تحالف العدوان يدمّر آخر قصور صنعاء التاريخية

ستهدف طيران «التحالف» القصر الجمهوري في صنعاء، بثمان غارات عنيفة فجر الثلاثاء، دمرت القصر بشكل شبه كلي، ألحقها بغارة تاسعة دمّرت بوابة القصر التاريخي الذي يزيد عمره عن 200 عام، ليقضي على أحد أهم قصور صنعاء التاريخية.
يعد القصر الجمهوري الواقع في منطقة التحرير وسط صنعاء تحفة معمارية يمنية، وأحد المباني التاريخية التي تم بناؤها وفق الخصوصية اليمنية وبمواد بناء يمنية تقليدية. زخرف بطرق هندسية من الداخل وتم نقش أحجاره وعقوده التقليدية التي شيدت بأعجوبة لكبر حجمها.
للقصر عدة أبواب تاريخية كأبواب صنعاء القديمة، ومن أسماء بواباته «بوابة باب السباح» و«بوابة حي بئر العزب» ومن الغرب «بستان شارب».
قبل خمسين عاماً كانت تحيط بالقصر بساتين متعددة من الاتجاهات الأربعة، أما اليوم فيقع القصر الذي تغير اسمه بعد ثورة 26 سبتمبر 1962 من «دار الوصول» إلى «القصر الجمهوري»، في أحياء سكنية وتجارية.
يعد القصر آخر القصور الجمهورية اليمنية التي تستهدفها طائرات «التحالف» منذ 26 مارس 2015، ويأتي استهدافه ضمن مسلسل ممنهج من «التحالف» لاستهداف المباني والمنشآت التاريخية اليمنية.

 


شيّد القصر الجمهوري لأول مرة في عهد الحكم العثماني في اليمن قبل 200 عام، وتفيد المصادر التاريحية بأن القصر بناه أحد الحكام الأتراك ويدعى الباشا الوسيم التركي في عام 1873، إلا أنه عندما غادر اليمن باعه لأحد المشائخ بصنعاء ويدعى علي يحيى الهمداني.

شيّد القصر الجمهوري لأول مرة في عهد الحكم العثماني في اليمن قبل 200 عام


بعد الحرب العالمية الأولى نجح الإمام، يحيى حميد الدين، بطرد العثمانين وأجبرهم على الاعتراف به إماماً مستقلاً على شمال اليمن في التاسع من أكتوبر 1911، في ما يعرف بصلح دعان بين الإمام يحيى حميد الدين والحكومة العثمانية. في خمسينيات القرن الماضي اشترى الإمام أحمد حميد الدين، الذي خلف والده في الحكم عام 1948، القصر من الشيخ الهمداني بمبلغ 33 ألف ريال فرانصي (ماريا تريزا)، ونظراً لما يحتله القصر من موقع استراتيجي في قلب العاصمة أمر الإمام أحمد بهدم الدار السابق وبناء دار الوصول وخصصه لاستقبال كبار الضيوف.
بحسب المصادر التاريخية فإن مراحل بناء قصر الوصول سابقاً والقصر الجمهوري حالياً بدأت في العام 1955، وانتهت الأعمال في العام 1961. يقال بأن الإمام كلّف كلاً من القاضي علي عبدالله العمري وأحمد حزام الحزوره، وناصر الزوبه وعلي قاسم الأهنومي بالإشراف الميداني اليومي وعين السيد علي زبارة أميناً للصندوق لصرف أجور العمال على أن تصرّف كل يوم خميس من كل أسبوع، كما تم إنشاء ملاحق خاصة بالقصر من الجهتين الشمالية والغربية.

 


لم يكتب للإمام أحمد حميد الدين، أن يمارس الحكم من قصر الوصول كما أطلق عليه، بل كان مقراً لولي عهده البدر، يستقبل فيه كبار الضيوف، وبعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بنظام الإمامة في اليمن الشمالي وإعلان قيام دولة اليمن الجمهورية المستقلة، أعد القصر لاستقبال كبار الضيوف من ملوك ورؤساء وسفراء ووفود ومقراً للحكم.
وحين عاد الدكتور عبد الرحمن البيضاني، الذي شغل حينذاك منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة اليمنية ونائب رئيس الجمهورية، ألقى فيه أول خطاب هجومي ضد المملكة العربية السعودية، واتهمها بالتآمر على الثورة اليمنية والعمل على إجهاضها والوقوف ضد إرادة الشعب اليمني.
تم تطوير القصر وبناء عدد من الملاحق له في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، حيث كلف الحمدي، أحمد جابر عفيف، والمهندس عبدالله الشرفي، بالإشراف على بناء دار الضيافة غرب القصر الجمهوري، وفي ساحته الداخلية بالإضافة إلى جامع شمال القصر، ثم ألحقت ساحة بئر البهمه شرق القصر، وأضيفت إلى القصر الجمهوري إلى جوار البوابة الرئيسية الأولى بوابة باب شرارة بميدان التحرير.
وفي عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تم بناء نوب الحراسات حول القصر من كافة اتجاهاته وكذلك تجديد سور القصر.
باستهداف «التحالف» للقصر الجمهوري تكون صنعاء قد فقدت جوهرة تاريخية نفيسة من تاريخها العريق .

(رشيد الحداد - العربي)

آخر الأخبار