خاص | الناقلة "صافر" تلخص قضية اليمن

إيهاب شوقي - كاتب عربي مصري | الناقلة النفطية "صافر" تمثل نموذجا مصغرا لقضية اليمن وتلخص كثيرا من مهزلة دولية قوامها الكيل بأكثر من مكيال ومنازعة اصحاب الحقوق حقوقهم، ناهيك عن الزيف وقلب الحقائق واستمراء مؤسسات كبرى على راسها الامم المتحدة لعب دور محامي الشيطان.

مجلس الأمن الدولي يستعد لعقد جلسة خاصة لبحث أزمة خزان صافر النفطي العائم في البحر الأحمر بناء على طلب ما تسمى "وزارة الخارجية" في حكومة هادي غير الشرعية، بدعوى تفادي وقوع كارثة بيئية.

وبالطبع فإن تباكى المتورطين في اسوأ كارثة انسانية وصحية وخيانيية، على البيئة والحياة البحرية، يعد استخفافا بالعقول لا يقل سخفا عن اتخاذ القتل الممنهج والحصار الظالم عنوانا مضللا اسمه "اعادة الشرعية"، كما لا يقل طرافة عن "عاصفة الحزم" المستمرة لاكثر من خمس سنوات دون حزم او حسم، ناهيك عن محصلات كارثية ارتدت على المعتدين واخترقت خطوط امنهم القومي التي لم يكن اي يمني ينوي اختراقها يوما الا دفاعا عن النفس.  

وبالطبع ايضا لا بد لرعاة العدوان وقادته الحقيقيين ان يعبروا عن قلقهم على البحر الاحمر والبيئة، فقد عبر السفيران الامريكي والبريطاني عن القلق، وعزفت جوقة من مسؤولي العدوان على وتر الخطر وتحميل المسؤولية للمقاومة وحكومتها.

المعروف ان"صافر" تعد أحد أهم ناقلات النفط في حقول صافر بمحافظة مأرب باتجاه الحديدة، وهي تشكل خزانا نفطيا يرسو منذ خمس سنوات على بعد نحو 4.8 ميلا بحريا من ميناء رأس عيسى أحد موانئ محافظة الحديدة، وتحمل صافر أكثر من مليون برميل من خام مأرب الخفيف.

وهناك مخاوف من انفجارها وحدوث تسرب نفطي بسبب غياب عمليات الصيانة.

السعودية والتحالف يتحججون بأن "انصار الله" هي من تعرقل الحل لتمسكها بأن تكون العملية تحت إشرافها المباشر، في حين علق المتحدث باسم جماعة "أنصار الله"، محمد عبدالسلام، على تحميل الجماعة المسؤولية في تصريحات صحفية بالقول: "منذ وقت مبكر ونحن ندعو لصيانة ناقلة صافر إلا أن قوى العدوان المدعومة أمريكيا تعمدت بحصارها الظالم وضعَ العراقيل ومنع إجراء أي صيانة".

وأضاف: "وعليه فهي من تتحمل التداعيات كافة لأي تسرب، كما أن واشنطن تلحقها المسؤولية كذلك لتوفيرها الغطاء السياسي والدعم العسكري لاستمرار العدوان والحصار".

ووضع عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي النقاط على الحروف عندما اوضح في تصريحات هامة لموقع العهد الاخباري أن حكومة الانقاذ الوطني قدمت للأمم المتحدة مقترحاتٍ وحلول بشأن الناقلة وقال: "لقد قدمت قيادة ‏الجمهورية اليمنية بصنعاء إلى الأمم المتحدة في الثامن من أبريل/ نيسان الماضي وثيقة الحل الشامل لإنهاء الحرب على الجمهورية اليمنية متضمنة ضمان سلامة ناقلة النفط ‏صافر من خلال:‏

أ- السماح لبعثة فنية بقيادة الأمم المتحدة التوجه إلى الناقلة لتقييم أوضاعها، وإجراء الإصلاحات ‏المبدئية، وتقديم التوصيات الفنية اللازمة، وإجراء الإصلاح والصيانة.‏

ب- الاتفاق على ضوء توصيات الفريق الفني على خطة لاستخراج النفط من الناقلة بطريقة ‏آمنة وبما فيها عودة ضخ النفط إلى الناقلة عبر أنبوب صافر - رأس عيسى."

واوضح الحوثي أن وثيقة الحل الشامل وضعت النقاط على الحروف بشأن ناقلة صافر، قائلا: "فهو حل منصف عبّرنا عن جهوزيتنا لتنفيذه بعد التوقيع مباشرة كأول نقطة نشرع بتنفيذها. لكن دول العدوان التي تتقمص دور المنقذ للتضليل على شراكتها المعلنة رسميًا في قتل شعبنا ومحاصرته ترفض الحل، ولهذا أخلينا ـ غير مرة ـ مسؤوليتنا عن أي تسرب من الخزان، وحمّلنا المسؤولية الكاملة أمريكا والسعودية وتحالفهما بسبب استمرار الحصار وعدم السماح ببيع النفط المخزن في صهريج صافر العائم".

وحقيقة الخلاف ليست على موضوع التقييم للمخاطر من قبل فرق الصيانة، بل على ضمان الاصلاح وكتابة آلية لضخ النفط وتحويل قيمة النفط لحساب خاص بالمرتبات لتصرف بشكل مستمر للعسكريين والمدنيين وفق كشوفات ٢٠١٤م. 

بينما يرضى العدوان بانفجار الناقلة او تسرب النفط هدرا ومعه كارثة بيئية، ولا يرضى بصرف رواتب اليمنيين المعطلة لتعميق الحصار ومحاولة الضغط والاذلال لنيل ما فشل العدوان في نيله عبر القصف وتجنيد المرتزقة والتواطؤ الدولي.

ما تريده المقاومة هو حل شامل، وما يريده العدوان حلول مجتزأة للتغطية على فشله.

حال الناقلة صافر هو حال اليمن الحامل للثروات وجميع عوامل النهضة والتنمية، لكنهما محاصران ولا يتورع العدوان عن تعميق الحصار وتفضيل الانهيار والكارثة عن الاعتراف بالفشل واعطاء الحقوق لاصحابها.

الفارق انه حتى لو انفجرت صافر وحدثت الكارثة البيئية، فان اليمن سيبقى شامخا ولن ينهار ما دام متمسكا بالمقاومة التي تمثل اكبر صيانة ولا تحتاج تقييما واصلاحا، فهي من تصلح اي عوار او عيوب.

 

خاص | راصد اليمن

آخر الأخبار