خاص | الخليج على أبواب يوم الحساب

اجتماع مجلس التعاون الخليجي  الذي اختتم منذ ايام، وتزامن معه تشكيل الإمارات والسعودية للجنة ثنائية مشتركة بينهما للتنسيق في القضايا العسكرية والاقتصادية، في خطوة يرى فيها بعض المحللين ضربة محتملة لوحدة مجلس التعاون، مع ارسال السعودية والامارات والبحرين لمندوبين عن الرؤساء والملوك والامراء، لهو إعلان كاشف لمستقبل العمل الخليجي ومعسكراته المرتقبة.
وكما كانت التوقعات بأن افق مجلس التعاون الخليجي بوضعه السابق قد أصبح مغلقاً وسط التطلعات الجديدة للسعودية والامارات، فإن البيان الختامي والذي شكل فجوة مع الواقع والمتمثل في مستوى تمثيل السعودية والامارات والبحرين، وكذلك في اقتصار عمل القمة على يوم واحد، يدل على أن الامور ليست بخير، وأن اللغة الإنشائية لازالت تشكل دفناً للرؤوس في الرمال.
أعقب ذلك الإعلان الصادم للرؤساء والملوك العرب جميعهم ومنهم بالطبع الخليجيين، وهو إعلان ترامب اعتراف امريكا بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي.
وشكلت البيانات الخليجية أيضا لغة خطابية إنشائية كغيرها من البيانات العربية، ولكن تظهر فجوة الهروب والتملص من الواجبات القومية في الخليج تحديدا بسبب حجم الارتباطات مع امريكا ولاسيما الاقتصادية، والدعم الذي تشكله اموال الخليج للاقتصاد الامريكي ناهيك عن الارتباطات العسكرية والدعم اللوجستي بالمنطقة.
خلت أيضاً البيانات من أي آليات للعمل أو تلويح بأي من أوراق ضغط، وكأنها بيانات عاتبة أو تحذيرات من فعل أطراف أخرى أحالت إليها الأنظار دول الخليج دون التلويح بأنها ستكون إحداها!
أتى ذلك كله متزامناً أيضاً مع أوضاع اليمن واستمرار العدوان ومحاولات إشعال حرب أهلية وقبلية بانقلاب وتقسيم للمعسكر المناهض للعدوان، وبعد أن تم إجهاض المخطط ولقي على عبدالله صالح حتفه ضحية فعلته واستجابته للمخطط الفتنوي، استمرت بيانات الإنشاء ذاتها في تشويه مقاومة العدوان وإحالة تهمة ما حل باليمن على أطراف أخرى وتحديداً إيران.
المحصّلة، أن المقاومة باليمن الهادفة الى الاستقلال ومناهضة التبعية لأي أطراف خارجية مستمرة، وأن القضية الفلسطينية في مرحلة تصفية دون حلول عربية أو خليجية إلا المناشدات المخزية والتي لا تبرئ الذمم لاعتبارات التعاون المستمر مع الامريكان ومؤخراً التقارب العلني مع الصهاينة، وكذلك هناك انقسام خليجي ولم يبعد الخليج كتلة واحدة.
هذا هو الأمر الواقع، واللافت أنه يقابل بتكبر وإنكار ومزيد من دفن الرؤوس في الرمال ومزيد من الإنشاء اللغوي المتناقض كلياً مع الواقع الدامغ.
وانعكاسات ذلك المتوقعة في المدى المنظور هو مزيد من التشرذم والانقسام على مستويين متوازيين، وهما المستوى الرسمي بين الدول وبعضها إلا بعض، والمستوى الشعبي بين الأنظمة وشعوبها.
كما أن اليمن والتي تحرّرت من قيود سياسية كانت تكبّل خياراتها للحفاظ على تحالف هش، أضحت متحرّرة من هذه القيود ويتوقع أن تزيد من استخدام خيارات استراتيجية ستعجل بهزيمة العدوان.
ناهيك عن ردود فعل شعبية غاضبة على ما وصلت إليه القضية الفلسطينية والتي تشكل كرة متدحرجة لا يستطيع أحد تحديد حجمها والتي سيكون لها انعكاسات شعبية ضخمة لن تخلو من تواتبعها المؤلمة دول الخليج والتي تكمن بها قنابل كثيرة موقوتة.
إنها لحظة استحقاق خليجية لسياسات تلاعبت بالنار وبالثوابت وخرقت كل الخطوط الحمر العربية والإسلامية، ويبدو أن الخليج لا يعتزم اتقاء شرّها!

راصد اليمن - خاص | 

إيهاب شوقي - صحافي مصري

آخر الأخبار