مرضى الكلى رهن أجهزة ومحاليل: بين طابور الانتظار وقدر الموت

يقطع محمد عبدالله مرزوقي (29 عاماً)، 400 كيلومتر من محافظة شبوة إلى محافظة عدن، جنوب اليمن، ليقوم بعملية غسيل لكليته في مركز غسيل الكلى في مستشفى الجمهورية.
وقال محمد لـ«العربي»: «أقوم بعملية غسيل الكلى منذ أربع سنوات في محافظة عدن، لعدم توفر مركز لغسيل الكلى في محافظتي، وبسبب سوء الأوضاع الأمنية في البلاد ونقص المحاليل والأدوية اللازمة لغسيل الكلى، والتي زادت من مشقتي في متابعة علاجي».
وأضاف: «أتساءل بيني وبين نفسي، لماذا لم تقدم منظمات المجتمع الدولي أي دعم لمرضى الفشل الكلوي؟ ولم أجد أي إجابة».
يحرم من الجلسة
يحصل محمد عبد الله، المقرر له ثلاثة مواعيد، لثلاثة أيام في الأسبوع، على 6 ساعات غسيل، وتنقسم هذه الساعات إلى ساعتين باليوم المحدد له. 
وفي حال تأخر محمد عن الموعد، فإنه يحرم من جلسة الغسيل بسبب ازدحام المرضى، الأمر الذي قد يؤدي به إلى الموت، ولكنه يتفادى ذلك من خلال الذهاب إلى المستشفى قبل موعده بساعتين أو ثلاث على الأقل. 
معاناة المرضى
محمد، حالة من آلاف. إذ يعاني نحو 5 آلاف يمني من مرض الفشل الكلوي، يتوزعون على 18 مركزاً للعلاج في عدد من المحافظات، إلا أن الحرب أدت إلى تدهور أوضاع هذه المراكز، وأجبرت عدداً منها على الإغلاق لفترات طويلة، بينما المراكز المفتوحة تكافح بكل جهد من أجل البقاء وخدمة المرضى.
وتسبب هذا التدهور الذي أصاب مراكز علاج مرضى الفشل الكلوي، وخاصة خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى وفاة نحو 300 حالة مصابة بالمرض، وكان العام الأسوأ فيها، هو العام 2016، الذي شهد وفاة 182 شخصاً من المرضى بينهم 12 طفلاً.
ويقدر عدد مرضى الفشل الكلوي في محافظة عدن بـ 500 مريض، يتوزعون على ثلاثة مراكز لغسيل الكلى وهي: مركز مستشفى الصداقة، ومركز مستشفى عبود، ومركز مستشفى الجمهورية، الذي يحتضن النصيب الأكبر من المرضى، حيث يبلغ عددهم 300 مريض.
وقالت مسؤولة مركز غسيل الكلى في هيئة مستشفى الجمهورية في عدن، الدكتورة نبيهة باماجد لـ«العربي»، إن «مرض الفشل الكلوي يعتبر مشكلة صحية ترافق المريض مدى الحياة، وللأسف، كل المرضى الذين يعانون من مرض الفشل الكلوي هم من فئة فقيرة».


معاناة مراكز الغسيل
وتعاني مراكز الغسيل في مدينة عدن، من نقص في المحاليل والأجهزة الطبية. ويطالب العاملون في المراكز، الجهات المختصة والمنظمات الدولية بالالتفات إليهم، ومد يد العون لهم، من أجل الحفاظ على أرواح المرضى الذين يعطون لهم 6 ساعات غسيل فقط، فيما تعمل الدول الأخرى، 12 ساعة غسيل على مدار الأسبوع.
ويأتي أغلب المرضى من مناطق ريفية بعيدة، والمسافة التي يقطعها المريض من المنطقة الريفية إلى عدن للقيام بعملية الغسيل والعودة مكلفة مالياً وصحياً. 


تأثير الحرب
وأثرت الحرب على مراكز الغسيل، إذ تعيق النقاط الأمنية الكثيرة، والمطبات المفتعلة بعد الحرب، وصول المحاليل الطبية إلى المستشفيات في الوقت المحدد لها، ناهيك عن تأخير المرضى.
وقالت الدكتورة نبيهة في هذا السياق، إن «المحاليل نفذت في شهر مارس في العام الماضي، وتوقفت الحركة في المركز، وكان بعض المرضى على حافة الموت، لأن النقاط الأمنية عرقلت وصول شحنة المحاليل الطبية، وأطلقنا مناشدات للحكومة والجهات الخاصة من أجل تسهيل وصول المحاليل، ووصلت الشحنة».
لا يفصل بين هؤلاء المرضى والموت، سوى هذه الأجهزة، فإن توقفت أو نفذت المحاليل منها، إما أن ينتقلوا إلى محافظات يمنية أخرى للبحث عن الغسيل، أو أن يستسلموا للموت.

 

(هارون محمد - العربي)

آخر الأخبار