«غلوبال ريسيرش»: الجنوب وسيناريو انفصال القرم... بدور روسي

توقف موقع «غلوبال ريسيرش» عند معارك عدن، مشيراً إلى أنها أفسحت المجال أمام اليمنيين الجنوبيين للتوجه نحو «إجراء استفتاء حول الانفصال عن اليمن»، و«منح دولتهم المنبعثة شرعية دولية»، بدعم روسي.
وانطلاقاً من مقارنة أحداث عدن، مع تجربة انفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا، رأى «غلوبال ريسيرش» أن ما جرى يعكس انتقال اليمنيين الجنوبيين من حالة الدفاع، إلى الهجوم، وقرارهم باستعادة سيادتهم، وفرض الأمر الواقع (على الشطر الجنوبي من البلاد). وفي هذا الإطار، أفاد الموقع بأن اليمنيين الجنوبيين «معنيون بإجراء الاستفتاء» الذي سبق وأن نادوا به، «في أسرع وقت ممكن»، ومن ثم السعي إلى «طلب وساطة طرف ثالث محايد، مثل روسيا»، من أجل حشد الدعم الدولي لتوجههم الانفصالي عن اليمن، وذلك في إطار مساعي موسكو للتوسط بين أفرقاء الأزمة اليمنية، سواء بين حركة «أنصار الله»، وحكومة هادي، أو بين الأخير والقوى المحسوبة على الإمارات العربية المتحدة.
وفي سياق الحديث عن آفاق الدور الروسي للتوسط بين هادي و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، أشار «غلوبال ريسيرش» إلى أن روسيا هي «الدولة العظمى الوحيدة القادرة على العمل كوسيط محايد بين جميع الأطراف، وضمان حل عادل لجميع الأفرقاء»، مذكراً بترحيب قيادات من المجلس بوساطة روسية في حال تدهور الأوضاع بين حكومة هادي، والقوى المحسوبة على «الحراك الجنوبي». وأردف أن «التدخل الديبلوماسي المحتمل من جانب موسكو، سيكون محايداً بشكل تام، بالنظر إلى مصالحها في كل من شمال وجنوب اليمن»، حيث تملك روسيا علاقات وثيقة مع نجل الرئيس صالح، من جهة، وقيادات في «حزب المؤتمر الشعبي العام»، ممن أبقوا على تحالفهم مع «الحوثيين» عقب مقتل زعيم الحزب، من جهة أخرى، فضلاً عن علاقاتها التاريخية بجنوب اليمن، الذي كان يعد أقرب حلفاء الاتحاد السوفياتي في العالم العربي خلال حقبة الحرب الباردة.
ومع الإشارة إلى أن الرئيس هادي «لم يعد عاملاً ذي أهمية رمزية في المعادلة الوطنية»، و«افتقاد الحوثيين لأي أمل في السيطرة على سائر أنحاء اليمن»، و«استعادة الجنوبيين، بحكم الأمر الواقع، لدولتهم المستقلة، التي تعود لحقبة الحرب الباردة»، خلص «غلوبال ريسيرش» إلى أن تلك المؤشرات تدل على تلاشي ذرائع «التحالف»، للتدخل في اليمن (تحت عناوين حماية الحكومة الشرعية)، لا سيما أن البلد بات منقسماً بين حكومتين، منقسمتين على نفسيهما. من هذا المنطلق، أكد «غلوبال ريسيرش» أن روسيا في وضعية مثلى لإطلاق أو إدارة مسار تفاوضي، على وقع تفكك الدولة اليمنية إلى شطرين، شمالي وجنوبي، بحيث تشرف فيه موسكو على رعاية فترة انتقالية، بسمات فيدرالية، قبل ترسيخ الطلاق النهائي بينهما. وعن علاقات روسيا بالقوى الإقليمية الفاعلة كافة في الصراع داخل اليمن، لفت الموقع إلى أن «التقارب المتسارع الخطى» بين روسيا والمملكة العربية السعودية، إلى جانب «علاقاتها الممتازة» بالإمارات العربية المتحدة وإيران، قد يساعد الديبلوماسية الروسية على «الموازنة» بين مصالح الرياض، المتمثلة في «الحفاظ على ماء وجهها» عقب الإطاحة بحكم حليفها الرئيس هادي، من جهة، و«الفوائد الاستراتيجية» التي سوف تجنيها كل من أبوظبي وطهران مع تفكك اليمن، إلى دولتين، شمالية وجنوبية، من جهة. 
وعن أفرقاء الصراع داخل اليمن، أشار «غلوبال ريسيرش» إلى أن كلاً من «حزب المؤتمر الشعبي العام»، كقوة سياسية من الشمال، و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، كقوة سياسية من الجنوب، مطالبان بدعوة موسكو إلى «المشاركة الفاعلة» على خط إنهاء «الأزمة المستعصية» في اليمن، مشدداً على أن روسيا معنية بإعادة الاعتبار إلى «المؤتمر الشعبي العام»، كطرف سياسي يمني معترف به دولياً، في شمال اليمن، من أجل الالتفاف على عدم رغبة «التحالف» الذي تقوده الرياض في التعامل مع شخصيات في الحزب، تعد موالية لـ«الحوثيين».
وشدد «غلوبال ريسيرش» على أن صيغة الحل المقترحة أعلاه، وفي ظل غياب الوصفات «المثالية» للتعامل مع الوضع في اليمن، يمكن أن تؤدي إلى «إنهاء الحرب» هناك، و«وضع حد لمعاناة اليمنيين»، شمالاً وجنوباً، إضافة إلى «استعادة السيادة» لدولتي الشمال والجنوب، تماماً كما كان الوضع عليه قبل العام 1990، بشكل «يمنح الجانبين الفرصة التي يحتاجانها لإعادة تطوير اقتصاداتهم، وإعادة بناء مؤسساتهم الوطنية». وأضاف أن «المسار المنطقي الوحيد» المتاح أمام جميع الأفرقاء اليمنيين في ظل هذه الظروف التي تمر بها بلادهم، هو «القبول بالوضعية الراهنة»، والعمل على «إضفاء طابع رسمي عليها، وفق القانون الدولي»، على نحو قد يتطلب إقرار فترة انتقالية، تحت أطر «فيدرالية موسعة»، يعمل خلالها كل من الشطرين الشمالي والجنوبي من اليمن، على تنظيم استفتاء خاص به، تحت إشراف الأمم المتحدة، ليصار بعدها إلى المباشرة في الإجراءات الرسمية لفك الارتباط المؤسسي بين الكيانين. وبحسب الموقع، فإن «الحصيلة النهائية» لجهود الوساطة الروسية في هذا الشأن، يجب أن تتمثل في موافقة الأفرقاء في شمال وجنوب اليمن على «خطة مدعومة من الأمم المتحدة»، تشمل «إعادة تقسيم البلد الموحد من الناحية الإسمية»، بحيث يصبح في مقدور موسكو العمل على توسيع نفوذها في الكيانين، لا سيما في الجنوب الذي قد يصبح «نقطة حيوية»، و«واعدة بالرخاء» في إطار مشروع «طريق الحرير»، في حين قد ينتهي الحال باليمن الشمالي إلى أن يصبح «إريتريا جديدة»، وأن يترسخ كـ«دولة مارقة»، و«معزولة من قبل جيرانها»، مع إمكانية إبقاء دول «التحالف» على حصارها له، بداعي الخشية من تحوله إلى «معقل للنفوذ الإيراني».

آخر الأخبار