شرف الدين: التحريض على ميناء الحديدة ذريعة للإستهداف

لا يتأخر نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة «موانئ البحر الأحمر» اليمنية المهندس يحيي شرف الدين، في نفي ما تروجه وسائل إعلام دول «التحالف» بتوقف ميناء الحديدة عن استقبال السفن، مؤكداً في مقابلة لموقع «العربي» استمرار الميناء في تأدية عمله بشكل كامل وطبيعي، واضعاً الأمر في خانة «التحريض» الذي يسعى «العدوان» لتوزيفه كذريعة لاستهداف الميناء. هذا الموضوع وغيره حملناها إلى شرف الدين، وعُدنا من اللقاء بالحوار التالي.

يتعرض ميناء الحديدة لحملة تحريض إعلامية ممنهجة، هل يمكن اعتبار الأمر جزءً من استراتيجية التصعيد العسكري؟
هذا التحريض الممنهج بدأ منذ بداية العدوان، وهو جزء من استراتيجية «التحالف» في معركة الحديدة، كلما تعرضوا لهزيمة وانتكاسة في الجبهات على أيدي رجال الجيش واللجان الشعبية، يتجهون للضغط على اليمنيين عبر الورقة الاقتصادية، وكلما استهدفت بارجة عسكرية في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس، يتجه العدوان للتصعيد على الميناء وإعلانه منطقة عسكرية.
يتحدثون عن تهريب الأسلحة عبر الميناء، وهم أكثر العارفين بعدم صحة تلك الاتهامات التي يسوقونها بين فترة وأخرى. يتخذون تلك الذريعة أمام المجتمع الدولي لاستهداف الميناء، وقد أدرك هذا المجتمع كذب وزيف ادعاءات العدوان، لكنه للأسف يغض الطرف عن انتهاكات «التحالف» وخرقه للقوانين والاتفاقيات الدولية. 

تحدثتم أكثر من مرة عن تشديد «التحالف» للقيود على ميناء الحديدة، ما تأثير ذلك على الحركة الملاحية فيه؟
الحصار الذي يتعرض له الميناء بدأ خلال الساعات الأولى للعدوان صبيحة الـ26 مارس 2015م، لكن دول «التحالف» تعمدت تضييق الخناق على حركة الميناء الملاحية أكثر فأكثر خلال الفترة الماضية، حيث تم إغلاق ميناء رأس عيسى النفطي منذ شهر يونيو 2017م، وأيضاً يتم منع دخول جميع المواد التجارية، خاصة الحديد والخشب والإسمنت والسيارات إلخ.
منذ بداية نوفمبر 2017م، منعت بوارج العدوان وصول الحاويات إلى الميناء، وذلك بعد تقليص عددها في الفترة السابقة، حيث وصلت نسبة العجز في عام 2017م إلى 81% مقارنة بسنة الأساس 2014م، وحالياً اقتصر الدخول للميناء على بواخر القمح بعد إجراءات معقدة وتأخير وتعسف من قبل «التحالف»، عادة ما يؤدي إلى إتلاف الشحنات الغذائية.
كما يسمح أيضاً بإدخال بواخر الذرة وبعض المشتقات النفطية بعد تأخيرها، ما أثر بصورة مباشرة على الحركة الملاحية في الميناء بشكل كبير، حيث انخفض عدد السفن التي تدخله مقارنة بما قبل الحصار والعدوان، مع العلم أنه في هذه الفترة تم إدخال القوارب الصغيرة التي تتبع المنظمات واعتبارها سفناً، وهذه مغالطة برغم أن الفارق كبير. 

ما مدى ذلك الانخفاض بحركة الملاحة في الميناء؟
وفق الإحصائيات الصادرة عن مؤسسة مواني البحر الأحمر خلال الفترة بين يناير ــ مايو من العام 2018م، فقد تراجعت حركة الواردات إلى الميناء بنسبة 45 % بالسالب، مقارنة بالفترة المقابلة لها من العام 2014م. وخلال نفس الفترة لم تتجاوز عدد سفن الحاويات التي وصلت الميناء الثلاث حاويات فقط، بسبب ممارسات تحالف العدوان، وخلال نفس الفترة استقبل الميناء 52 ناقلة محملة بالمشتقات النفطية، إلا أن الكميات التي تحملها قليلة وبنسبة 66% بالسالب عن الناقلات النفطية التي وصلت الميناء خلال الفترة يناير ـ مايو 2014م. 

ما صحة اتهامات «التحالف» المتكررة لإدارة الميناء بإعاقة وصول السفن إليه؟
الميناء لا يزال يستقبل الشحنات والسفن الإغاثية، ويقدم كل التسهيلات الممكنة لإدخالها، وذلك بعد تأخرها لدى «التحالف» وتعرض بعض الشحنات للتلف بسبب تأخيرها، ويأتي ممثلون عن المنظمات الدولية للميناء يطالبون بسرعة إدخالها خوفاً من تلفها، وهناك سفن وبواخر تم تأخيرها من قبل «التحالف»، ومنها «جلوري ــ وماجسني»، و«فولمار»، و«أمازون» وغيرها. 
أما الاتهامات فلا صحة لها، وهي تأتي في إطار التحريض على الميناء. وفي الفترة السابقة اتهم «التحالف» إدارة الميناء باحتجاز 34 سفينة، ولم يكن هذا الكم من السفن الإغاثية قد وصل إلى الميناء منذ بداية العدوان. في تلك الفترة كان «التحالف» يحتجز أكثر من 45 سفينة، ولم يسمح لها بالدخول، فالعدوان يرمي الآخرين بما يمارسه من انتهاكات وجرائم، ويٌحول الضحية إلى جلاد. 

وقعت وزارة التخطيط مطلع العام الجاري اتفاقاً لتطوير ميناء الحديدة، ما مصير ذلك المشروع؟ 
لا عِلم لإدارة الميناء بأي مشاريع تطوير جديدة مقدمة من «برنامج الغذاء العالمي»، فما قدمه البرنامج ممثل بأربعة كرينات صغيرة توضع على قوارب (لانش)، وذلك بموجب عقود واتفاقيات بين المؤسسة وبرنامج الغذاء، وبعد وصول تلك القوارب تم تصوير الأمر بأنه تطوير للميناء، وهذه مغالطة كبيرة من قبل دول ومنظمات دولية.

استهدف «التحالف» قارباً تابعاً للأمم المتحدة ولم تتحرك الأخيرة، ماذا وراء هذا الصمت؟
ليست المرة الأولى التي يحدث فيها انتهاك بذلك الحجم وتقف الأمم المتحدة موقف الصامت، فقد حدث مثل ذلك لسفنٍ وشحناتٍ أممية وأدى إلى تلفها أيضاً. هناك اتهامات تطلق من قبل العدوان للأمم المتحدة عن عمليات تهريب للأسلحة عبر سفن أممية وشحنات الإغاثة، والغرض إيهام العالم بأن الأمم المتحدة تقف إلى جانب الشعب اليمني وهذه مغالطة كبيرة. ما يحدث أن الأمم المتحدة تماهت مع تحالف العدوان وأصبحت ناطقة باسمه، حيث تتبنى ما تطرحه دول العدوان على أساس أنها مبادرات صادرة من الأمم المتحدة. في نوفمبر الماضي أتى إلى الميناء لينش تابع للأمم المتحدة لنقل بعض العاملين، وصرح بعد ذلك إعلام العدوان عن تهريب 40 خبيراً ايرانياً من ميناء الحديدة على متن قارب تابع لـ«برنامج الغذاء العالمي»، وتم التواصل مع الأمم المتحدة لكي ينفوا الاتهام ويوضحوا الحقيقة، لكنهم لم ينفوا ولم يوضحوا ما حدث.
أعتقد شخصياً أن الأمم المتحدة تعد جزءً لا يتجزأ من العدوان على اليمن، ومن المضحك أن الأمم المتحدة هي من تستجدي دول العدوان للسماح بدخول سفن تابعة لها، وأيضاً السفن التجارية، بينما هي من شرعنت العدوان على اليمن وأيضاً الحصار في تناقض عجيب.

تخضع كل الواردات التي تصل ميناء الحديدة للتفتيش الدقيق من قبل فريق الأمم المتحدة، ويتم على أساسه منح تصاريح دخول أممية، إلا أن «التحالف» يعود ويوقفها، فهل فشلت الأمم المتحدة في إلزام «التحالف» بآلية التفتيش ؟ 
كما أشرت سابقاً، ليس فشلاً وإنما تواطؤاً وتماهياً مع دول العدوان من قبل الأمم المتحدة، فالعدوان استطاع التأثير بالمال على صانعي القرار في المنظمة الدولية وتهديده برفع الدعم.

ولكن هناك من يقول أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة تقف إلى جانب اليمن؟ 
نحن في اليمن نقول للمجتمع الدولي والأمم المتحدة وكل من يقف أو يتواطأ مع العدوان ضد شعبنا، إرفعوا أيديكم عن اليمن، لا نريد مساعداتكم، فقط إرفعوا الحصار الظالم المفروض على شعبنا منذ أكثر من 3 سنوات، إرفعوا الحظر المفروض على الموانئ والمطارات وعن المنافذ البرية اليمنية، دعوا هذا الشعب يعيش، كفى متاجرة بدماء الشعب اليمني ومعاناته. 

هناك مخاوف شعبية من توقف حركة الميناء، كيف تطمئنون المواطن اليمني؟
نؤكد لكافة أبناء شعبنا اليمني أن «مؤسسة موانئ البحر الاحمر» ستظل تعمل بالرغم من كل التهديدات التي تتعرض لها، إيماناً بواجبها ومسؤوليتها الإنسانية تجاه الشعب اليمني، كما نؤكد أننا في المؤسسة نعمل على استقبال كافة السفن التي تصل الميناء، وليس من المصلحة منع أو إيقاف أي سفينة كما يدعي تحالف العدوان، بل على العكس نبادر في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها اليمن جراء العدوان والحصار إلى تقديم أكبر قدر ممكن من التسهيلات لجميع السفن من دون استثناء، إسهاماً منا في تخفيف الأعباء ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين.

رسالة أخيرة تود توجيهها للمنظمات الدولية؟ 
رسالتي للمنظمات الدولية هي أننا ندعوها للنظر إلى معاناة الشعب اليمني الناتجة عن الحصار والعدوان، والعمل على التخفيف من تلك المعاناة التي أصبحت شبه منسية، عوضاً عن المتاجرة بها واستغلالها لكسب المزيد من المال، فهناك معاناة حقيقية، وهناك أيضاً تضخيماً إعلامياً كبيراً لها من أجل استغلالها سياسياً كما يحدث في سوريا، بينما القتل والحصار والتدمير في اليمن، ومع ذلك لا يتم الالتفات إليه إلا عندما يراد ابتزاز دول العدوان من قبل منظمات دولية، عبر إصدار تقارير موسمية تتهم دول العدوان وقت ما تريد تلك المنظمات، ولدوافع سياسية أو مالية.

(رشيد الحداد - العربي)

آخر الأخبار