«نيوزويك»: صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية بين السياسة والقضاء

حاولت مجلة «نيوزويك» تسليط الضوء على قرار محكمة الإستئناف البريطانية، والذي سمح لمنظمة «حملة مناهضة تجارة الأسلحة»، للطعن في قرار قضائي سابق كانت قد إستندت إليه حكومة المملكة المتحدة من أجل مواصلة بيع الأسلحة إلى السعودية، مستعرضة إلى آراء نشطاء حقوقيين، و تطلعاتهم حيال هذه التطورات، خصوصاً لجهة تداعياتها على ملف صادرات الأسلحة الغربية إلى الرياض، ومستقبل الحرب في اليمن.
وأوضحت المجلة، في تقرير حمل عنوان: «نشطاء يريدون استخدام المحاكم البريطانية من أجل وقف حرب المملكة العربية السعودية في اليمن»، أن ناشطي منظمة «حملة مناهضة تجارة الأسلحة» ينظرون إلى قرار القضاء البريطاني المشار إليها، على أنه قد «يساعد على إنهاء الصراع» الدائر في اليمن، الذي يشهد «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».
وفي هذا الإطار، أفاد آندرو سميث، من منظمة «حملة مناهضة تجارة الأسلحة» للمجلة، بقوله «إن القوات السعودية متهمة بارتكاب أخطر الانتهاكات للقانون الإنساني، بشكل متواصل» في اليمن، مضيفاً أن «معايير تصدير الأسلحة المعمول بها داخل المملكة المتحدة، وإنطلاقاً من أي شكل من أشكال الفهم السليم لها، سوف تقتضي قطعاً فرض حظر على أي صفقات أسلحة يتم إبرامها مع المملكة العربية السعودية». ونبّه سميث من أن عدم فرض حظر على بيع الأسلحة إلى الرياض، سوف «يعد مؤشراً على ضرورة تعزيز القوانين» البريطانية، مؤكداً أنه «ليس ثمة غموض، حول ما إذا كانت الأسلحة البريطانية تستخدم (في حرب اليمن)، أم لا، لأن مسألة استخدامها هناك يعد مؤكداً بشكل قاطع». وأردف سميث أنه «ليس ثمة غموض حول ما إذا كان النظام السعودي قد انتهك القانون الدولي الإنساني» في ذلك البلد، لأن النظام المذكور «مواظب على ذلك». وبحسب ما أفاد سميث للمجلة، فإن «قانون صادرات الأسلحة قد يكون واضحاً على الورق، إلا أنه من المؤكد أن الطريقة التي عكفت من خلالها الحكومة البريطانية على تفسيره، أفضت إلى استمرار مبيعات الأسلحة (للسعوديين)، ومواصلة دعم الأخيرة للنظام» القائم في الرياض.
وشددت المجلة الأمريكية على أنه «في حال نجحت المعركة القانونية التي تقودها منظمة (مناهضة تجارة الأسلحة) ضد الحكومة البريطانية، فإنها قد تكون المرة الأولى التي يثبت فيها رسمياً، إدانة (حكومة) بلد ما، بمخالفة قوانين تصدير الأسلحة الخاصة بها» إثر سنوات من «التجاهل الفاعل» من قبل تلك الحكومة، في مواصلة تصدير الأسلحة إلى السعوديين، رغم المخاطر من إمكانية استخدام المعدات العسكرية المصدرة في انتهاك حقوق الإنسان.
ولفتت «نيوزويك» إلى أن المعركة القانونية، بين منظمة «حملة مناهضة تجارة الأسلحة»، وحكومة لندن، وآخر فصولها المتمثل بقرار محكمة الاستئناف البريطانية، قد يكون له تبعاته الدولية، خارج حدود المملكة المتحدة، حيث أنه «قد يفرض المزيد من الضغوط على (حكومات) البلدان الأخرى، التي باعت الأسلحة إلى السعوديين خلال مدة الصراع» في اليمن. وضمن الإطار عينه، أفاد سميث للمجلة بأنه «كان هناك المزيد أعمال التدقيق في صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية خلال الأشهر القليلة الماضية»، مشيراً إلى أن مسار الدعوى القانونية، والذي يعود إلى العام 2015، ينطوي على «قضية بالغة الأهمية»، على نحو «قد يرسخ سابقة (قضائية) ملفتة للغاية، ليس على صعيد المملكة المتحدة فحسب، بل على الصعيد الدولي أيضاً». 
وإذا كانت المنظمة المذكورة تهلل بـ «نجاحها» في مواصلة السير في الدعوى القانونية ضد حكومة لندن، إلا أنها تعبر عن «إحباطها» جراء سقوط ضحايا مدنيين في اليمن، طيلة مدة نزاعها القضائي مع الحكومة. ومن هذا المنطلق، قال سميث، في حديث إلى «نيوزويك»: «أما ونحن في السنة الرابعة من الحرب، والأزمة الإنسانية المقيتة بشدة هناك، فإنه يجب إثارة السؤال الخطير حول عدد الأشخاص الذين يجب أن يقتلوا، قبل أن يتحرك المسؤولون، ويعمدوا أخيراً إلى وقف مبيعات الأسلحة (إلى السعوديين)».
وفي ما يخص موقع العلاقات السعودية- البريطانية في القضية، فقد عبّر سميث عن مخاوفه من أن تلعب العلاقة الوطيدة بين لندن، والرياض دورها لناحية «التأثير (السلبي) على المحصلة النهائية» لمسار الدعوى القانونية، خلافاً لما تتطلع إليه منظمة «حملة مناهضة تجارة الأسلحة»، مستهجناً حفاوة استقبال المسؤولين البريطانيين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حين زار العاصمة لندن في مارس الفائت. وأوضح أن زيارة بن سلمان الأخيرة للمملكة المتحدة «أثبتت أن العلاقة بين المملكة المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ليست عسكرية فقط، بل ذات مرتبة سياسية رفيعة أيضاً».
وعن نهج الدول الغربية على صعيد تصدير الأسلحة إلى المنطقة، نقلت «نيوزويك» عن الباحث في «معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام»، بيتر وايزمان، قوله «إن الصراع العنيف، والواسع في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب المخاوف في شأن حقوق الإنسان هناك، أفضيا إلى نقاش سياسي داخل العواصم الغربية، وأمريكا الشمالية حول (ضرورة) تقييد صادرات الأسلحة»، مشيراً إلى أن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة، وأوروبا، من مواصلة بيع الأسلحة إلى دول المنطقة، حيث تحتكران معاً، ما يصل إلى 98 % من واردات الأسلحة السعودية، مع تحذيره من «التبعات المحتملة، الواسعة، والبعيدة المدى» لهذا النهج. وتابع وايزمان، حديثه إلى «نيوزويك»، بالإشارة إلى وجود «أدلة واضحة» على إمكانية استخدام الأسلحة الغربية، من قبل الدول الشرق أوسطية، بشكل مخالف للقوانين الدولية، على نحو يتطلب وقف العمل بتراخيص بيع الأسلحة إلى تلك الدول. وأكمل أن «كل ما نطلبه من الحكومة (البريطانية)، هو أن تلتزم بقوانينها الخاصة، وأن تتبع القواعد القانونية الخاصة بها».

آخر الأخبار