على مفترق طرق... هل اقترب الحل؟

أنصار الله يستعرضون مئات الأطقم العسكرية وآلاف المجندين بالقرب من محافظة تعز وسط البلاد. «التحالف» يستمر في ضرب بنك الأهداف نفسه منذ ثلاثة أعوام. وبين الإستعراض واستمرار الضربات، تتهاوى مبادرات، وتُفشل تسويات، وينزلق الموقف نحو مزيد من التعقيد.
نصيحة «الأزمات الدولية»
«مجموعة الأزمات الدولية» قالت، في آخر تقرير لها، إنه «حان الوقت لتجريد الحوار من طوق القرار 2216»؛ باعتبار أن بنوده التي وصفتها بـ«غير الموضوعية» تتجاوز وقائع الأرض، ومتطلبات بناء أرضية سائلة لمفاوضات جدية، يمكنها أن تفضي بعد ذلك إلى وقف دائم لإطلاق نار، يؤسس لحوار سياسي تُبحث فيه شروط ومتطلبات الحل النهائي.
موقف تزامن مع تداول أنباء على نطاق واسع عن مشروع تسوية سياسية يمنية تم بحثها خلال زيارة الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، إلى روسيا، وهو الأمر الذي نفته مواقع ووسائل إعلام قريبة من الكرملين. وبحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية فإن «زيارة العاهل السعودي تركزت في الجانب الإقتصادي وأولوية التنسيق بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بأسعار النفط».
ضغوط على السعودية
مع مشارفة حرب اليمن عامها الثالث، واستمرار سقوط ضحايا مدنيين جراء الغارات الجوية لـ«التحالف»، تتعرض السعودية لمزيد من الضغوط داخلياً وخارجياً. فعلى الصعيد الداخلي، بدأ التباعد بين مواقف مراكز القرار السعودي يتمظهر بشكل أكثر وضوحاً. قيادات في الجيش، وأمراء مقربون من «هيئة كبار العلماء» يدفعون باتجاه استمرار الحرب. وهذا الفريق يرى أن الحرب التي تشنها المملكة وحلفاؤها في اليمن هي «حرب مقدسة» هدفها الرئيس «استئصال الحوثيين وبتر ذراع المد الإيراني في المنطقة»، وأن من شأن التوصل إلى أي تسوية سياسية «إبقاء هذا الخطر، وشرعنة استمراره ووجوده كخطر قائم على الخاصرة الجنوبية للمملكة».
ويتطابق موقف هذا الفريق مع موقف إدارة الرئيس هادي، التي تعتبر أن التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب في اليمن سيفضي لا محالة إلى خروج هادي من السلطة، كشرط أساسي تضعه صنعاء على رأس أولوياتها. ولذلك، فقد سعى الفريقان إلى عرقلة مفاوضات الكويت عبر تعيين الجنرال علي محسن الأحمر كنائب للرئيس هادي، معتقدين أن هذه الخطوة كانت ستؤدي إلى نسف مشاورات الكويت.
ويرى الفريق نفسه أيضاً أن الحسم العسكري هو الطريق الوحيد لتحقيق أمن المملكة. يقول سلمان الدوسري، وهو كاتب سعودي: «هل يمكن أن تنتهي الحرب دون انتهاء أسبابها؟ بالطبع سيكون ضرباً من المستحيل أن تتوقف الحرب فجأة وأسبابها لا تزال مستمرة،»
وبحسب مصادر سياسية، تحدثت إلى «العربي»، فإن إقالة رئيس الوزراء السابق، خالد بحاح، كانت بدفع من ذلك الفريق، «بعد تمكن بحاح من إحراز تقدم ملحوظ في مسارات السلام، وبتشجيع دولي».
ويقابل فريق «الصقور» السعودي فريق سعودي آخر يتصدره وزير الخارجية عادل الجبير، وعدد من القيادات في وزارة الداخلية. يرى هؤلاء ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب في اليمن؛ باعتبار أن الحسم العسكري بات مكلفاً ومتعذراً حتى اليوم، على الرغم من مرور ثلاثة أعوام على انطلاق «عاصفة الحزم» دون حسم.
أزمة «التحالف»
ولا تقف عُقد «التحالف» عند مراوحة مواقف حلفائه العسكرية على الجبهات وخطوط التماس مكانها دون تقدم ملحوظ منذ أكثر من عامين، بل تتعداها إلى فشل الحكومة «الشرعية» في إدارة المناطق «المحررة»، وتأثير ذلك في مواقف القوى الدولية وثقتها بحكومة بن دغر. مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية قالت، في تقرير نشرته قبل أكثر من شهر يتحدث عن الوضع في اليمن، إن «سلطة الحكومة الشرعية، الضعيفة أو الغائبة بالفعل في أجزاء كثيرة من البلاد، قد تآكلت بشكل ملحوظ هذا العام». مضيفة أن «قدرة الحكومة الشرعية على إدارة المحافظات الثماني التي تسيطر عليها بشكل فعال باتت موضع شك».
وكانت الحكومة «الشرعية» أعلنت، نهاية العام الماضي، أنها صرفت مرتبات ما يزيد عن 200 ألف عسكري في مناطق سيطرتها. وبغض النظر عن مدى دقة تلك الكشوفات، إلا أنه من الواضح أن الحرب أوجدت قوة عسكرية بمواجهة الحوثيين وحلفائهم. ومع ذلك، تعاني هذه القوة من ثغر كبيرة تتمثل في أنها باتت تعبر عن تقسيم مناطقي وولاءات محلية، أكثر من كونها قوة تتبع مركزياً للحكومة «الشرعية»، فالقوات العسكرية والعديد من القادة السياسيين والمحليين في الجنوب يميلون إلى المطالبة بالانفصال، أو بإقليم مستقل ذاتياً على الأقل. وقد ألمح إلى ذلك المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في إحاطته الأخيرة عن الوضع في اليمن أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي.
وعلى المستوى الإقتصادي، فقد واصل الريال اليمني انهياره في بعدن مقابل العملات الأجنبية، ليصل إلى 400 ريال للدولار الواحد، على الرغم من الدعم الكبير الذي تقدمه دول «التحالف» لحكومة الرئيس هادي، فيما تمكنت حكومة الإنقاذ في صنعاء، عبر فرضها إجراءات اقتصادية صارمة، من الحفاظ على سعر صرف الريال ثابتاً بمستوى 388 ريالاً مقابل الدولار لأكثر من شهر.

 

(العربي)

آخر الأخبار