خاص | اليمن تُقتل مرتين

ابتليت اليمن بشر جار، يسعى في خرابها، ولا يألو جهدًا في سبيل تدميرها وتقطيع أوصالها، يراهن آل سعود على يمن ضعيف ممزق لاستمرار سيطرتهم في فضاء الجزيرة العربية، والاطمئنان من إلغاء أي تهديد من جارتهم الجنوبية.
حرب اليمن أو عاصفة سلمان وابنه، التي عدّها المراقبون أول تدخل عسكري سعودي سافر في الشأن اليمن لم تكن التدخل الأول، وطائرات آل سعود لم تقصف اليمن للمرة الأولى، والحقيقة الوحيدة التي خرجت من رحم الموت السعودي المحمول جوًا وبحرًا، هو أن مؤامراتهم على اليمن وأرض اليمن وشعبه لم تتوقف.
حرب آل سعود على اليمن تعود لتاريخ قيام دولتهم، وكانت الجيرة بينهما نقمة على اليمن، فسعى آل سعود إلى اقتطاع أجزاء من اليمن بداية من 1934، بحروب أو باتفاقيات استسلامية، لتأكل عسير ونجران وجازان، ولا تزال مستمرة في نهمها للأرض.
الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح، والذي عانى طويلًا من الضغوط السعودية، خلال فترة حكمه، ألقى بـ"صاروخ" على الجار المغتر بقوته، حين نشر نصوص مراسلات سرية بين فيصل بن عبدالعزيز، والرئيس الأمريكي لندون جونسون، قبيل نكسة حزيران 1967.
النصوص، وإن كان بعضها نُشر سابقًا، تعد مهمة نظرًا لأن من نشرها حاكم عربي، أطلع سابقًا على سياسات السعودية المدمرة للدول العربية، ويأتي نشرها في وقت تخوض بلاده حربًا ضروس ضد السلاح السعودي والحصار العربي الخانق، الذي يحمل زورًا عنوان الحلف الإسلامي.
الخطاب الرسمي الموجه من السعودية في ديسمبر ١٩٦٦، يطالب بضرورة دفع الكيان الصهيوني لعمل عسكري ضد مصر وعبدالناصر في سيناء، لإجبار مصر على الانسحاب من اليمن، باعتبار مصر عدو مشترك لأمريكا والصهاينة والسعودية.
كشف الخطاب عن أن السعودية دفعت الملايين لقبائل اليمن لمساندة الإمام ضد ثورة الشعب اليمني التي دعمها الجيش المصري، ولم تكتف بذلك بل دفعت لمرتزقة أجانب للقتال بجانب الملكيين.
الأهم في الخطاب هو الاعتراف بدخول طائرات الذخيرة الصهيونية من الأجواء السعودية لمساندتهم!!
الخطابات وإن كانت من ماضِ فات وقته، فأنها أفضل ما يُفسر به الواقع.
السعودية ومنذ نشأتها لم تفعل سوى أن كانت مخلبًا للاستعمار، من البريطانيين قديمًا، إلى الأمريكيين بعد الحرب العالمية الثانية، كانت المملكة على الدوام الخنجر في الظهر العربي، وتفننت في طعن كل مشروع وحدودي، يؤمن بربط المنطقة من باب مصالح الشعوب.
والمملكة التي خرجت إلى النور قبل إعلان الكيان الصهيوني بسنوات، تثبت كلما مر الزمن أن الوظيفة التي زرعهما الاستعمار من أجلها واحدة، حتى مع تغيير اللافتة، فضحايا المؤامرات السعودية والحروب الصهيونية من المسلمين، المسلمين فقط.
ولنتأمل ما خططه "فيصل" لصالح الأمريكيين والصهاينة:
"من كل ما تقدَّم يا سيادة الرئيس، ومما عرضناه بإيجاز، يتبيَّن لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعًا، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء إعلاميا وعسكريا فلن يأتي عام 1970 م كما قال الخبراء الأمريكان وعرشنا ومصالحنا المشتركة في الوجود، ولذلك فإنني أبارك ما سبق للخبراء الأمريكان في مملكتنا أن اقترحوه، لأتقدم بالاقتراحات التالية:
- أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية في مصر، لتضطرها بذلك، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه خلف القناة، ليحاول إعادة مطامع محمد علي وعبد الناصر في وحدة عربية، بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا في مملكتنا فحسب ، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول ( أرحموا شرير قوم ذل ) وكذلك لإتقاء أصوات إعلامهم المكروهة".
النصر لليمن.. وعاشت المقاومة العربية..

 

راصد اليمن - خاص | 

أحمد فؤاد - كاتب عربي مصري

آخر الأخبار