هل تحوّلت دولة الإمارات إلى «إسبرطة الشرق الأوسط»

كتبت مراسلة صحيفة صانداي تايمز البريطانية لويز كالاهان تقريراً من اليمن عن القواعد العسكرية الإماراتية فيها وقالت إنه من نافذة المروحية التي تعبر مضيق باب المندب، يمكنك رؤية مساحة الثكنات الملونة بلون الطين والتي تحرسها أنظمة صواريخ باتريوت الأميركية.

وكتبت أن منطقة الخوخة كانت بمنزلة ركن هادئ في اليمن، شواطئها المليئة بالنخيل تصل إلى أميال. اليوم فيها عرض للقوة العسكرية المتزايدة للإمارات.

وقال التقرير إن دولة الإمارات العربية التحدة المعروفة كواحدة من أفضل شواطئ العطلات وذات النهج غير المتقن في تنظيم الضرائب، أصبحت واحدة من أقوى القوى والأكثر تدخلاً في الشرق الأوسط.

هذا التحوّل قد جعل جنرالات الولايات المتحدة في أفغانستان يطلقون على الإمارات تسمية "إسبرطة الصغيرة": قوة عسكرية مخصصة لإعادة رسم توازن القوة الدقيق في المنطقة.

وأشارت الكاتبة إلى أن القوات الإماراتية تقاتل في اليمن إلى جانب القوات الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي كجزء من التحالف الذي تقوده السعودية، كما تقاتل في سماء العراق وسوريا كجزء من المعركة ضد تنظيم "داعش". وفي بربرة في أرض الصومال، وفي عصب في إريتريا وفي الساحل الغربي لليمن، تنشر قواعدهم العسكرية وموانئهم التجارية المال والقوة والنفوذ.

ففي أفغانستان، كان الإماراتيون القوة الجوية الوحيدة من خارج حلف الناتو، إضافة إلى الاستراليين، الذين منحوا دعماً جوياً للقوات الأميركية.

وتابع التقرير أنه بينما واجهت السعودية بشكل متزايد إدانة دولية لقتلها المدنيين في اليمن وتغذية أزمة إنسانية فيه، فقد نجا الإماراتيون حتى الآن بسمعتهم التي لم تشبها شائبة نسبياً.

 فالأسبوع الماضي، وبعد شهر على مقتل الصحافي جمال خاشقجي من قبل عملاء سعوديين، أبدت الحكومتان البريطانية والأميركية أن صبرهما قد نفذ بشأن الحرب في اليمن. وقد دعا وزير الدفاع الأميركي، جيم ماتيس، جميع الأطراف إلى المشاركة في محادثات سلام تقودها الأمم المتحدة الشهر المقبل وإلى إنهاء الأعمال العدائية.

وقال دبلوماسي غربي في الشرق الأوسط: "هذا بلد صغير - ثري للغاية، ومستقر للغاية. إنهم يسعون لزيادة نفوذهم في المنطقة. إنهم يجمعون الحلفاء ويبعدون أعداءهم ".

وقالت المراسلة إنه حتى لو توقف القتال في اليمن، فذلك لا يعني بشكل مؤكد أن الإمارات ستنسحب فوراً من مواقعها الاستراتيجية في اليمن. فطموحاتها كبيرة جداً. فتحت إدارة محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي ونائب قائد القوات المسلحة الإمارتية، تحول الإماراتيون من دولة راكدة ناعسة إلى واحدة من أقوى القوى في المنطقة.

وأضاف التقرير أن الإمارات تدعم الانفصاليين في الصومال والجنرال خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا. بصماتهم هي وراء كل التغييرات السياسية في الدول من إريتريا إلى تونس. في اليمن، يمارسون سلطة هائلة على مينائي عدن والمكلا.

أضحى جيشهم الذي وصف مرة بأنه "نمر من ورق" مجهزاً بالكامل ولكن مع قليل من الخبرة. وتم صب الملايين من الدولارات على تدريب 63000 عسكري من أفراد الخدمة الفعلية من قبل ضباط بريطانيين وأميركيين وتوظيف شخصيات عسكرية غربية لقيادة هذا الجيش.

وقال مسؤول دفاعي غربي سابق في المنطقة: "لديهم تفوق عالي للغاية في المعدات العسكرية. وهم مدربون تدريباً جيداً".

ومع توسع دولة الإمارات، تُثار الأسئلة إن كانت تبالغ في مد نفوذها. إريك برنس، مؤسس شركة التعهدات العسكرية الخاصة "بلاك ووتر"، قد تلقى مئات ملايين الجنيهات الاسترلينية من محمد بن زايد كي يبني له جيشاً يتضمن مقاتلين من المرتزقة الكولومبية، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.

في اليمن، تم اتهام القوات الإماراتية بإدارة "سجون سرية" حيث تعرض المعتقلون للتعذيب. وقد أنكرت الحكومة الإماراتية جميع هذه الادعاءات.

وقال أحد المراقبين الغربيين: "لا أحد يعرف المدى الذي سيذهبون إليه. إنهم يريدون الاستقرار ولكن مع هذا التوسع قد يكون من الصعب تحقيق التوازن".

وقال التقرير إن من يقف خلف هذه السياسة التوسعية رجل واحد هو محمد بن زايد، ولي عهد إمارة أبو ظبي منذ 14 عاماً، وهو الآن في عمر 57 سنة. ويعتقد بشكل واسع بأنه القوة الموجهة لسياسة حصار قطر، الدولة الإقليمية المنافسة، وأنه أشبه بمفكر لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

لقد تم إنشاء دولة الإمارات بعد أن أصبحت الإمارات المتصالحة السابقة – وهي محمية بريطانية - مستقلة في عام 1971.

اليوم، تحت حكم شقيق محمد بن زايد، الرئيس خليفة بن زايد، أصبحت الإمارات بوابة القوى الغربية إلى الخليج. 

لقد أيد الإماراتيون إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المعادية لإيران، بتقديم أنفسهم كحاجز أمام التوسع الإيراني.

في البلاد، قامت القيادة الإماراتية بتجنيد إلزامي للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً. إنها جزء من سياسة خلق هوية وطنية، ويقول مؤيدو محمد بن زايد، إنها تصد الكسل الذي يمكن أن تأتي من كون المواطن مواطناً لواحدة من أغنى دول العالم.

وأضاف التقرير أن التدخل العسكري الإماراتي أضحى ذا كلفة عالية. ففي حديقة في أبو ظبي، يقبع نحت شاهق من الألواح السوداء صممها الفنان البريطاني إدريس خان لإحياء ذكرى الذين ماتوا وهم يقاتلون من أجل الإمارات. في اليمن، قُتل 107 من السكان الإماراتيين البالغ عددهم حوالي 850،000 نسمة.

وهناك نصب تذكاري أصغر يذكر أسماء الجنود الذين قتوا في معارك من أفغانستان إلى كوسوفو ولبنان، حيث ساعد المهندسون الإماراتيون في نزع الألغام والقنابل العنقودية. كما أن ثمة بلاطات فارغة تظهر أين يمكن إضافة المزيد من الأسماء.

آخر الأخبار