فاينانشال تايمز: فشل حرب بن سلمان وخطر انهيار الدولة

رأت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن تسارع وتيرة حرب اليمن «يأتي على ما تبقى داخل أفقر الدول العربية»، مشيرة إلى أن العالم لا يلتفت إلى حجم الكارثة (الإنسانية) داخل «البلد العريق»، على ضوء انشغاله بمعارك الظفر بـ«مكاسب جيوسياسية» في كل من سوريا والعراق.


ودقّت الصحيفة البريطانية ناقوس الخطر إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن، معتبرة أن «الوقت ينفد» أمام المجتمع الدولي لتدارك هذا الوضع «المروع»، مع انتشار وباء الكوليرا، ووقوف ثلث سكان اليمن على حافة المجاعة، فيما لامس عدد المدنيين الذين يعانون من نقص في التغذية وشح المياه الصالحة للشرب ما نسبته ثلثي سكان البلاد.


وأضافت «فاينانشال تايمز» أن الحملة الجوية التي تقودها السعودية في اليمن منذ العام 2015، تحت ذرائع تتصل بـ«ردع إيران» و«منع توسعها» في الشرق الأوسط، أسعدت القيادة الإيرانية، كون الرياض انطلقت من تقديرات «مغالية» لحجم ودور طهران هناك، إضافة إلى أن تلك الحرب فشلت في إعادة الرئيس اليمني الموالي للرياض إلى الحكم في صنعاء، على الرغم من الدعم الأمريكي.


ومع الالتفات إلى حجم الدمار الذي لحق بالبلاد جراء غارات «التحالف» التي واظبت على ضرب المستشفيات، والمدارس، والمساجد، والأسواق وغيرها من المواقع المدنية، أشارت الصحيفة إلى أن «تهوّر» ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، جزء من المشكلة داخل حدود الجار الجنوبي للمملكة العربية السعودية، في إشارة إلى وقوف نجل الملك «صاحب النفوذ» خلف قرار شن حرب اليمن، حيث يزخر سجل بيت الحكم في المملكة بـ«الكوارث» هناك.
 

وحاولت الصحيفة البريطانية لحظ أخطاء السياسة السعودية في اليمن، لافتة إلى أن حكام المملكة عمدوا إلى «تسخير ثرواتهم النفطية من أجل بث الفرقة بين الأطراف الفاعلة على الساحة اليمنية، من قبائل وشخصيات»، ضمن بلد يضج بالتناقضات الطائفية، والحركات الإنفصالية، وتتغير خارطة التحالفات (السياسية) فيه على الدوام. فالمملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من وجود العديد من الروابط المشتركة بينها وبين عدد من قبائل اليمن «لم تفعل شيئاً يذكر لمساعدة اليمنيين على بناء دولتهم»، وذلك لتركيزها على بناء المساجد الوهابية، عوض تمويل مشروعات البنى التحتية في اليمن، البلد الذي يعاني شحاً في كميات المياه الصالحة للشرب، ووفرة في كميات الأسلحة المتداولة بين مواطنيه في الوقت عينه، وفق «فاينانشال تايمز».


وفي دولة تشبه لعبة الحكم فيها «الرقص على رؤوس الثعابين»، وفق تعبير الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ذكرت الصحيفة بـ«رجل اليمن القوي» الذي حظي بدعم الرياض لنحو ثلاثة عقود، قبل أن يصطف ضدها في «(معسكر) أعدائه السابقين (أنصار الله)» إثر خروجه من الحكم خلال أحداث «الربيع العربي»، إذ باتت ترسانة الصواريخ التي سبق أن زودت المملكة العربية السعودية صالح بها، تستخدم ضد الأخيرة في الحرب الدائرة بينه وبين «أنصار الله»، من جهة، و«التحالف» الذي تتزعمه الرياض من جهة أخرى.


وفي ما يخص دور واشنطن في الأزمة اليمنية، رأت أن «تشجيع الإدارة الأمريكية الجديدة» لمواصلة الرياض حربها في اليمن، على أمل توظيف «الجهادية السنية» في الجهود الرامية إلى «عزل إيران الشيعية»، يتجاهل «عدم جدوى الحملة السعودية في اليمن» منذ مارس 2015، من جهة، فضلاً عن أن كونه ينطوي على احتمال «انهيار الدولة» اليمنية، من جهة أخرى. وبالعودة إلى غزو العراق في العام 2003، وما نجم عنه لناحية إذكاء التوترات الطائفية بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط، قالت «فاينانشال تايمز» إن واشنطن معنية اليوم بـ«تخفيض حدة بعض الحرائق الطائفية» التي أشعلتها في المنطقة، وذلك عبر الدفع قدماً بجهود تقديم الإغاثة الفورية لليمنيين، وتوفير حل «طويل الأمد» للأزمة في اليمن.


ختاماً، رأت الصحيفة أنه «حان الوقت لإنهاء هذه المغامرة المأساوية» الدائرة في اليمن، داعية الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، بوصفها الدول الموردة للأسلحة إلى السعودية والإمارات، إلى «تنسيق الجهود» من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى البلاد. أما روسيا، فهي مطالبة بمواكبة تلك الجهود إلى جانب حليفتها إيران. وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن جهود حل الأزمة اليمنية قد تتطلب وجود «قوات حفظ سلام دولية»، وتوفير «حزمة عالمية» من أجل تنمية اليمن، وإعادة إعماره، مضيفة أن ما يحتاجه اليمنيون اليوم، وقبل كل شيء، إنما هو «وضع حد لمأساتهم»، مع تشديدها على أنه «لا يجدر نسيانهم أكثر من ذلك».

آخر الأخبار