اليمن: مفاوضات سريّة تثمر هدنةً هشة

يوم المفاوضات الطويل بين اليمنيين في سويسرا لم يخرج بأيّ بيان. تريد الأمم المتحدة التي ترعى هذه المحادثات، إبقاءها سريّة، حتى أنَّ مكان انعقادها لم يعلن عنه رسميّاً، إلَّا أنَّ التسريبات تشير إلى ماكولان السويسرية حيث لا حضور إعلامياً، ولا بيانات تخرج عن المتحاورين الذين بدأوا، يوم أمس، جولة محادثات حذرة يُتوقّع أن تفضي إلى وقف الحرب وبلورة حلّ ينهي الأزمة السياسية، تزامناً مع هدنة هشّة شهدت بعض الخروقات في يومها الأول.
وخلافاً للجولة السابقة التي انعقدت في جنيف في حزيران الماضي، افتتحت الجولة الحالية بالموافقة على جدول الأعمال ولقاء كبار المبعوثين وجهاً لوجه. ويدير المبعوث الدولي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد هذه الجلسات المنعقدة بحضور 24 ممثلاً ومستشاراً يمنياً، فيما يعمل خبراء من الأمم المتحدة مع الوفود الحاضرة لتقديم الدعم بغية بلورة اتّفاقات لتحسين الوضع الإنساني وتوصيل المساعدات، بالإضافة إلى المساهمة في تفعيل وقف إطلاق نار دائم وشامل.
وقبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ ظهر أمس، شنَّت مقاتلات «التحالف» غارات على قرية بني الحداد في حرض التابعة لمحافظة حجة الشمالية، أدَّت إلى مقتل 13 شخصاً وجرح 20 آخرين.

كما خرقت الطائرات الهدنة بعد شنّها سلسلة من الغارات على مديرية صرواح في مأرب، وفق مصدر محلي أكد لـ «سبأ» أنَّ «الطيران المعادي شنّ خمس غارات على مناطق كوفل والمشجح في صرواح».
وفي جنيف، أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة انطلاق محادثات السلام بين الأطراف اليمنيين تحت إشراف المنظمة الدولية، مضيفاً: «أؤكّد أنَّ المحادثات حول اليمن بدأت في سويسرا، مشاورات برئاسة الأمم المتحدة، تهدف إلى إرساء وقف إطلاق نار دائم»، فيما أكَّد المبعوث الدولي الخاص بدء «وقف الأعمال القتالية»، معتبراً أنَّها «خطوة أولى أساسيّة لإحلال السلام في البلاد» تمهيداً لإقرار «سلام دائم». وحضّ الأطراف على «الالتزام بهذه المبادرة والعمل على وضع حدٍّ نهائيّ ودائم للنزاع».

كذلك دعا الوسيط الموريتاني «كل الوفود إلى التقيّد الكامل بوقف إطلاق النار الذي يجب أن يكرّس إنهاء أعمال العنف في اليمن»، مضيفاً أنَّ «إقرار السلام ضرورة أساسية لإعادة إعمار اليمن والتعامل مع تداعيات الحرب والعودة إلى الحياة الطبيعية في كامل المحافظات وإعادة تشغيل العجلة الاقتصادية».
واعتبر ولد الشيخ أنَّ «المباحثات الحالية هي الأمل الوحيد لضحايا الحرب في اليمن»، مشيراً إلى أنَّ وضع البلاد الحالي «لن يعود بالخير على أحد». وحذَّر من استمرار «الكارثة» والانعكاسات التي تترتّب على ذلك في حال فشل المباحثات، قائلاً إنَّ «رفض أحد الاطراف للحلّ، سيزيد من أزمته وعزلته داخل البلاد».
وفيما شدَّد مصدر في الرئاسة اليمنية على أنَّ «الالتزام بوقف إطلاق النار من جانب الدولة مرتبط بالتزام الميليشيات الانقلابية»، رحَّب المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد غالب لقمان بدعوة الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى وقف إطلاق النار، معرباً عن أمله في أن «تلتزم أطراف العدوان بوقف الأعمال القتالية». ولفت إلى أنَّ «مثل هذه المبادرات لن تنجح إذا لم تتوفّر الجدية الحقيقية لوقف الحرب بشكل شامل والبدء في استئناف الحوار السياسي».
ومن قطر، دعا رئيس الحكومة اليمنية المستقيلة خالد بحاح، حركة «أنصار الله» إلى إلقاء أسلحتهم، وقال إنَّ «الهدف من المحادثات هو استعادة الدولة التي استولى عليها الحوثيون»، مضيفاً أنَّ خيار «استخدام القوة لتحقيق هذا لا يزال مطروحاً».
ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن بحاح قوله إنَّه «برغم التفاؤل، إلَّا أنَّ المحادثات لن تكون سهلة بحسب تجربتنا مع الميليشيات الحوثية.. نسعى بقدر ما نستطيع للوصول إلى حلول سلمية، ولكن ستظل العصا موجودة لتحقيق ما لم يتم تحقيقه في المحادثات».
وفي خطوة يبدو توقيتها مريباً، عيّنت السعودية المقدّم فاضل عبيد التومي الشمري قائداً للقوات الخاصة السعودية في عدن، خلفاً للعقيد عبد الله السهيان الذي قتل في عملية باب المندب، أمس الأول.
كذلك ذكر التلفزيون السعودي أنَّ قوات «التحالف» سيطرت على جزيرة زقر، وهي جزء من أرخبيل حنيش، الذي يتحكم في الممر البحري الرئيسي على مقربة من مضيق باب المندب. ويقع في الجزيرة أعلى جبل في المنطقة، وهو ما يمنح «التحالف» سيطرة على الممرّ البحري.
إلى ذلك، وضعت منظمة الصحة العالمية خططاً للاستفادة من وقف إطلاق النار لتوزيع مساعدات طبية في أنحاء البلد.
وصرح ممثل المنظمة في اليمن، أحمد شادول، للصحافيين في جنيف، أنَّ الوكالة الدولية تلقّت تطمينات من الأطراف المتحاربة تضمن لموظفي الوكالة حرية الحركة ونقل المساعدات أثناء وقف إطلاق النار. وأضاف «طلبنا حرية الحركة غير المشروطة للإمدادات والموظفين والطواقم في جميع أنحاء البلد، وحصلنا على تأكيد أنه سيتم ضمان ذلك لنا».
وأوضح أنَّ منظمة الصحة أعدَّت «نحو 19 شاحنة سيتم توزيع محتوياتها في أنحاء مختلفة من البلد وربما في 14 موقعاً».
وذكر بيان المنظمة أنَّ الحرب شرَّدت نحو 2.5 مليون شخص داخل اليمن، وأنَّ حوالي «240 ألف مدني يعيشون تحت حالة حصار فعلية» في تعز.
(«السفير»، رويترز، أ ف ب، «الأناضول»)


آخر الأخبار