«كارنيغي» : «التحالف» منح «القاعدة» فرصة التوسّع

رأت مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي، (مؤسسة بحثية)، أن «التدخل الذي يخوضه التحالف منذ ثلاث سنوات، لم يكن عقيماً لتسببه بسقوط ضحايا في صفوف المدنيين وحسب، بل إن تركيزه الطاغي على الحوثيين، منحَ أيضاً تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، مجالاً للتوسّع».
ونوهت المؤسسة الأمريكية إلى أنه «وعلى الرغم من الحملة التي يشنّها التحالف الذي تقوده السعودية، بدعمٍ أميركي، على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ أواخر العام 2016، والتي أدّت إلى انسحاب التنظيم من المكلا، فإنه لا يزال يحتفظ بموطئ قدم في اليمن، لا سيّما بفضل تركيز التحالف على الحوثيين في شكل أساسي، واستعداده لاستخدام تنظيم القاعدة في جزيرة العرب حليفاً ضدّهم».
نجاح مبالغ فيه ومزاعم مضلِّلة
ولفتت إلى أن «القادة العسكريين الإماراتيين، أقروا بأن قواتهم استوعبت، في بعض الحالات، مقاتلين من تنظيم القاعدة، ربما بهدف تعزيز حملتهم ضد الحوثيين، وأشاروا أيضاً إلى أن مقاتلي القاعدة مستعدّون للتعاون مع التحالف، حيث يتلقى على سبيل المثال القائد العسكري السلفي أبو العباس،  في تعز والمدرَج على قائمة الإرهاب الأمريكية، أموالاً من التحالف، وفق ما يقول معاونه ومقاتلون معه».
وأشارت «كارنيغي»  إلى أن «هناك غلواً في تصوير حجم نجاح الإمارات في احتواء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في جنوب اليمن، على الرغم من أن تلك جهودها نجحت في تسديد ضربةً لبعض روابط التنظيم المالية التي كانت تعتمد على السيطرة الإستراتيجية على الموانئ والمراكز المدنية، مدلّلة على ذلك في أوردته وكالة (أسوشييتد برس)، التي قالت في تحقيق استقصائي، إن التحالف وبدلاً من إلحاق الهزيمة بمقاتلي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، عمد إلى إبرام صفقات مع التنظيم، كي يغادروا المدن والبلدات الأساسية، وسمحوا لآخرين بالانسحاب مع أسلحتهم ومعدّاتهم ورزمٍ من الأموال المنهوبة».
ووصفت «كرانيغي» الأحاديث الإماراتية، عن حملة ناجحة ضد تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، بأنها «مزاعم المضلِّلة على الأرجح، نظراً إلى أن المسؤولين الإماراتيين زعموا زوراً، في أغسطس 2018، أنه لم يتبقَّ في اليمن سوى 20 مقاتل تابعين لتنظيم القاعدة، وذلك خلافاً لتقديرات الحكومة اليمنية التي أشارت إلى وجود 6000 إلى 7000 مقاتل، لا بل إن التنظيم يواصل هجماته في اليمن، منها الاعتداء الذي استهدف، في 28 أغسطس الماضي، نقطة تفتيش عسكرية في محافظة أبين، ما أسفر عن مقتل خمسة جنود يمنيين، كما يُشكّل التنظيم تهديداً محدقاً بمحافظات عدن ولحج وإب وحضرموت جنوب البلاد».
وذهبت المؤسسة الأمريكية إلى القول «علاوةً على ذلك، شنّت الإمارات، في يونيو 2018، عملية عسكرية للسيطرة على الحديدة من قبضة الحوثيين، ولا يبدو أن المعركة ستنتهي قريباً، وفق ما يُظهره تجدّد اندفاعة التحالف للسيطرة على المدينة»، معتبرةً تصريحات وزير الدولة الخارجية للشؤون الإماراتي، أنور قرقاش، وتأكيده على أن الحوثيين «يبقون العائق الأكبر أمام التوصل إلى حل سياسي في اليمن»، يؤشّر إلى أن «التحالف سيستمر في إعطاء الأولوية لاستهداف الحوثيين أولاً في الحديدة، ثم على الأرجح عبر خوض معركة طويلة لاستعادة السيطرة على صنعاء، رغم زعمَ أن قوات بلاده ستواصل أيضاً استهداف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب».

نجاح في استقطاب المحرومين
وأوضحت «كارنيغي» أن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب، يركز بصورة أكبر على الأهداف الداخلية»، مرجعة أسباب نجاحه إلى «إنشاء شبكات مالية، وتكييف إستراتيجيته، بهدف استقطاب اليمنيين المحرومين، بالإضافة إلى التعاون مع الفصائل القبلية المحلية». مضيفة أنه «على الرغم من أن التنظيم لا يزال يطبّق أيديولوجية القاعدة السلفية المتشددة، بما في ذلك فرض قانون جزائي إسلامي في محافظة أبين، وحظر متقطّع على مادّة القات المخدِّرة التي تلقى رواجاً، فإنه غالباً ما يعمد إلى إظهار نفسه بصورة معتدلة بغية كسب ثقة اليمنيين ودعمهم».
وأشارت «كارنيغي» إلى أن «بعضاً من المهمّشين، لاسيما في المحافظات الداخلية، مثل أبين وشبوة، ذات الوصول المحدود إلى موارد الدولة، يرون في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، علاجاً لمعاناتهم»، موضحة أن ذلك «ما يُفسّر كيف اكتسب التنظيم دعماً، ومكّنَه من استقطاب مجنّدين من الفصائل القبلية والسكان المحليين في تلك المناطق، كما أن النفوذ المالي الذي يتمتع به التنظيم، يُتيح له استغلال حالة انعدام الاستقرار في اليمن». 
ولفتت إلى أن «التنظيم أستفاد أيضاً من توطيد روابطه مع القبائل المحلية التي تُعارض أيضاً الحوثيين، وتسعى إلى الحصول على الحماية من قبل التنظيم»،  كاشفة في ذات السياق عن أن «التنظيم أقام خلال الحرب، تحالفات مع قبائل مثل العوالق في شبوة، والذهب في البيضاء، والتي يُزعَم أنها ساعدته على التخطيط للعمليات مقابل ضمان أمنها».
واعتبرت المؤسسة الأمريكية أن «شنّ تنظيم القاعدة هجمات متعددة ضد الحوثيين، اعتباراً من العام 2014، مثل الاعتداءات المتكررة على تعز، ساهم في اكتساب التنظيم شعبية في أوساط هذه الفصائل القبلية»، مبينة أن ذلك «لم يكن سبباً فقط، لأن يُنظَر إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على أنه مقاومة قابلة للحياة في مواجهة الحوثيين، الذين يرى فيهم السكان المحليون وسط اليمن، تهديداً أمنياً خطيراً، وإنما ولّد أيضاً، انطباعاً بأن التنظيم يؤمّن دفاعاً مذهبياً في مواجهة الحوثيين الشيعة الزيديين، وحلفائهم المحليين».
ورجحت «كارنيغي» أن «يواصل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، توسعه في ظل استمرار الدولة اليمنية في التفكّك، وتركّز الفصائل المتناحرة على الحل العسكري بدلاً من الحل الديبلوماسي، واستغلاله للإحباطات اليمنية التي تزداد سوءاً بسبب الحظر الذي يفرضه التحالف، وحملة القصف التي ألحقت أضراراً بالبُنى التحتية للدولة، وساهمت في الأزمة الإنسانية المروّعة التي تتخبط فيها البلاد».
واختمت المؤسسة الأمريكية تحليلها بالتأكيد على أنه «في حال ظلّ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يُقدِّم نفسه في صورة الطرف الذي يساهم في استتباب الوضع، واستمر السكان المحليون في النظر إلى الحوثيين بأنهم يشكّلون تهديداً محدقاً بهم، فسوف تكون للتنظيم الإرهابي قاعدة دعم محتمل أكبر حجماً يستند إليها للعودة من جديد إلى الساحة».

آخر الأخبار