خاص | اسطورة "سيزيف" السعودية

إيهاب شوقي - كاتب عربي مصري | يعيد سلوك تحالف العدوان على اليمن، ولا سيما السعودية، الى الاذهان اسطورة قديمة شكلت موضوعا شائعا لدى الكتاب والفلاسفة، الا وهي اسطورة "سيزيف".
وبشكل عام، توصف الأنشطة والممارسات عديمة الهدف أو اللامتناهية او العبثية، بأنها سيزيفية، انطلاقا من اسطورة سيزيف، الذي عاقبته الالهة على خداعه، حيث أرغم سيزيف على دحرجة صخرة ضخمة الى الاعلى في تل منحدر، ولكن قبل أن يبلغ قمة التل، تفلت الصخرة دائما منه ويكون عليه أن يبدأ من جديد مرة أخرى.
ووفقا لمؤرخي التراث، فقد كانت العقوبة المثيرة للجنون التي عوقب بها سيزيف جزاء لاعتقاده المتعجرف كبشر بأن ذكاءه يمكن أن يغلب ويفوق ذكاء الاله زيوس ومكره. 
و قد صوره هوميروس ومن تلاه من الكتاب بأنه أمكر وأخبث البشر على وجه الأرض، وأكثرهم لؤما، حيث اشتغل بالتجارة والإبحار، لكنه كان مخادعا وجشعا، وخرق قوانين وأعراف الضيافة بأن قتل المسافرين والضيوف. 
تذكرنا السعودية وتحالفها بهذه الاسطورة، حيث يبدو وان عدوانها قد انقلب عليها وبالا، فلا هي قادرة على الحسم، بفعل المقاومة وصمودها، ولا هي قادرة على ايقاف العدوان، بفعل غرورها وتكبرها وارتهانها للصهاينة والامريكان والذين يشكل العدوان على اليمن اهدافا جيوستراتيجية عميقة لديهم، على عكس ما يتم تصديره من اعادة شرعية مزعومة لدمية بالية!
وفقا للتقارير، تؤكد  بيانات وزارة المالية السعودية أن الدين العام السعودي بلغ 560 مليار ريال سعودي (149.3 مليار دولار) بنهاية 2018، وارتفع في النصف الأول من عام 2019 إلى 628.7 مليار ريال (167.6 مليار دولار)، أي أن الدين العام زاد خلال 6 أشهر فقط بنحو 18 مليار دولار تقريبًا.
وترى التحليلات الرصينة، ان ما يرفع الكلفة الاقتصادية للعدوان، هو تعدد بنود الإنفاق، من استجلاب جنود من دول أخرى مثل السودان وباكستان، والسعي للحصول على دعم وتأييد القبائل والقوى السياسية على الأراضي اليمنية، وهي تكاليف لا يمكن التعرف عليها على وجه الدقة، لأنها لا تدرج في حساب الدول، فضلًا عن ضبابية الوضع المالي لدولتي الإمارات والسعودية.
ووفقا لتقارير البنك الدولي، فإن قاعدة بيانات البنك، تبين أن إنفاق كل من الإمارات والسعودية على الدفاع كنسبة من الناتج المحلي بلغ نسبة 5.6% و8.8% على التوالي لكلا الدولتين.
وقد رصدت التقارير بناء على هذه البيانات انه، وبحسب هذه النسب نجد أنها تصل وفق أرقام الناتج المحلي في البلدين في عام 2018 قد بلغت 414 مليار دولار للإمارات، و782 مليار للسعودية، وبالتالي فقيمة الإنفاق على الدفاع للإمارات بحدود 23 مليار دولار، بواقع نحو 2 مليار دولار شهريًا، وبواقع 64 مليون دولار يوميًا. أما حالة السعودية فتصل قيمة الإنفاق على الدفاع نحو 68.8 مليار دولار في العام، ونحو 5.7 مليار شهريًا، وحوالي 191 مليون دولار يوميًا.
وما نراه من سير للمعارك وتطوير المقاومة للتقنيات وبنك الاهداف، لهو نذير لقوى العدوان بأن القادم اصعب وان خسائر معسكره ستكون افدح، حيث لا تتعلق الخسائر بقيمة ما تستهدفه المقاومة فقط، وانما بتداعيات ذلك على مناخ الاستثمار المتعلق بالهدف من جهة، والمناخ الاقتصادي العام من جهة اخرى.
كما ان الامور لا تقف عند الاقتصاد، وانما تتعلق بالكلفة السياسية، حيث التورط المستمر في جرائم حرب عوضا عن الفشل في تحقيق الانتصارات الميدانية، وهي جرائم لن تسقط بالتقادم، فبالإضافة لانها مسجلة في التاريخ ويمكن استرجاعها للمحاكمة في اية لحظة، فهي محل ابتزاز مستمر ومتجدد، سيستغله الصامتون والمتواطئون لابتزاز السعودية وحلفائها مقابل الصمت والحماية من المحاكمة!!
ان عقاب الصلف والعدوان اشبه بصخرة سيزيف التي يدفعها تحالف العدوان لاعلي ثم تنحدر ليدفعها مجددا في مشهد عبثي يليق بأنظمة رجعية عبثية ادمنت العمالة وفضلت التعاون مع العدو عن التفاهم مع الجيران والاشقاء.

 

خاص | راصد اليمن

آخر الأخبار