«ستراتفور»: تحالف العدوان سيقف بوجه محاولات انفصال الجنوب

تناول موقع «ستراتفور» التطورات الأخيرة التي شهدتها مدينة عدن اليمنية، شارحاً مدلولاتها وتداعياتها على أطراف الصراع في اليمن.
وأوضح «ستراتفور»، أن استيلاء «المجلس الإنتقالي الجنوبي» على المدينة الساحلية الإستراتيجية، وإبعاد حكومة هادي منها، عكس رغبة بـ «تعزيز الموقع الاستراتيجي» للمجلس، وليس بالضرورة توجهاً نحو «الاستقلال الفوري» لمناطق جنوب اليمن. ومع إشارته إلى أن الرياض وأبو ظبي تميلان إلى تقاسم أعباء الملف اليمني، شدد الموقع على أن المجلس المذكور، المدعوم إماراتياً، سيخرج من أحداث عدن الأخيرة «أكثر قوة» و«أكثر استقلالية»، على نحو يعطي المزيد من الزخم لـ «القضية الجنوبية»، ويعزز من طموحات أبوظبي في «إقامة أكبر شبكة نفوذ على امتداد خليج عدن»، في ضوء امتلاكها لعدد من القواعد العسكرية على الساحل اليمني، والقرن الإفريقي. 
وإذا كان المجلس يرمي إلى «إعادة تأسيس (دولة) جنوب اليمن المستقلة» في نهاية المطاف، إلا أن ما أقدم عليه أخيراً، «لم يكن بدافع هذه الرغبة تحديداً»، بقدر ما تعلق بغايته في «الحصول على موطىء قدم سياسي واستراتيجي»، بما يعزز موقعه في اليمن، لا سيما في نظر «التحالف»، الذي يحارب ضد «أنصار الله»، في الشمال.
وفي الإطار عينه، ذهب «ستراتفور»، إلى أن «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، «يعلم أن إعلان الاستقلال من جانبه، سوف يطلق الشرارة لردود فعل انتقامية أكبر ضده»، ما يجعله «يكتفي بالمكاسب التي حققها حتى الآن»، مشيراً إلى أنه لو كان في نية المجلس، الدفع نحو استقلال جنوب البلاد، لتوجه إلى إحكام قبضته على مدينة المكلا الساحلية ومينائها.
وأكمل «ستراتفور» أن «التحالف»، الذي يضم المملكة العربية السعودية، الداعمة لحكومة الرئيس هادي من جهة، والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى، المتحالفة مع «المجلس الجنوبي الانتقالي»، لديه ما يدفعه للتقليل من شأن الخطوة التي أقدم عليها المجلس المذكور، كونه يركز على «مضاعفة مكاسبه (الميدانية) التي حققها ضد الحوثيين في أماكن أخرى» داخل اليمن. وعلى الرغم من أن «الخطوة الجريئة» للمجلس، «تتناقض بشكل مباشر، مع الهدف طويل الأمد»، الذي تعلنه المملكة العربية السعودية، والمتمثل بإعادة إرساء حكم هادي على مختلف مناطق اليمن، إلا أنه «لن يكون سهلاً حرف أنظار التحالف عن المكاسب التي حققها في الآونة الأخيرة ضد الحوثيين، بعد أشهر من المراوحة الميدانية». وزاد «ستراتفور»، «في الواقع، سوف تتقبل الرياض، وإن على مضض، سيطرة أحد شركائها على مدينة عدن، إلا أنها لن تتقبل بسهولة قيام (جمهورية) اليمن الجنوبي المستقلة». ومن هذا المنطلق، قد تعمل الرياض، المتمسكة ببقاء هادي، على استرضاء قادة المجلس عبر إجراء تغيير حكومي شامل، أو عبر استبدال بعض الوزراء، أو حتى رئيس الحكومة أحمد بن دغر نفسه، لا سيما وأنه لا يحظى بدعم كبير في المناطق الجنوبية. بدورهم، قد يعمد قادة المجلس إلى الركون للدعم الإماراتي من أجل الحصول على «أفضل صفقة ممكنة»، كأن يحصلوا على مقعد بارز في مجلس الوزراء، أو في أي من مفاصل حكومة الرئيس هادي، الذي يبدو عاجزاً بشكل شبه كامل، من دون دعم الرياض. 
وعن تصدع خارطة التحالفات في المشهد اليمني في الأشهر الأخيرة، إعتبر «ستراتفور» أن الانقسامات على ضفتي الصراع، باتت «أكثر جلاءً واتضاحاً»، متطرقاً إلى مشهد الصدام بين «أنصار الله»، وقوى موالية للرئيس علي عبد الله صالح، إثر مقتله في ديسمبر الفائت، مروراً بصراع هادي مع قادة «المجلس الانتقالي الجنوبي»، وصولاً إلى جهود الأخير لمحاربة حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، المحسوب على تيار «الإخوان المسلمين». 
وانطلاقاً من مشهد الاشتباكات الأخيرة في عدن، شدد الموقع على أن إحكام المجلس سيطرته على المدينة الجنوبية «يمنحه سيطرة على أكبر موانىء اليمن، وهو ميناء حيوي للإمدادات العسكرية لصالح التحالف»، ويجعله «شريكاً حاسماً في جهود الحرب ضد الحوثيين».
وفي ما يخص مستقبل الحرب ضد حركة «أنصار الله»، شدد «ستراتفور» على أن «التحالف»، «لا يحتاج إلى استعادة عدن» من أيدي «المجلس الانتقالي»، كون الأخير أكد على مواصلته الصراع ضد الجماعة، على وقع مناشدات الرئيس هادي وقف إطلاق النار، ومواصلة المعركة ضد «أنصار الله»، فيما يبدو «التحالف»، معنياً بـ«معالجة الأضرار الناجمة عن الاشتباكات»، بين قوات هادي و«الانتقالي»، و«التفاوض بشأن هدنة (بينهما) في أسرع وقت ممكن». 
ولفت الموقع إلى أن الإمارات العربية المتحدة، والقوى الموالية لها في اليمن، باتت مكلفة بمهمة إستعادة ميناء الحديدة، على السواحل الغربية لليمن، في وقت وافق حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، قبل أيام قليلة، وبعد طول تردد حيال المشاركة في العمليات العسكرية الهجومية الكبرى لـ «التحالف»، على الانضواء عسكرياً تحت لواء الأخير، بغية كسر الحصار عن مدينة تعز، وذلك بعدما هددت الصدامات «غير المتوقعة» في عدن، بعرقلة مسار الإمدادات العسكرية لقوات «التحالف» لجبهة تعز.
وفي محاولته استشراف آفاق المشهد اليمني بعد اشتباكات عدن، أكد «ستراتفور»، أنه «ومع انجلاء غبار (المعارك)، ستتوضح تبعات ما أقدم عليه المجلس الجنوبي الانتقالي بصورة أوفى»، مضيفاً أن «الهاجس الرئيسي، هو أن اختلافات وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، حيال المجلس، وكيفية التعامل معه، يمكن أن توجد افتراق بين الدولتين»، علماً بأنه «ليس لدى السعوديين الكثير ليجنوه جراء تشجيع الحراك الانفصالي الجنوبي، وقد جعلوا استعادة اليمن موحداً تحت حكم الرئيس هادي، هدفاً لهم». وإذا كانت المملكة العربية السعودية لا تبدي اهتماماً كبيراً بحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، فإنها تتشارك معه بقاء اليمن كدولة موحدة. أما الإمارات العربية المتحدة، التي بادرت إلى اتخاذ خطوات تصالحية حيال الحزب، من أجل تحقيق مكاسب ميدانية ضد «أنصار الله»، فإنها، وخلافاً للرياض، «تضمر دعم الانفصال» في الجنوب، من جهة، و«ستستعيد هواجسها القديمة» إزاء الحزب، فور تكريس تلك المكاسب على الأرض، من جهة أخرى، خصوصاً وأن أبو ظبي، عمدت في وقت سابق، وعبر حلفائها اليمنيين، إلى ملاحقة العناصر المحسوبة على الحزب في مدينة عدن، ومدن ساحلية أخرى. أما المجلس، فهو يبدو الطرف الرابح من مواجهات عدن، لأن التطورات الأخيرة جعلته يخرج بقدر أكبر من «النفوذ»، و«مساحات السيطرة»، و«المكانة العسكرية». ومع أن «التحالف» سوف يقف في وجه أي محاولات لانفصال جنوب اليمن على المدى القريب، إلا أن ذلك لن ينهي التحركات الرامية إلى الانفصال، إذ سيبقى «شبح اليمن الجنوبي مخيماً على البلاد، على مدى الأعوام المقبلة». 
أما عن ملف الحرب على الإرهاب، فقد أشار «ستراتفور» إلى أنه «كلما طال أمد الحرب، كلما زادت فرص التطرف»، حيث لا يزال تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، يعد «أقوى جماعة متشددة في اليمن»، على وقع سيطرته على أجزاء واسعة من جنوب البلاد، وهي مناطق «يصعب حكمها، حتى في أحسن الظروف». وحذر تقرير الموقع من أن انقسام دول «التحالف» في اليمن، يهدد ببقاء أجزاء كبيرة خارج إطار سيطرة الحكومة.

آخر الأخبار