الردع الباليستي من جديد: بركان1 وبركان2 وعززنا بثالث

منذ بداية إنطلاق العدوان على اليمن، كانت الصواريخ الباليستية اليمنية هي الهدف الأبرز لعمليات عاصفة الحزم، وهي الشبح المزعج الذي يرعد فرائصها، وتبذل كل ما بوسعها لتدميرها وانهاء خطرها. ومع تقدم مراحل الحرب على اليمن، أصبحت الصواريخ الباليستية التي تسقط على القواعد والمعسكرات ومصافي النفط داخل العمق السعودي كابوساً يؤرق آل سعود، وقد ظهر ذلك جليا في مواقف كل المبعوثين الأممين الذين يضعون شرط إيقاف الصواريخ الباليستية التي يطلقها الجيش اليمني على الأراضي السعودية كأول شرط قبل أي مبادرة أو تسوية سياسية، وهذا يعني أن هذه الصواريخ تصيب أهدافها بدقة عالية محدثة دماراً هائلاً في المعسكرات والقواعد والمنشآت النفطية المستهدفة. إذ لو كانت مزاعم آل سعود باعتراض هذه الصواريخ صحيحة لما كان أمرها يؤرقهم بكل هذا القدر.

البداية الباليستية
في يوم السبت، السادس من شهر يونيو، من العام 2015م، أطلقت القوة الصاروخية اليمنية صاروخ اسكود، مستهدفة قاعدة الملك خالد الجوية في عسير بالقرب من خميس مشيط، وتعتبر هذه القاعدة من أكبر القواعد الجوية داخل المملكة السعودية، وتبعد عن الأراضي اليمنية حوالي مائة كيلومتر، وتعتبر مركز قيادة المنطقة الجنوبية، وتحتوي على خمسة أسراب لطائرات الـ F16 و F15 ويورو كوبتراي اس 532، وطائرات بيل 412، وسارعت يومها ما تسمى بقوات الدفاع الجوي التابعة للجيش السعودي بإعلان اعتراضها للصاروخ، لكن شهود عيان أكدوا سماع صوت انفجار كبير داخل القاعدة الجوية، ونشرت مقاطع فيديو للانفجار، كما أعلن بعدها بأيام وفاة قائد القوات الجوية السعودية بنوبة قلبية، والحقيقة أنه قتل أثناء تواجده في القاعدة وقت وصول الصاروخ، مما يعني أن الصاروخ أصاب هدفه بدقة عالية رغم الإنكار والتعتيم.

هلع سعودي
اكثر ما تخشاه السعودية في ظل عدوانها على اليمن هو تطور القدرات الصاروخية لحركة انصار الله، كونها تؤدي الى خلق حالة من عدم الاستقرار، بما يخلط الكثير من الاوراق، بالتوازي مع الخطط الاقتصادية التي تطمح الرياض من خلالها الى ابراز قوتها الاقتصادية والسياسية وفرض سطوتها على الدول المجاورة، لكن البراكين ظلت متتابعة ومتواصلة إلىججانب منظومات أخرى كـ بدر والقاهر.

ما بعد الرياض
في الثاني والعشرين من تموز 2017م، أعلنت القوة الصاروخية تدشينها لمرحلة ما بعد الرياض باستهدافها مصافي النفط في محافظة ينبع السعودية بصاروخ نوع بركان H-2، ونصح بيان صادر عن القوة الصاروخية اليمنية الشركات الأجنبية العاملة لدى تحالف العدوان أن تحزم حقائبها وتغادر مواقعها، مؤكداً أن جميع مصافي النفط أصبحت هدفا عسكريا، ورأى محللون عسكريون أن استهداف محافظة ينبع خطوة تصعيدية اتخذتها القوة الصاروخية اليمنية ضمن سلسلة الخيارات الإستراتيجية باستهداف ما بعد الرياض، فيما أكد مراقبون أيضًا أنه كان بإمكان القوة الصاروخية للجيش واللجان منذ الأيام الأولى للعدوان استهداف محطات تحلية المياه وضرب المنشآت النفطية وإبادتها، فاستهداف مصافي النفط يمثل سلاحًا فعالًا للضغط لوقف العدوان، لأن النظام السعودي يعتمد بشكل أساسي على الدخل الكبير الذي يُجنيه من النفط ويغطي به نفقة الحرب وبذلك سيجبره على مراجعة حساباته وتوقيف عدوانه.

قلب المعادلات
بعد وصول مدى الصواريخ اليمنية إلى الرياض، وإعلان الشهيد الصماد "العام الباليستي"، وصل العدوان السعودي إلى حائط مسدود، حيث لا يمكنه التقدم أكثر ويستحيل معه تحقيق أيّ انتصار أو إنجاز ميداني مهما كانت الأوراق، التي بطبيعة الحال قد استنفذت وفشلت. فضلا عن عجز السعودية منع القوى الدفاعية اليمنية من تطوير قدراتها الصاروخية رغم الحصار الخانق، وعجزها عن منع هذه القوى من استهداف العمق السعودي أو مراكز الثقل النوعي الاستراتيجي للدولة. وهذا يجعلها تفقد جزءاً من استقرارها الأمني الذي تحرص عليه، بعد أن ظهر العجز الأمريكي عن حمايتها، وتأمين المناعة الدفاعية لها. وخلاصة لذلك، رسمت القوة الصاروخية اليمنية معادلة ردع استراتيجي فاعلة تقيم توازناً بين صنعاء والرياض، الأمر الذي يتسبّب بانهيار إضافي للهيبة السعودية التي تمرّغت يوم سحق اليمنيون الكثير من المراكز العسكرية السعودية على الحدود.

البركان الثالث
اليوم "بركان3" يضع السعودية أمام خيار واحد للخروج من مأزق اليمن، وهو وقف العدوان والبحث عن حلّ سياسي واقعي يُصاغ بالمحاكاة مع الواقع اليمني، الذي أظهر عجزاً سعودياً عن إخضاع اليمن. أضف إلى ذلك أن برنامج القوة الصاروخية بات من البرامج المتقدمة والذي سيتطور مع مرور السنين القليلة بشكل أكبر وفعال، ويشمل هذا البرنامج كادرًا مميزًا من المهندسين والفنيين الماهرين، طبقًا لما وصفهم به الإعلام الغربي والذين يعملون في إطار ” معركة الاكتفاء الذاتي ” التابعة لوزارة الدفاع اليمنية. وهذا يفند مزاعم العدوان في تهريب السلاح إلى اليمن، ويثبت أن اليمن يحتفظ بالمعرفة التقنية والمعدات اللازمة لتوسيع مدى الصواريخ التي يملكها فعلًا، أو تصنيع نماذج جديدة بعيدة المدى بشكل متسارع حسب ما تتطلبه المرحلة.

(فؤاد الجنيد)

 

آخر الأخبار