«فورين بوليسي»: حملة أمريكية ضد طهران لتغطية الحصار السعودي على اليمن

أفادت مجلة «فورين بوليسي» بأن البيت الأبيض يمارس ضغوطاً من أجل رفع السرية عن معلومات استخبارية تزعم وجود صلة لإيران بالهجوم الصاروخي الذي شنه »الحوثيون» على الرياض، وذلك في إطار مساعيها الرامية إلى إقناع شركاء واشنطن داخل الأمم المتحدة بدور طهران في «إذكاء الصراع» في اليمن.
ولفتت «فورين بوليسي»، في تقرير بعنوان: «في ظل التهديد الذي يمثله الحصار السعودي بتفشي المجاعة في اليمن... الولايات المتحدة تشير بأصابع الاتهام إلى إيران»، إلى أن جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية إلى «عزل إيران»، تأتي تزامناً مع ضغوط دولية متزايدة يواجهها «التحالف السعودي»، المدعوم أمريكياً، إثر تشديده إجراءات الحصار على الموانىء اليمنية، مشيرة إلى أن ذلك يعكس «اعترافاً مفاجئاً» من جانب ترامب، بأهمية الأمم المتحدة في «حشد الدعم الدولي» لسياساته إزاء طهران، من جهة، ومحاولة من جانب إداراته «لحرف الأنظار» عن الانتقادات الدولية للرياض، من جهة أخرى.

بروس ريدل: (الأمريكيون) يريدون تحويل الحديث بعيداً عن تجويع الأطفال باتجاه رجال إيران الأشرار


وبحسب ما أفاد به مسؤول أمريكي رفيع للمجلة، فإن المسؤولين الأمريكيين يقفون عند الهواجس «الدفاعية» للرياض، ويبدون تفهّمهم لقلق السعوديين من مسألة تهريب الأسلحة (إلى اليمن). وأضاف متسائلاً: «كيف يمكن للدول أن تستجيب حين تتعرّض عاصمتها للقصف بصاروخ باليستي؟». بروس ريدل، الضابط المتقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية، بدوره قال للمجلة: «إنهم (الأمريكيون) يريدون تحويل وجهة الحديث بعيداً عن تجويع الأطفال (اليمنيين) باتجاه رجال إيران الأشرار (في إشارة إلى جماعة أنصار الله)»، مبدياً تشكيكه حيال نجاح هذه المساعي.
عطفاً على ذلك، نقلت المجلة عن مصادر أمريكية مسؤولة، قولها إن منظمة الأمم المتحدة ناشدت المملكة العربية السعودية السماح لها بالحصول المزيد من المعلومات التقنية، واستقصاء المزيد من الأدلة عن الهجوم الصاروخي، وإشارة تلك المصادر إلى تردد الرياض، الحريصة على السرية، في هذا المجال، خشية «الاعتراف بوجود مواطن ضعف في دفاعاتها الصاروخية»، لا سيما وأن الكشف عن أشياء من هذا القبيل، «يعد أمراً جديداً»، وغير مسبوق، بالنسبة للسعوديين.
وذكرت «فورين بوليسي» أن الجهود الأمريكية لاتهام إيران بانتهاك القرارات الدولية حول اليمن، واجهت «انتكاسة» مطلع هذا الشهر، حين صرّحت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة بأنها «لم تحصل على أي دليل بشأن ضلوع إيران في تزويد المتمردين الحوثيين الشيعة داخل اليمن، بالصاروخ الذي تم إطلاقه» على العاصمة السعودية في الرابع من الشهر الجاري. وبحسب تقرير لجنة الأمم المتحدة، فإن الأدلة المتداولة لاتهام طهران «غير كافية»، كون الجيش اليمني يحتفظ بترسانة صاروخية تعود لفترة ما قبل الحرب، تضم صواريخ «سكود بي»، و«هواسونغ 6».
ومع ذلك، ثمة احتمال بوجود دور إيراني في برنامج الصواريخ لليمن. كذلك، لم يستبعد تقرير اللجنة الأممية فرضية «حصول اليمن على خدمات الدعم، والمشورة الفنية من قبل متخصصين أجانب في مجال الصواريخ»، أو أن تكون الصواريخ اليمنية «قد جرى إطالة أمدها» بمساعدة هؤلاء الخبراء، وذلك في ضوء اكتشاف محاولة لتهريب معدات إيرانية الصنع باتجاه اليمن، في وقت سابق.
وفي سياق متصل، أشار مسؤول أمريكي للمجلة إلى أن بقايا الصاروخ الذي استهدف الرياض، تحمل دلالات على كونه من صنع إيراني، كاشفاً عن صور تبرز أوجه الشبه في التصميم بين صاروخ «قيام»، والصاروخ الذي ضرب العاصمة السعودية، ومشدداً على تصميم أن ذلك الصاروخ «لا يشبه تصميم صاروخ سكود سي». وزاد المسؤول أن بلاده، وبالإضافة إلى «حطام الصاروخ»، تملك «معلومات استخبارية أخرى» تشي بوقوف إيران خلف ضرب الرياض بصاروخ باليستي. وأضاف أن واشنطن ستحرص على مشاركة تلك المعلومات الاستخبارية مع فريق الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن إيران التي تنفي ضلوعها بأحداث اليمن، تدرك أن «الحوثيين قد انتبهوا جيداً في الحلقات الدراسية العلمية»، في إشارة إلى أن نهج إيران قائم على نقل المعرفة، وخبرة تصنيع الصواريخ إلى اليمن، عوض تصديرها. وشدد المصدر الأمريكي المسؤول على أن هناك «أدلة أخرى» تشير إلى وجود يد لإيران في النزاع الدائر في اليمن، كاشفاً عن ضبط قارب تابع لـ «الحوثيين»، مزوّد بأجهزة كومبيوتر، وأجهزة ملاحية إيرانية المنشأ.
وزادت «فورين بوليسي» أن «الهدف الرئيسي» للإدارة الأمريكية، ينصب على «إقناع الخبراء الأمميين» المعنيين بانتهاك إيران لحظر تصدير الأسلحة (إلى اليمن)، وأن واشنطن تأمل أن يمهّد ذلك إلى «ضمان دعم الحلفاء الرئيسيين، بخاصة القوى الأوروبية»، التي توطّد علاقتها مع الجانب الإيراني، من أجل حثّهم على تبني «موقف أكثر صرامة» ضد إيران، مضيفة أن الولايات المتحدة تبدي اقتناعها بوجود صلة لطهران بالضربة الصاروخية الأخيرة على الرياض. وفي هذا الإطار، نقلت المجلة عن مسؤول أمريكي قوله إن «الأدلة المتداولة بشأن الهجوم الصاروخي الأخير، أثبتت خلاف ذلك»، مشدداً على أن المعلومات الاستخبارية التي سوف تكشف عنها واشنطن على هذا الصعيد، تمثل «فرصة لإظهار ما يقوم به الإيرانيون لحلفائنا الأوروبيين». فبحوزة واشنطن، «أدلة وافرة، تعود لأكثر من عام» على وجود دور لإيران في تزويد جماعة «الحوثيين» بالأسلحة، كما أن زعم الجماعة تصنيع الأسلحة، بقدراتها الذاتية، «لا يعد ذي صدقية»، وفق مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية.
وبمعزل عن الهجمات الصاروخية التي طاولت المملكة العربية السعودية، أوردت المجلة الأمريكية أن مسؤولي إدارة ترامب يزعمون قيام طهران بمساعدة «الحوثيين» على تطوير صواريخهم، ومدى دقتها، بخاصة الصواريخ سطح- سطح (المضادة للسفن).

آخر الأخبار