خاص | اليمن والدور المصري المعكوس

المشهد اليمني يراد له الجمود والتحجر على وضع مأساوي بهدف الاستسلام للعدوان السعودي والمدعوم بأغطية سياسية مخزية لكل الأطراف الداعمة وكذلك بصمت هو العار بعينه وهو الشهادة على افتقاد الذمم والضمائر وانها اصبحت سلعا قابلة للبيع والشراء، ناهيك عن الدعم الاستخباراتي والعسكري الامريكي والصهيوني.
كما يراد ايضا تحويل الاخبار المأساوية الى روتين يومي فيما عدا اخبار الدفاع اليمني عن النفس سواء بصد العدوان او الهجوم بالصواريخ والتي يراد لهذه الاخبار ان تكون بمثابة الصدمة الدولية والشاهد على التدخل الايراني المزعوم وكأن التدخل الامريكي والصهيوني العلني هو المعتاد وهو الواجب!
ولاتزال محاولات زرع الشقاق بين المعسكر المقاوم للعدوان عبر اخبار موهومة بالكلية او تضخيمات لاحداث اخرى من هنا او هناك وهو دأب استعماري معروف وشهير.
والشاهد ايضا انه لا يزال هناك رهان يمني على دور مصري وعلى فك الارتباط المصري السعودي المسئ لدور مصر وتاريخها، وقد تجسد ذلك في خطاب الرئيس السابق على عبد الله صالح الاخير وما تناوله حول الوثيقة الخطيرة التي سيكشفها والمتعلقة بالتآمر السعودي على مصر.
ومؤخرا، كشف موقع "المؤتمر نت" اليمني، الوثيقة التي وصفها علي عبد الله صالح بـ"الخطيرة"، التي وجهها الملك فيصل بن عبد العزيز إلى الرئيس الأمريكي جونسون عام 1966.
وجاء في الوثيقة توصيف للدور المصري في اليمن والمنطقة آنذاك بأنه "خطير ضد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية"، ونصح فيها الملك بمحاولة بذل الجهود وتوسيط الوسطاء للتقرب من مصر "لاتقاء شرها".
واقترح الملك بالوثيقة على الرئيس الأمريكي مجموعة من الحلول لإيقاف الحرب اليمنية آنذاك منها: تشكيل مجلس رئاسي ومجلس وزاري ومجلس شورى، بالإضافة إلى مرحلة انتقالية تشمل انسحاب القوات المصرية من اليمن ومن بعدها تتوقف السعودية عن دعم الملكيين في اليمن، ثم إجراء استفتاء شعبي حول طبيعة الحكم في اليمن.
وكان الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وعد في وقت سابق، بالكشف عن وثيقة وجهها العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز للرئيس الأمريكي عام 1966.
وأوضح علي عبد الله صالح أن الملك فيصل بعث برسالة إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، قال له فيها إن القوات المصرية لن تنسحب من اليمن إلا إذا تحركت إسرائيل لاحتلال غزة وسيناء والضفة الغربية.
وفي الواقع ان الوثيقة ليست جديدة على الاسماع الا ان الرسالة المبطنة من كشفها في هذا التوقيت هو مخاطبة لمصضر وضميرها وشعبها بأن نظام ال سعود دائم التآمر على دور مصر ولا يتورع عن التحريض عليها ما دامت تمارس دورها القيادي، كما ان هذا النظام اذا تقرب للمصريين فان الامر وراءه احتواء ووراءه تركيع وعزل وحجب عن ممارسة هذا الدور.
الوثيقة الاشهر والكاشفة بحق، هي ما تم تداولها والواردة في كتاب (عقود من الخيبات) للكاتب /حمدان حمدان، والوثيقة عبارة عن رسالة من الملك فيصل إلى الرئيس الأمريكى ليندون جونسون .
وهى وثيقة بتاريخ 27 ديسمبر1966 م، وتحمل رقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودى ،وفيها يقول الملك السعودى للرئيس الامريكي:
"من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس ، ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هى العدو الأكبر لنا جميعا ، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا ، فلن يأتى عام 1970 – كما قال الخبير فى إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا فى الوجود.
لذلك فأننى أبارك ، ما سبق للخبراء الأمريكان فى مملكتنا ، أن اقترحوه ، لأتقدم بالاقتراحات التالية:
-أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية فى مصر، لتضطرها بذلك ، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أى مصرى رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد على وعبد الناصر فى وحدة عربية ، بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا فى مملكتنا فحسب ، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها ، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول ( أرحموا شرير قوم ذل ) وكذلك لاتقاء أصواتهم الكريهة فى الإعلام.
 - سوريا هى الثانية التى لا يجب ألا تسلم من هذا الهجوم ، مع اقتطاع جزء من أراضيها ، كيلا تتفرغ هى الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر.
 - لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة ، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك ، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ، كما يسهل توطين الباقى فى الدول العربية.
 
 - نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازانى شمال العراق ، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أى حكم فى بغداد يريد أن ينادى بالوحدة العربية شمال مملكتنا فى أرض العراق سواء فى الحاضر أو المستقبل، علما بأننا بدأنا منذ العام الماضى (1965) بإمداد البرازانى بالمال و السلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا و إيران. –انتهى الاقتباس من الوثيقة-
والمتأمل في الوثيقة يرى تطابقها بشكل يكاد يكون حرفيا مع الاحداث الراهنة ومع مراعاة تغيرات المنطقة بالتركيز على المقاومة بعد انتهاء المد القومي العربي.
هل تستجيب مصر لرسائل اليمن لتنقذ نفسها والمنطقة من القيادة الخرقاء التي تصر السعودية على استلابها؟
انه امر مرهون بالارادة السياسية والرؤية الصائبة والتقدير الحكيم وقبل ذلك الوطنية المصرية والانتماء الصادق للعروبة والشرف.
ان دور مصر التاريخي يحتم عليها الاصطفاف مع اليمنيين الاحرار مثلما اصطفت دوما ضد الرجعية والتي تدعمها ال سعود والتي توصل حلفائها دوما لتحقيق مصالح الاستعمار، اما الدور المصري الحالي فهو دور مختطف معكوس.
المنطقة والاحداث ليست بحاجة لوثائق بقدر ما هي بحاجة لتأمل في الواقع.
ولا طريق امام اليمنيين الاحرار سوى الصمود والمقاومة والتي تفتت معسكر العدوان يوما بعد يوم لانه حلف تأسس على اسس واهية وقوده الحرب الخاطفة والتي فشلت وهو الان يعاني من الفشل حتى في العودة من الطريق الذي اتى منه.
الصبر والصمود وعدم الخضوع للفزاعات ومواصلة الهجوم هو السلاح الانجع والاسرع لتفتيت العدوان الغاشم.

 

راصد اليمن - خاص | 

إيهاب شوقي - صحافي مصري

 

آخر الأخبار