من يرتكبون أفعالاً مروّعة»، مضيفاً إلا أنّ «ثمّة وسائل للقيام بذلك من دون التقليل من شأن مبادئ قانونية دولية مهمّة».

وبموجب «جاستا»، أصبح من الممكن جدّاً أن يمثُل الملك السّعودي أمام القضاء الأميركي، ذلك أنّه يسمح بالملاحقات القضائيّة التي لا تضع «فيتو» على أحد.

وقال البروفسور في جامعة «برنستون» برنار هيكل «إنّ الملك السعودي نفسه قد يُدعى للمثول أمام محكمة في نيويورك ليستجوبه نائبٌ عام»، موضحاً أنّه «في حال عدم مثوله قد يصدر حكمٌ ضدّ المملكة».

ترحيبٌ دولي بـ «خطوات» المملكة الاقتصاديّة
وفي سياقٍ منفصل، نوّه وزير الخزانة الأميركي خلال لقائه نظراءه الخليجيّين في الرّياض، بـ «مبادرات إصلاح طموحة» قامت بها دول خليجية، لا سيّما منها «رؤية السّعودية 2030» للإصلاح وتنويع مصادر الدّخل.

كما التقى ليو ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان، الذي يرأس «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية» الذي وضع هذه الخطة.

وفي هذا السّياق، طالبت مديرة «صندوق النقد الدّولي» كريستين لاغارد من السعوديّة «مواصلة كبح الإنفاق والبحث عن مزيدٍ من السّبل لزيادة الإيرادات التي لا تعتمد على النّفط»، مرحبة في مؤتمرٍ صحافيّ من الرياض، بالخطوات التي اتخذتها السعوديّة للحدّ من اعتمادها على النفط وزيادة فرص التوظيف الجديدة.

(«السّفير»، «الإندبندنت»، «الغارديان»، «فرانس 24»، أ ف ب)

آخر الأخبار