عيدية (التحالف) لليمن: عاصفة من الأزمات

لا جديد في أضحى هذه السنة في بلد منهك بالحرب ومثخن بالجراح كاليمن. فالحرب التي يشنها «التحالف العربي» بقيادة السعودية منذ ثلاث سنوات اغتالت فرحة العيد، وأتت على الأخضر واليابس وعلى كل شيء جميل في هذا القُطر العربي الذي يعيش ثلثا سكانه تحت خط الفقر. فقر ضاعفته الحروب الأهلية والأزمات السياسية والأنظمة الديكتاتورية الفاشلة والفاسدة، على مدى 60 عاماً منصرمة، منذ عهد الدولة الإشتراكية ذات الإرث اليساري في الجنوب، وحتى عهد النخب المتنفذة في الشمال إبان الوحدة اليمنية مطلع التسعينات، وهي الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في هذه البقعة الجغرافية الغنية بالموارد والثروات، والتي افتقدت حُسن الإدارة لانتشال واقع البلد نحو تنمية حقيقية ونهضة شاملة.


عاصفة «اللا حزم»
وفي زمن عاصفة «اللا حزم»، التي لم تمنح اليمن غير مزيد من المآسي والأزمات، شمالاً وجنوباً، لم يعد ثمة مساحة لـ«إعادة الأمل» التي يتشدق بها «عيال العاصفة»، كما يقول مواطنو المحافظات «المحررة» في الجنوب، والذين تترسخ لديهم، يوماً بعد يوم، قناعة سائدة بأن كلاً من «التحالف» و«الشرعية» هما السبب الرئيس في ما يعانونه من أزمات اقتصادية وخدماتية قاسية، في ظل تعمد الطرفين إطالة أمد الحرب وتسويف الحسم و التسوية إلى ما لا نهاية، وفقاً لأجندة سياسية غير برئية. 
وفي خضم هذا الواقع المأساوي، يستقبل الجنوبيون مناسبة عيد الأضحى المبارك في ظل ما تفرضه ظروف الحرب من أزمات على مستوى ارتفاع أسعار السلع الأساسية الناتج من تدهور العملة المحلية، علاوة على أزمات شح المشتقات النفطية المستمرة والمنظمة من قبل حكومة ما يسمى «الشرعية»، التي بات من الواضح انتهاجها سياسة إنتاج الأزمات التي يتم تعميمها على غالبية المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، بدءاً من عدن، ووصولاً إلى حضرموت والمهرة.


أزمة المعاشات
ومع حلول العيد الكبير، أضحت أزمة المعاشات تعصف بحياة الناس. فهي بلا شك الأكثر وطأة عليهم، ولكنها ليست الوحيدة، فإلى جانبها تشهد البلاد أزمات متتالية في الوقود والكهرباء والصحة والمياه والنظافة. وفي خضم هذا الوضع الصعب، يكابد الأهالي ويلات الوضع الأمني غير المستقر والخضات الأمنية المفتعلة.
إلى ذلك، يقضي عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين والأمنيين والعسكريين في محافظات الجنوب إجازة العيد من دون استلام رواتبهم الشهرية، خصوصاً في عدن والمحافظات المجاورة لها، لاسيما عقب إصرار الحكومة على تأخير صرف الرواتب بذرائع واهية، قبل أن تعدل عن تلك الممارسات مرغمة تحت الضغط الشعبي بتوجيه البنك المركزي في عدن بصرف المعاشات يوم الخميس قبل العيد بيوم واحد فقط، وهي مدة زمنية غير كافية إطلاقاً لإنجاز هذه المهمة، كما يقول مواطنون.
علاوة على ذلك، فإن متوسط مبلغ المعاش الشهري للموظفين، والذي يتراوح ما بين 140 إلى 150 دولاراً (55 - 50 ألف ريال يمني)، لا يكفي لسد رمق أسرة ذلك الموظف أو ذاك، ناهيك عن شراء الحد الأدنى من مستلزمات العيد، في حين أن قيمة راتب الموظف الواحد أصبحت اليوم توازي قيمة «كبش العيد»، الذي شهدت أسعاره ارتفاعاً خيالياً وصل إلى 60 ألف ريال يمني. 
 

«التحالف»
وفق المعطيات السالفة، لا يمكن فهم أو توصيف موقف «التحالف» في اليمن، السعودية والإمارات تحديداً، إلا في سياق موقف المتفرّج، الذي يعمد، بالتنسيق مع حكومة هادي، إلى توليد مزيد من الأزمات الداخلية التي أثقلت كاهل المواطن البسيط، في الوقت الذي بوسع تلك الدول التخفيف من واقع المعاناة المجتمعية والمعيشية الصعبة في البلاد، لاسيما في المحافظات «المحررة» التي تشهد تكثيفاً متزايداً لنشاط وحضور كل من الرياض و أبوظبي، اللتين تحرصان كل الحرص على تعزيز أدوارها العسكرية والاستخباراتية في المنطقة عبر بوابة اليمن، التي باتت مسرحاً لخوض حروب بالوكالة، في الوقت الذي لا تكترث فيه أي من تلك الدول للوضع الإنساني والأمني والاقتصادي والخدماتي الصعب الذي يعانيه المواطن اليمني، الضحية الأولى للحرب التي لم تضع أوزارها بعد.

(العربي)

آخر الأخبار