ذي إندبندنت: بريطانيا في اليمن... نفاق بدافع الجشع!

تناولت صحيفة «ذي إندبندنت» مواقف المملكة المتحدة إزاء الأزمتين السورية واليمنية، معتبرة أن سياسة لندن تنم عن «نفاق» واضح.
وكشفت الصحيفة البريطانية عن تناقض في تلك المواقف، قوامه لهجة متشددة حيال سياسة التجويع في سوريا، والاكتفاء بالتعبير عن القلق منها في حالة اليمن، وإجراء مكالمات «هادئة»، و«منخفضة النبرة» مع الجانب السعودي في هذا الخصوص. فوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الذي يعبّر عن استنكاره لما يسميه «تكتيكات التجويع أو الاستسلام» من جانب دمشق، «لا يتحدث بالطريقة عينها، حين يتعلق الأمر باليمن»، حيث تحظى سياسات الحصار، والتجويع بدعم عسكري، وديبلوماسي بريطاني.
ومن جملة الفوارق التي أشارت إليها الصحيفة بين أزمة اليمن، وأزمة سوريا، هي تمويل الجهات الأوروبية، والبريطانية المانحة للصحافيين، وناشطي المجتمع المدني في سوريا، وذلك بغية تزويد وسائل الإعلام العالمية بمواد توثيقية حول الصراع الدائر في البلاد، فيما لا يشهد اليمن غربية مماثلة، وهو «الأمر الذي ينبغي أن يتغير، بسبب الحاجة إلى أن تعرف صور (الضحايا اليمنيين) طريقها إلى الخارج، على نحو واسع، والتحايل على الحظر السعودي المفروض على الصحفيين الدوليين».
وزادت «ذي إندبندنت» أن «بريطانيا ترفض الإعتراف بأن إجراءات تضييق الخناق على شمال اليمن (من جانب التحالف)، يعد حصاراً»، خلافاً لما تقر به الجهات الإنسانية الفاعلة، وما تبرزه الأدلة الواضحة المتمثلة بصور بالأطفال الجوعى، الذين باتت تشكل صورهم مادة للأخبار المتداولة في أغلب الأحيان.
ورأت الصحيفة أن تلك السياسة البريطانية تنم عن «نفاق بدافع الجشع»، لافتة إلى رغبة بورصة لندن في الفوز بالطرح العام الأولي لنسبة من أسهم شركة «أرامكو»، بعد تقديمها ضمانات قروض للشركة السعودية بقيمة ملياري دولار، إلى جانب الاعتبارات التجارية التي تطبع أداء حكومة المملكة المتحدة حيال اليمن، مع ارتفاع مبيعات الأسلحة البريطانية للرياض منذ بدء الحرب في اليمن بنسبة 500 في المئة، وبقيمة تتجاوز 4.6 مليار جنيه إسترليني، مذكرة بما عبر عنه وزير الدفاع البريطاني السابق مايكل فالون حين قال إن «توجيه الانتقادات إلى المملكة العربية السعودية في البرلمان (البريطاني) لا يعد عاملاً مساعداً لتحقيق المزيد من مبيعات (الأسلحة)».
وحذرت «ذي إندبندنت» من أن ركون الاقتصاد البريطاني إلى الخدمات المالية، وصادرات الأسلحة يجعل من السياسة الخارجية لبريطانيا «عرضة لهذا النوع من الرشوة»، مضيفة أن تنويع البنية الاقتصادية للبلاد، وحده الكفيل بمعالجة هذا الأمر.
ولتوضيح آثار حصار «التحالف» على اليمن، قالت الصحيفة إن الاستيراد لا يعد مسألة مستحيلة بالمطلق، بل إن «الحصار السعودي يعمل على جعل عملية الاستيراد مكلفة، وصعبة، وتستغرق الكثير من الوقت، بحيث تجفف موارد المنظمات الإغاثية، دون أن يكون بمقدور اليمنيين المعدمين الحصول على الطعام». وبيّنت الصحيفة أن واردات الأغذية، والوقود، الضرورية للمستشفيات، ما تزال محظورة.
هذا، وفنّدت «ذي اندبندنت» مزاعم لندن لتبرير دعمها سياسة الرياض إزاء اليمن، مشيرة إلى أن التذرّع بـ«الدفاع عن النظام السياسي الشرعي في اليمن»، تارة، و«منع تهريب الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين الحوثيين» تارة أخرى، ينطوي على «كذبة»، داعية الديبلوماسية البريطانية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها من أجل التوصل إلى قرار أممي جديد بشأن اليمن. فالرئيس عبد ربه منصور هادي، القابع في العاصمة السعودية، يكتفي بإصدار «بيانات غير فاعلة» من مقر إقامته، دون أن يكون واضحاً ما إذا كانت عودته مرتبطة بخضوعه للإقامة الجبرية في المملكة العربية السعودية، أو بسبب مخاوف أمنية، على خلفية سيطرة قوات موالية للإمارات، مناهضة لهادي، على مناطق واسعة من البلاد.
أما بخصوص ذريعة مكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى «الحوثيين»، فقد ألمحت الصحيفة إلى عدم دقة تلك المزاعم، كون الجماعة التي تتلقى دعماً من إيران، تنطلق من دوافع سياسية محلية للتحرك ضد الرياض، موضحة أن قيام «التحالف السعودي» مؤخراً بحجب كافة شحنات المساعدة الأممية كشف أن حصار اليمن ليس بدافع مكافحة تهريب الأسلحة.
وختاماً، شددت «ذي إندبندنت» على ضرورة أن تقوم المملكة المتحدة بحملة واسعة، من أجل استصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي، في ما يخص اليمن. ودعت الصحيفة إلى أن يقر القرار العتيد بأن الرئيس هادي، لم يعد صاحب السلطة الشرعية، وبأنه، وداعميه من القوى الخارجية، ليس لهم أي حق في تشديد الحصار على المناطق الشمالية من اليمن.
واعتبرت الصحيفة أن الاكتفاء بالدعوة إلى حل سياسي، وتحقيق سلام في اليمن، لا يكفي، في وقت لا يتورّع فيه المجتمع الدولي عن انحيازه لأحد أطراف الأزمة، بما يحمله من«ميزة سياسية» لذلك الطرف، ومن «دفع لمواصلة القتال»، في إشارة إلى دعم الغرب للرياض.

 

(العربي)

آخر الأخبار