«نيويورك تايمز»: كيف اكتسب الخليجيون نفوذاً في البيت الأبيض؟

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن وثائق جديدة، تبرز قيام أحد الشهود المتعاونين مع التحقيق الخاص بمساع، لمدة أكثر من عام، من أجل «تحويل أحد أبرز جامعي التبرعات لصالح (حملة) ترامب، إلى أداة تأثير داخل البيت الأبيض، لصالح المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة».
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى فصول صداقة مريبة جمعت بين جورج نادر، وهو المستشار السياسي للحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة، وإليوت برويدي، وهو شخصية بارزة في الحزب «الجمهوري» الأمريكي، وقد شغل مناصب مالية عدة داخل الحزب، من بينها نائب رئيس لجنة جمع التبرعات، موضحة أن تلك الصداقة بدأت في فبراير الفائت حين بدأ الرجلان يتبادلان الرسائل عبر البريد الإلكتروني، بعد سلسلة من اللقاءات التي جمعتهما خلال فعاليات حملة ترامب للانتخابات الرئاسية، تمحورت حول موضوعات عدة، من ضمنها «عقود محتملة» مع حكومتي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وعن «الأهداف» التي تتوخاها الرياض وأبوظبي في واشنطن، كتلك المتعلقة بمحاولة «إقناع الإدارة الأمريكية باتخاذ إجراءات ضد تنظيم الإخوان المسلمين، أو ممارسة الضغوط على حليفته الإقليمية، قطر».
وتظهر مراسلات بين الرجلين، ترجع إلى بداية عهد ترامب، حفاوتهما بالجهود الناجحة لمنظمة «سيكيور أميريكا ناو»، التي منعت آن باترسون، وهي سفيرة أمريكية سابقة لدى القاهرة، تتهمها العاصمتان الخليجيتان بمحاباة الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، والمحسوب على تنظيم «لإخوان المسلمين»، من تبوء منصب رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية، علماً بأن برويدي، يعمل مع المنظمة المذكورة، كما تظهر الوثائق.
وزادت الصحيفة، وبالإستناد إلى مئات الصفحات من المراسلات بين جورج نادر، وإليوت برويدي، نائب الرئيس المالي لـ«اللجنة الوطنية» في الحزب «الجمهوري»، فإن الرجلين بذلا «جهوداً حثيثة» من أجل كسب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في صف كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، اللتان تعدان دولتين "حليفتين" للولايات المتحدة. وبحسب الصحيفة، فقد تصدرت «أجندة» نادر، وبرويدي، أهدافاً عدة من بينها «طرد وزير الخارجية ريكس تيلرسون»، ودفع إدارة ترامب نحو تبني «مناهج صدامية تجاه كل من إيران، وقطر»، علاوة على «ممارسة الضغوط بشكل متكرر، على الرئيس من أجل حثه على عقد اجتماع خاص (بعيداً عن الأضواء) في مكان غير رسمي، خارج البيت الأبيض، سواء في كامب ديفيد، أو نيوجرسي، مع الزعيم الإماراتي»، وهو طلب ووجه باعتراض مستشار ترامب لشؤون الامن القومي، كذلك، كشفت الصحيفة أن نادر، قدم نفسه في واشنطن، بصفته «وسيطاً، وبتكليف من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان» الذي التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء.
وفي هذا السياق، تبرز إحدى الرسائل إبلاغ نادر لبرويدي بأن «زعيم الإمارات يود أن يبادر الرئيس ترامب إلى إجراء اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي من أجل محاولة تهدئة حيال مشاعر الاستياء التي قد تكون ألمت به، بسبب ما جاء في كتاب نار وغضب»، والذي أبرز الرؤى السلبية للرئيس ترامب تجاه ابن سلمان.
وأضافت «نيويورك تايمز»، ووفق الوثائق التي تتضمن نسخاً عن عروض وصفقات مبرمة تتعلق بأعمال تجارية، أن جورج نادر، عمد إلى إغراء برويدي بإمكانية حصوله على عقود، بأكثر من مليار دولار، مع أبو ظبي، وبقيمة 650 مليون دولار مع الرياض، وذلك لصالح شركة الأمن الخاصة التي يملكها الأخير، وتدعى «سيرسينوس»، كما ساعده بالفعل على إبرام صفقات مع الحكومة الإماراتية بقيمة تزيد عن 200 مليون دولار. كذلك، أثنى نادر، وهو أمريكي من أصول لبنانية، يبلغ من العمر 58 عاماً، على جهود «صديقه المقرب»، برويدي، لناحية «كيفية التعامل مع الرئيس (ترامب)»، وأخبره أنه أحاط كلاً من قادة المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة علماً بـ«الدور السحري، المحوري، والذي لا غنى عنه» الذي يقوم به من أجل «مساعدتهم» داخل أروقة صنع القرار في الولايات المتحدة. ومن منظور الصحيفة، تعد قضية تجنيد نادر للجمهوري المخضرم، والذي لطالما عد أحد كبار المتبرعين لـ«الحزب الجمهوري»، بمثابة «دراسة حالة» عن الطريقة التي اعتمدتها الدولتين الخليجيتين من أجل كسب النفوذ داخل البيت الأبيض.
وفي سياق متصل، كشفت «نيويورك تايمز»، ونقلاً عن مصادر مطلعة على القضية، أن نادر تمكن من الحصول على حصانة (ضد الملاحقة القضائية)، كجزء من صفقة أبرمها مع المحقق الخاص، روبرت مولر، وذلك نظير تعاونه مع جهود التحقيق، مضيفة أن علاقة نادر ببرويدي «قد تقدم مؤشرات حول مسار التحقيق». وأردفت أنه جرى استدعاء نادر من الخارج من أجل الإدلاء بـ«شهادة إضافية» في ملف القضية، وأن المحققين وجهوا أسئلة لعدد من الشهود، حول «صلات نادر بمسؤولين داخل الإدارة الأمريكية»، وفي شأن «دوره المحتمل في تحويل الأموال المقدمة من جانب الإمارات لحساب المبادرات والجهود السياسية المعتمدة من قبل ترامب»، وهو الأمر الذي قد يشكل «علامة على توسع التحقيق ليشمل دور الأموال الأجنبية في (توجيه دفة) إدارة ترامب». 
من هذا المنطلق، سلطت «نيويورك تايمز» الضوء على قيام برويدي، وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني مؤرخة في شهر مارس من العام 2017، بإطلاع نادر على مقترح يرمي إلى تنظيم حملة في واشنطن، للضغط والعلاقات العامة ضد كل من قطر، وتنظيم «الإخوان المسلمين»، بتكلفة تصل إلى 12.7 مليون دولار، ليبادر الأخير إلى تقديم دفعة مالية قدرها 2.7 مليون دولار، «لقاء تقديم المشورة، وخدمات تسويقية وغير ذلك من الخدمات الاستشارية الأخرى». 
وشرحت الصحيفة أن تلك مبالغ هدفت، على ما يبدو، إلى المساعدة في دفع تكاليف تنظيم مؤتمرات، شهدت توجيه انتقادات لاذعة ضد قطر، و«الإخوان المسلمين»، وذلك داخل مركزين للبحوث في واشنطن، وهما «معهد هدسون»، و«مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، موضحة أن «سياسات معهد هدسون لا تسمح بتلقي مبالغ مالية من حكومات أجنبية غير ديمقراطية»، شأنه شأن السياسات التي تتبعها «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية» لناحية عدم تلقي الأموال من أي حكومة أجنبية، على نحو يفسح المجال للتكهن بأن نادر قدم الأموال المذكورة، بصفته الشخصية، على نحو ما ذهبت إليه الصحيفة، في إشارة إلى تحايل الأخير على القواعد والأنظمة المتبعة في تمويل الجمعيات وجماعات الضغط، حيث عمل على تحويل المبالغ المالية من حساب شركة يملكها، في الإمارات العربية المتحدة، تحت اسم «جي إس إنفيستمنت»، إلى حساب شركة «زيمان إنترناشونال»، التي يديرها برويدي.
وفي الإطار عينه، كشفت الصحيفة أن محامي الأخير عقدوا نقاشات مع نادر، بغية التوصل إلى «اتفاق محتمل» لتقاسم نسبة من الأرباح، والتي حققتها شركاته في الجولة الأولى من الأعمال والصفقات مع السعوديين، والإماراتيين.

آخر الأخبار