بن لادن يُهاجم السعودية..تحوّل عمَلاني للقاعدة أم لعبة استخبارية؟

في منتصف شهر آب أغسطس 2016، أدلى حمزة بن لادن، نجل مؤسّس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، بموقف من الحُكم في المملكة العربية السعودية، ضمن تسجيل صوتي تكفّلت "السحاب"؛ إحدى الأذرع الإعلامية للتنظيم، بنشره ضمن سلسلة من عدّة أجزاء تحت عنوان "سيادة الأمم في انتفاضة أهل الحرَم".
وفي الجزء الأول من السلسلة، شنّ بن لادن الإبن حملة قاسية على السلطات السعودية، داعياً القبائل والعشائر للقيام عليها.
واصلت "السحاب" نشر الأجزاء الباقية من حملة بن لادن على السعودية، وصدر الجزء الثالث في نهاية العام 2017، وفيه تطرّق لـ"مكانة فلسطين عند (مؤسّس المملكة) عبد العزيز"، داعياً إلى الإطاحة بالنظام السعودي الذي "شكّل تحالفات استراتيجية مع الغرب على حساب الفلسطينيين ودولتهم". واعتبر بن لادن أن "المنهجية الثابتة التي اتخذها آل سعود تجاه فلسطين هي الاعتراف باستيلاء إسرائيل على معظمها وتسليم ما تبقّى لخوَنة مثل (رئيس السلطة الفلسطينية) محمود عباس".
قبل أيام، نشرت منصّات التنظيم الإعلامية الجزء الرابع من السلسلة، وفيها يستكمل بن لادن سرده لـ"خيانات ابن سعود للمسلمين" عبر اتفاقيات تاريخية في مطلع القرن وصولاً حتى عقد "معاهدة دارين" عام 1915 بين مؤسّس المملكة عبد العزيز آل سعود و "بيرسي كوكس" ممثل الحكومة البريطانية آنذاك والدبلوماسي الذي رسمَ شكل المنطقة العربية في تلك الفترة.
ويقرأ بن لادن في المعاهدة ليستدل بها على العلاقات "الودية" التي جمعت مؤسّس المملكة بالبريطانيين تاريخياً، مشيراً في تعليقاته إلى أن السعودية "أنهت ولاءها للأمّة الإسلامية" منذ تأسيسها وأن البنود التي تضمّنتها المعاهدة تُحكم سيطرة البريطانيين على الحُكم.
وبعد التفصيل في علاقة البريطانيين بـ"عبد العزيز" يستنتج بن لادن أن المؤسّس الأول للمملكة "جعل من نفسه مندوباً مطيعاً للقوّة الاستعمارية البريطانية، وعميلاً لها، وتنازل لها بكلّ ما يمكن التنازل عنه، مقابل أن يتلقّى منها المال والسّلاح، ليقاتل به حلفاء العثمانيين"، متسائلاً "هل يصح بعد كلّ هذا أن يكون قدوةً للأمّة الإسلامية؟".
وبعد اتفاقية "دارين"، يقول بن لادن إن "الدعم البريطاني أحد العوامل الرئيسية التي مكّنت ابن سعود من بسط سيطرته على معظم أنحاء البلاد، وجعلته يتفوّق على أقرانه أمراء المناطق الأخرى، إضافةً إلى عامل داخلي رئيسي آخر، كان له دور بارز في توسيع نفوذ عبد العزيز". 
عند هذه النقطة يُنهي حمزة بن لادن كلمته الرابعة معلناً أن الجزء الخامس منها سيتناول العوامل الداخلية الرئيسية التي ساعدت في إرساء الحُكم للعائلة المالِكة السعودية.
مواقف بن لادن تُعيد فتح ملف العلاقة بين القاعدة والسعودية التي تشهد تحوّلات جذرية اقتصادية وسياسية، ما يطرح علامات استفهام حول التوقيت: هل هو تمهيد لنشاط عملاني للقاعدة في المرحلة المقبلة أم أن الإفراج عن هذا "العداء" يصبّ في مصلحة السلطة السعودية؟
ومن اللافت أنه في وقتٍ ركزّ الإعلام فيه في الفترة السابقة على نشاط تنظيم القاعدة في سوريا وما رافقه من حديث حول توجّه حمزة بن لادن إلى الشمال السوري لإعادة هيكلة "التنظيم"، فإنّ مواقفه المنشورة لا تشير من قريب أو بعيد إلى سوريا، كما أنّ إعلان هذه المواقف على لسان بن لادن نفسه، لا أيمن الظواهري، يطرح علامات استفهام حول الاتجاهات الحالية في التنظيم.

 

(علي شهاب - الميادين نت)

آخر الأخبار